القوات العراقية تتريث في تحرير تكريت في انتظار وصول تعزيزات

بعد أن تمكنت من استعادة السيطرة على 30 في المائة من المدينة

جانب من المواجهة بين القوات الأمنية ومسلحي «داعش» في تكريت («الشرق الأوسط»)
جانب من المواجهة بين القوات الأمنية ومسلحي «داعش» في تكريت («الشرق الأوسط»)
TT

القوات العراقية تتريث في تحرير تكريت في انتظار وصول تعزيزات

جانب من المواجهة بين القوات الأمنية ومسلحي «داعش» في تكريت («الشرق الأوسط»)
جانب من المواجهة بين القوات الأمنية ومسلحي «داعش» في تكريت («الشرق الأوسط»)

بعد يومين من المعارك الدامية بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش على مشارف مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال العراق، قررت قيادة القوات المشتركة، المؤلفة من 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة والحشد الشعبي وأبناء العشائر، التريث في الهجوم في انتظار وصول تعزيزات عسكرية.
وقال الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد عمليات صلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات المشتركة «حققت تقدما كبيرا في عملية استعادة السيطرة على مدينة تكريت وصل إلى ما نسبته 30 في المائة». وأضاف الساعدي هناك تعزيزات عسكرية ستصل إلى تكريت قريبا وسنستأنف الهجوم على مسلحي التنظيم وتحرير المدينة في غضون أيام معدودات.
بدوره، أكد هادي العامري، قائد منظمة بدر والنائب في البرلمان، لـ«الشرق الأوسط»، أن النصر في معركة تحرير تكريت من دنس تنظيم داعش، ليس محل شك، لكننا في حاجة إلى الوقت. وأن مقاتلينا ليسوا في عجلة من أمرهم وهم يعملون على ضوء خطة مرسومة لهم يتبعونها بشكل حرفي. وأضاف العامري: «قد تتأجل معركة تحرير تكريت ليومين قادمين أو 3 وربما 4 ليس أكثر، لكننا سنحتفل جميعا بتحرير تكريت من الوجود الداعشي، وسننطلق منها إلى الأنبار والموصل للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي بالكامل وتحرير كل أراضي العراق».
من جهته، كشف رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، لـ«الشرق الأوسط»، أن نحو 1500 عنصر من «سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري، وصلت إلى تكريت وهي الآن تتهيأ للمشاركة في الهجوم الكاسح الذي ستشنه القوات العراقية للقضاء على مسلحي تنظيم داعش، مؤكدا أن هؤلاء المقاتلين سيعملون تحت إشراف القيادات الأمنية. وأشار الزاملي إلى أن «سرايا السلام» جلبت معها «مساعدات غذائية وإنسانية للعوائل في المناطق المحررة، وهذه رسالة واضحة تطمئن أهلنا بإننا منهم ولهم وهدفنا جميعا هو القضاء على هذا التنظيم الإرهابي المتطرف الذي أضر بالجميع».
من جهته، قال كريم النوري، القيادي في منظمة بدر والمتحدث باسم قوات الحشد الشعبي، إن «تكريت ستتحرر خلال 72 ساعة»، موضحا أن المتطرفين الذين ما زالوا متحصنين في مركز مدينة تكريت «مطوقون من كل الجهات». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية من قرية العوجة المجاورة لتكريت، أن عدد هؤلاء «هو بين 60 و70»، مشددا على أن إعلان «تحرير» المدينة لن يتم قبل إنجاز رفع العبوات الناسفة المقدر عددها بالآلاف، والمزروعة على جوانب الطرق وفي المنازل.
إلا أن ضابطا برتبة مقدم في فوج مكافحة الإرهاب، وهو أبرز أفواج النخبة العراقية، قدم تقديرات مختلفة بعض الشيء عن مسار العملية. وقال إن «المعارك في المدن صعبة بالنسبة للجيوش»، مقدرا أن عدد مسلحي «داعش» في تكريت أعلى من الأرقام التي قدمها المتحدث باسم الحشد الشعبي، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وبدأ مسلحو تنظيم داعش باستخدام آليات ثقيلة في عمليات انتحارية الغرض منها إيقاف تقدم القوات العراقية من المحاور الأربعة التي تنطلق منها الهجمات في عملية «لبيك يا رسول الله». وأعلن مصدر أمني قتل انتحاري كان يقود آلية مفخخة كما تم ضبط آلية أخرى مفخخة ومصفحة عد قتل الانتحاري الذي كان يقترب بها من نقطة أمنية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.