ضغوط على «حماس» لمحاكمة منفذي «تفجير المتنزه»

تحذير من سطوة التطرف على الحياة الاجتماعية والثقافية

بروفة أول فرقة روك فلسطينية في غزة الأسبوع الماضي (رويترز)
بروفة أول فرقة روك فلسطينية في غزة الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

ضغوط على «حماس» لمحاكمة منفذي «تفجير المتنزه»

بروفة أول فرقة روك فلسطينية في غزة الأسبوع الماضي (رويترز)
بروفة أول فرقة روك فلسطينية في غزة الأسبوع الماضي (رويترز)

توجَّهت عدة أحزاب وحركات حقوقية إلى حكومة حماس في قطاع غزة، مُطالِبة بالتحقيق الجدي في الانفجار الذي استهدف منتجعاً سياحياً، يوم الجمعة الماضي، محذرة من التساهل في الموضوع، لما قد يجلبه من سطوة للفكر المتطرّف على الحياة الاجتماعية والثقافية.
وقال «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، إن هذا التفجير يهدف إلى ترهيب المواطنين، وينبغي محاسبة أصحابه، وأعرب عن خشيته من أن «تستهدف حفلات أخرى من قبل مجهولين، وترهيب المواطنين بهدف منع إقامة حفلات مختلطة، وأن تتخذ مجموعات القانون باليد».
وكان مجهولون أقدموا، مساء الجمعة، على زرع جسم متفجر بجانب السور الشمالي الشرقي لمنتجع «بيانكو» السياحي الساحلي، في منطقة الواحة على شاطئ بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ومن ثم تفجيره، ما أدى إلى انهيار جزء من السور.
وقال أستاذ القانون العام المشارك في جامعة الأزهر محمد بشير، إن سلطة الأمر الواقع في غزة تتحمل مسؤولية مواجهة الفكر المتطرف الذي يزعزع أمن المواطنين. وأضاف في حديث إذاعي، أمس (الأحد)، إن التفجير يستدعي القلق الشديد، مؤكداً ضرورة أن تكون هناك إجراءات صريحة للبحث عن الجناة وتسليمهم للعدالة وعدم التستر عليهم.
من جهته، رفض أمين سر هيئة العمل الوطني في قطاع غزة محمود الزق، استهداف المنتجع السياحي، معتبراً أن ما حدث نهج إرهابي لا يمكن أن يحتمله شعبنا. وطالب المجتمع الفلسطيني ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية بالوقوف ضد هذه الممارسات، وعدم استخدام العنف الذي يمس المجتمع ككل.
وأدان «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، في بيان، ترهيب المواطنين باستهداف المنتجع السياحي (بيانكو)، الذي أُنشئ حديثاً على شاطئ البحر. وبحسب المركز، فقد باشرت الشرطة الفلسطينية التحقيق في الحادث، وقامت بما يلزم من تحقيق ومتابعة فور وقوع الحدث، مطالباً باتخاذ المقتضى القانوني لكل من يثبت تورطه في هذا العمل الإجرامي. ونقل المركز عن سهيل السقا مالك المنتجع، قوله إن «شخصاً عرّف عن نفسه، حضر في نحو الساعة السابعة والنصف، مساء يوم الأربعاء، للمنتجع، وطالب الموظفين بمنع حفل غنائي داخل المنتجع كان من المزمع إقامته مساء اليوم التالي. وأجلسه صاحب المنتجع مع ابنه أحمد، مدير المنتجع، الذي أخبره أن إدارة المنتجع حصلت على تصريح من قبل وزارة الداخلية لإقامة الحفل، وإن كان لديه مشكلة فليتوجه إلى وزارة الداخلية». وأضاف السقا أن «قوات الأمن، منذ لحظة التفجير، حضرت للمكان، وباشرت التحقيق في الحادث، وتابعت مجريات الأحداث، أولاً بأول، واعتقلت عدداً مِن المشتبه بهم».
ولفت إلى أنه بمجرد إعلان المنتجع، منذ أيام، عن موعد إقامة الحفل الغنائي، الخميس 5 أغسطس (آب)، بدأ عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالتحريض على الحفل، وطالبوا بعدم إقامته، بحجة أنه «مختلط» ويخالف العادات والدين، كما طالبوا بإغلاق المنتجع. ومن ثم قام الشخص ذاته، بكتابة منشور، في أعقاب تفجير المنتجع، أكد خلاله أنه حذَّر من إقامة الحفل الغنائي.
المنتجع هو مشروع استثماري حديث وخاص افتتح منتصف الشهر الماضي، وأُقيم على مساحة 12 دونماً، ويعمل به نحو 120 عاملاً، ولاقى رواجاً كبيراً منذ افتتاحه من قبل السكان من أنحاء قطاع غزة. لذا فقد شدد المركز على أهمية دعم مثل هذه المشاريع التي تساهم في دعم السياحة الداخلية، والارتقاء بالاقتصاد الفلسطيني، وخلق فرص عمل للشباب، والتخفيف من آثار الحصار. علماً بأن قطاع غزة يشهد إقامة حفلات غنائية مماثلة في أماكن مختلفة من قطاع غزة، بترخيص من وزارة الداخلية. المركز شدَّد على كل الجهود الرامية للحفاظ على الحريات العامة للمواطنين، وعدم السماح لأي جهة بتعكير الحياة المدنية، والتأكيد على مبدأ سيادة القانون، مطالباً وزارة الداخلية باتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية لمنع وقوع مثل هذه الحوادث.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».