«زلزال» رحيل ميسي يهز برشلونة... ولابورتا يلقي باللوم على لوائح الليغا الصارمة

رئيس النادي الكتالوني فشل في تنفيذ وعده بالإبقاء على نجم الفريق الأسطوري... وسان جيرمان المرشح الأبرز لضم الأرجنتيني

ميسي حصد 6 كرات ذهبية لأفضل لاعب بالعالم وهو في صفوف برشلونة... وفي الاطار لابورتا يعلن أمس نهاية قصة ميسي مع برشلونة (أ.ب)
ميسي حصد 6 كرات ذهبية لأفضل لاعب بالعالم وهو في صفوف برشلونة... وفي الاطار لابورتا يعلن أمس نهاية قصة ميسي مع برشلونة (أ.ب)
TT

«زلزال» رحيل ميسي يهز برشلونة... ولابورتا يلقي باللوم على لوائح الليغا الصارمة

ميسي حصد 6 كرات ذهبية لأفضل لاعب بالعالم وهو في صفوف برشلونة... وفي الاطار لابورتا يعلن أمس نهاية قصة ميسي مع برشلونة (أ.ب)
ميسي حصد 6 كرات ذهبية لأفضل لاعب بالعالم وهو في صفوف برشلونة... وفي الاطار لابورتا يعلن أمس نهاية قصة ميسي مع برشلونة (أ.ب)

لم يفلح خوان لابورتا في تنفيذ وعده الذي قطعه على نفسه قبل خمسة أشهر خلال حملته الانتخابية لرئاسة نادي برشلونة، بالإبقاء على أسطورة ناديه الأرجنتيني ليونيل ميسي بين جدران النادي الكتالوني، لتنتهي واحدة من أجمل القصص في عالم كرة القدم. لقد صحا جمهور برشلونة أمس، على وقع «زلزال» رحيل ميسي عن النادي بعد شراكة استمرت نحو 21 عاماً وكانت مثمرة بالألقاب المحلية والقارية والعالمية والجوائز الفردية التي جعلت من النجم الأرجنتيني أسطورة لا يضاهى.
وأقرّ لابورتا أمس، بأن تمديد عقد ميسي كان سيشكّل «مخاطر مالية» على النادي الكاتالوني الذي يرزح تحت ضائقة مالية تتجاوز المليار يورو، مؤكداً أنه قام «بما هو أفضل لمصلحة النادي». وقال لابورتا خلال مؤتمر صحافي: «لوائح الليغا الإسبانية المالية لم تدع لنا أي خيار سوى عدم تجديد عقد ليونيل ميسي، لقد اتفقنا على توقيع عقد جديد، لكن بالرجوع إلى القواعد المالية للاتحاد الإسباني واكتشاف أن رواتب فريقنا تمثل 110% من إيراداتنا الحالية وهو ما يعني أن النادي ينفق أكثر من المتوقع ودخل في مخاطرة مالية. كان علينا اتخاذ القرار الصعب، فالنادي أهم من أي شيء حتى من أفضل لاعب في العالم».
ويملك ميسي رابطاً حميماً مع مدينة برشلونة، حيث عاش فيها منذ عمر المراهقة وحيث وُلد أولاده الثلاثة. وقال في أبريل (نيسان) الماضي بعد قيادته فريقه إلى إحراز كأس إسبانيا: «إنه أمر مميز أن أكون قائداً للفريق الذي لعبت له طوال حياتي».
وكان ميسي قد توصل إلى اتفاق مع برشلونة للبقاء ضمن صفوفه في عقد جديد لمدة 5 أعوام مع القبول بتخفيض راتبه بنسبة 50% سنوياً. لكن من المتوقع أن تقلص قواعد اللعب المالي النظيف في الدوري الإسباني، حدَّ رواتب برشلونة إلى أقل من 200 مليون يورو هذا الموسم، ما دفع لابورتا إلى استنتاج أنهم غير قادرين على إتمام الصفقة.
وقال: «الوضع الذي ورثناه من الإدارة السابقة بقيادة جوسيب ماريا بارتوميو كان أسوأ كثيرا مما توقعناه، وفاتورة رواتب الرياضة تمثل 110% من دخل النادي، وليس لدينا هامش للرواتب. تضع القوانين التي أقرتها رابطة الدوري الإسباني قيوداً وليس لدينا الهامش للتحرك. كنا ندرك الوضع منذ وصولنا لكن الأرقام التي رأيناها أسوأ مما كنا نظن».
وانضم ميسي إلى برشلونة وعمره 13 عاماً وهو هداف النادي عبر العصور والأكثر مشاركة في المباريات، حيث أحرز 672 هدفاً في 778 مباراة بجميع المسابقات.
وكان لاعب منتخب الأرجنتين حراً وبإمكانه التفاوض للانتقال لأندية أخرى بعد انتهاء عقده في يونيو (حزيران)، إلا أن لابورتا وعد خلال حملته الانتخابية بتوقيع عقد جديد، كما أكد رئيس النادي الكاتالوني بعد وصوله إلى المنصب مراراً أن برشلونة توصل بالفعل لاتفاق طويل الأجل مع ميسي على أن يتم دفع الراتب على مدار خمسة أعوام. لكن بشكل مفاجئ عاد لابورتا ليعلن أن النادي ليس باستطاعته التوقيع على العقد الجديد وألقى باللوم على قواعد الليغا الصارمة، ورفضه المساومة بالموافقة على اقتراح رابطة الدوري بشأن استثمارات الأسهم الخاصة من شركة (سي في سي) من أجل الإبقاء على اللاعب الأرجنتيني.
وقال لابورتا إنه من أجل التوصل إلى طلبات رابطة الدوري كان يجب عليه الموافقة على عملية إعادة رهن النادي بشكل أساسي وهو ما كان سيؤثر على برشلونة لمدة 50 عاماً مقبلة من حيث حقوق البث التلفزيوني. وأوضح: «لا يمكن تعريض المؤسسة لخطر أكبر».
وواصل لابورتا: «قلت إننا سنفعل ما في وسعنا للإبقاء على ميسي في برشلونة في نطاق الوضع المالي للنادي، لقد توصلنا لاتفاق لكننا لم نستطع التوقيع الرسمي بسبب قواعد رابطة الليغا، وهو ما يعني أننا لا نستطيع تسجيل اللاعب إلا في حدود سقف الرواتب. لا أريد الاستمرار في الحديث عن الموقف الذي ورثناه وقرارات كارثية تم اتخاذها في الماضي، انتقلنا من سيئ إلى أسوأ». وأضاف: «أنا حزين، لكنني أعتقد أننا فعلنا ما هو أفضل لمصالح النادي، ميسي لديه عروض أخرى»، من دون أن يعلن هوية الأندية المهتمة بالتعاقد مع حامل الكرة الذهبية 6 مرات.
واتهم لابورتا الذي انتُخب مجدداً لرئاسة برشلونة في مارس (آذار) الماضي على خلفية الوعد الذي أطلقه بإبقاء ميسي في برشلونة، نظام اللعب المالي النظيف الذي وضعته رابطة الدوري الإسباني بمنعه من الوفاء بوعده. وقال: «الخميس فقط أدركنا أن الأمر قد انتهى. أجريت الحديث الأخير مع والد ليو، لا أريد منح آمال مزيفة للجماهير. لدى اللاعب عروض أخرى وهناك وقت محدد لانطلاق الموسم، كان علينا أن نحسم الموقف لأن اللاعب يحتاج أيضاً إلى الوقت من أجل تحديد خياراته».
وكان خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني (الليغا)، قد أشار في وقت سابق إلى أن برشلونة عليه تقليص فاتورة رواتب لاعبيه بشكل كبير للحفاظ على قائده ليونيل ميسي، وأنه لن يُظهر أي تساهل عندما يتعلق الأمر بالامتثال لقواعد الرقابة المالية.
ورداً على مطالب بالتساهل مع القواعد المالية لليغا خصوصاً بعد أن رفع الاتحاد الأوروبي القيود عن الأندية في قرار يراه البعض بمثابة إلغاء لقانون اللعب المالي النظيف، قال تيباس: «القواعد كما هي ويجب على الجميع الالتزام بها، من برشلونة إلى الكوركون (المنافس في الدرجة الثانية... الوسيلة الوحيدة لبرشلونة للاحتفاظ بقائده هي التخلص من بعض لاعبيه، إذا لم يرحل أي لاعب وتم تخفيض فاتورة الرواتب سيكون من المستحيل الإبقاء على ميسي».
ودفع النادي الكاتالوني غالياً ثمن تعاقدات فاشلة مع لاعبين مقابل مبالغ باهظة، منها البرازيلي فيليبي كوتينيو والمهاجمان الفرنسيان أنطوان غريزمان وعثمان ديمبيلي في صفقتين كلّفتا خزينة النادي قرابة 400 مليون يورو مجتمعتين. وفرضت الصعوبات المالية الضخمة التي يواجهها برشلونة عليه عدم التحرك بقوة في سوق الانتقالات والصفقات التي عقدها مؤخراً مع أمثال الهولندي ممفيس ديباي والأرجنتيني سيرخيو أغويرو والمدافع الإسباني إريك غارسيا كلها تمت بانتهاء عقود هؤلاء اللاعبين مع أنديتهم.
وبدأت رابطة الدوري الإسباني العمل بقواعد اللعب المالي النظيف في 2013 حيث حددت الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن لكل نادٍ إنفاقه على اللاعبين والطاقم التدريبي في كل موسم بما يتماشى مع إيراداته. وحقق برشلونة أعلى إيرادات في عالم كرة القدم طبقاً لقائمة الدوري المالية التي أصدرتها شركة «ديلويت» للمراجعات المالية هذا العام، رغم أن الإيرادات تراجعت بواقع 125 مليون يورو العام الماضي بسبب تداعيات جائحة «كوفيد - 19».
وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن برشلونة دخل في محادثات مع لاعبيه الأعلى أجراً مثل جيرار بيكيه وسيرجيو بوسكيتس وسيرجي روبرتو، من أجل تخفيض رواتبهم بواقع 40% مقابل تمديد عقودهم.
وكان برشلونة يحاول أيضاً بيع بعض لاعبيه الأعلى أجراً ومن بينهم غريزمان وديمبلي وكوتينيو وصمويل أومتيتي ومارتن بريثويت لكنه لم ينجح بعد في العثور على مشترين.
غير أن النادي، إلى جانب غريمه التقليدي ريال مدريد يوفنتوس الإسباني، ما زال يتشبث بخطط دوري السوبر الأوروبي بعد أن قضت محكمة بأن يوقف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الإجراءات التأديبية التي اتخذها بحق الأندية المؤسِّسة للمسابقة الانفصالية.

الوجهة المقبلة لميسي
ومن شأن التطور الصادم لأحد أبرز اللاعبين الذين أنجبتهم الملاعب الكروية على مر التاريخ، أن يقلب سوق الانتقالات رأساً على عقب قبل معرفة الوجهة المقبلة للأرجنتيني.
ويبقى معرفة الوجهة المستقبلية لميسي والأندية القادرة على الحصول على خدماته: هل سيكون مانشستر سيتي الإنجليزي حيث سيلتحق بمدربه السابق في برشلونة جوسيب غوارديولا، أو باريس سان جيرمان الفرنسي ليلعب تحت إشراف مواطنه المدرب ماوريسيو بوكيتينو، أو أي ناد آخر؟
عندما طلب اللاعب الأرجنتيني الرحيل عن برشلونة في صيف 2020 كان من المتوقع أن ينضم إلى مانشستر سيتي وغوارديولا، وحتى الشهر الماضي كان من الممكن أن يتحقق هذا الأمر لولا إشارات ميسي برغبته في البقاء بعد انتخاب لابورتا رئيساً جديداً للنادي الكتالوني.
لكن يبدو أن سيتي تجاوز الأمر بتعاقده مع صانع اللعب جاك غريليش مقابل 100 مليون جنيه إسترليني وإعطاء الأخير القميص رقم 10 الذي يرتديه ميسي دائماً سواء مع برشلونة أو منتخب الأرجنتين. وتشير وسائل إعلام إلى أن رغبة سيتي في ضم هاري كين مهاجم توتنهام هوتسبير، (مطلوب دفع 150 مليون إسترليني) يعني أن أبواب النادي الإنجليزي مغلقة أمام ميسي، لكن الإدارة الإماراتية المالكة لسيتي والتي تملك موارد غنية قد ترى التعاقد مع ميسي مجاناً فرصة لا يمكن إهدارها.
ويبدو باريس سان جيرمان الفرنسي هو المرشح الأبرز لضم النجم الأرجنتيني وهو من الأندية القليلة في العالم التي يمكنها تحمل الأجور الباهظة للاعبين. وارتبط ميسي بالانتقال إلى سان جيرمان منذ استحوذت «قطر للاستثمارات الرياضية» على النادي في 2011.
وفي وجود مواطنه بوكيتينو على رأس الجهاز الفني للفريق الفرنسي وزميله وصديقه المقرب البرازيلي نيمار وشريكٍ هجوميٍّ صاحب قدرات كبيرة مثل كيليان مبابي قد يشكّل ميسي القطعة المفقودة للنادي لتحقيق حلم التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا أخيراً. ومع بقاء تشيلسي ومانشستر يونايتد على لائحة الأندية التي من الممكن لها ضم الأرجنتيني والوفاء براتبه الكبير، تظل فكرة بقائه في برشلونة قائمة.
ويرى مراقبون أن إعلان لابورتا رحيل نجمه الأسطوري عن برشلونة ما هو إلا خدعة كبيرة للضغط على رابطة الدوري الإسباني. ويعتقد هؤلاء أن رحيل أفضل لاعب في العالم عن الدوري الإسباني سيسهم في إضعاف فرص الاستثمار بالمسابقة والترويج، خصوصاً بعد أن سبق وفقدت المسابقة النجم البرتغالي الكبير كريستيانو رونالدو المنتقل إلى يوفنتوس الإيطالي.


مقالات ذات صلة

راؤول أسينسيو... تألّق فتلقى أول استدعاء دولي

رياضة عالمية راؤول أسينسيو قلب دفاع ريال مدريد أحدث المنضمين إلى تشكيلة «لاروخا» (رويترز)

راؤول أسينسيو... تألّق فتلقى أول استدعاء دولي

استُدعي راؤول أسينسيو، قلب دفاع ريال مدريد، إلى تشكيلة إسبانيا الأولى لأول مرة، رغم التحقيق الجاري في مزاعم مشاركته شريطًا جنسيًا لقاصر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية يامال يحتفل أمس مع زملائه بفوز برشلونة (رويترز)

يامال: كنت أفكر في التسجيل وليس التمرير لرافينيا

أشاد معلّقون «بتمريرة مُذهلة» قدّمها يامين يامال لزميله رافينيا ليفتتح التسجيل في فوز برشلونة 3-1 على بنفيكا، في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، أمس الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتليتيكو مدريد (د.ب.أ)

سيميوني: أثق في تجاوز الريال... وأتطلع لنهائي دوري الأبطال

يشعر دييغو سيميوني، مدرب أتليتيكو مدريد، بثقة كاملة في قدرة لاعبيه على تعويض تأخره بهدف واحد أمام ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية أوريلين تشواميني لاعب وسط ريال مدريد (رويترز)

تشواميني: لن نلعب على التعادل في معقل أتلتيكو

رفع أوريلين تشواميني، لاعب وسط ريال مدريد، راية التحدي قبل مواجهة أتلتيكو مدريد في ديربي العاصمة الإسبانية بإياب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية كيليان مبابي مهاجم ريال مدريد (رويترز)

مبابي يغيب عن التدريبات الجماعية قبل مواجهة أتلتيكو

غاب النجم الهجومي الفرنسي لريال مدريد الإسباني كيليان مبابي، عن التدريبات الجماعية، الثلاثاء، قبل مواجهة الديربي أمام أتلتيكو.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.