عودة سيف الإسلام القذافي تخلط أوراق الانتخابات الليبية

روسيا تراهن عليه من منطلق «منع الإقصاء»

جانب من اجتماع «ملتقى الحوار السياسي» الليبي بسويسرا في 3 يوليو (البعثة الأممية)
جانب من اجتماع «ملتقى الحوار السياسي» الليبي بسويسرا في 3 يوليو (البعثة الأممية)
TT

عودة سيف الإسلام القذافي تخلط أوراق الانتخابات الليبية

جانب من اجتماع «ملتقى الحوار السياسي» الليبي بسويسرا في 3 يوليو (البعثة الأممية)
جانب من اجتماع «ملتقى الحوار السياسي» الليبي بسويسرا في 3 يوليو (البعثة الأممية)

محاطاً بمسلحين، كان يتكئ سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي على مقعد متواضع فور القبض عليه عقب اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011. وهو ينظر في كفه اليمنى مضمدة بشاش أبيض؛ وقد بدا مكتئباً مندهشاً غاضباً. أما الآن، بعد نحو 10 سنوات، فقد أطلّ الرجل الذي كسا الشيب لحيته، على الليبيين وهو يجلس على كرسي وثير يلفه الغموض يحكي لهم قصته، ويروي أين كان، في ظهور من شأنه إعادة ترتيب التحالفات السياسية ثانية، ما قد يفتح الباب أمام صراع جديد لا يخلو من تعقيدات.
ما بين تاريخ اعتقال سيف القذافي قبل عقد من الزمان في بلدة أوباري (جنوب ليبيا) قُبيل لجوئه إلى دولة النيجر، وظهوره عبر مقابلة صحافية في مدينة الزنتان (جنوب غربي طرابلس)، جرت في نهر الحرب والسياسة مياه كثيرة، وانقسمت ليبيا إلى معسكرين. ومع الحديث عن قرب انتخابات رئاسية محتملة أعلن «الأسير المختفي» رغبته في «العودة التدريجية لاستعادة ليبيا»، بعكس رغبة خصومه المتنفذين في المشهد راهناً، لتبدأ مرحلة من خلط الأوراق وتزداد البلاد الجريحة ارتباكاً.
ارتفعت معنويات أنصار النظام الليبي السابق بإطلالة سيف الإسلام القذافي، الذي يلقبه بعضهم بـ«مانديلا ليبيا». إذ اعتبرها هؤلاء «شيئاً إيجابياً»، وحدثاً بدّد هواجس مقتله، في حين ذهب متابعون إلى القول إن ظهور نجل القذافي من شأنه تفكيك المشهد السياسي. ومن ثم، إعادة طرحه كـ«خيار ثالث» بين المعسكر الشرقي بقيادة المشير خلفية حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني الليبي»، والمعسكر الغربي الذي قد يفرز شخصية مدنية، في وجود منافسين محتملين آخرين مثل فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق، الذي اعتزم الترشح في الاستحقاقات المرتقبة.
- دعم قبائلي
وعلى الرغم من مقتل العقيد معمر القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، وتغييب نجله سيف عن الأنظار، لم يفقد أنصاره الأمل في عودة الابن إلى الساحة. وفي حديث إلى «الشرق الأوسط» يقول أحد قادة النظام السابق: «لم نكن في حاجة إلى مقالة الصحيفة الأميركية المكذوبة لتؤكد لنا أن الدكتور سيف على قيد الحياة... كنا نعلم أنه حر، لكنه كان ينتظر التوقيت الذي يعلن فيه عودته لاستعادة بلده، وقد أتى»!
حالة الثقة هذه التي عبّر عنها القيادي بالنظام السابق وجدت صداها لدى قطاع عريض من القبائل والمدن الليبية التي ما تزال تدين بالولاء لعهد القذافي، من مدينة بني وليد (شمال غربي البلاد)، إلى مدينة غات على مشارف الحدود مع الجزائر، إذ تعهد «المجلس الاجتماعي لقبائل الحزام الأخضر» بالاصطفاف خلف سيف الإسلام، ومساندته في المرحلة المقبلة «بغضّ النظر عن أي عوائق قد تعترض طريق ترشحه».
وخاطب «المجلس الاجتماعي» سيف الإسلام بالقول إن «الشرفاء والأحرار الذين يحبون القائد الرمز معمر القذافي، في مناطق الحزام الأخضر معكم بأصواتهم في صناديق الاقتراع، من أجل بناء مشروع ليبيا الغد والخروج من هذا النفق المظلم». والأجواء التي نقلها «المجلس الاجتماعي لقبائل الحزام الأخضر» تكاد تكون مماثلة لما عكسته مدن ومناطق لا تزال تحتفل إلى اليوم بذكرى «ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)»، وترفع الرايات الخضراء في كل مناسبة، إشارة إلى حقبة الرئيس الراحل.
- محاكمة وحكم وإفراج
جدير بالذكر، أنه في نهاية يوليو (تموز) عام 2015 قضت محكمة استئناف طرابلس (دائرة الجنايات) في وسط العاصمة طرابلس بالإعدام رمياً بالرصاص على سيف الإسلام، و8 من المقربين من النظام السابق. إلا أن «كتيبة أبي بكر الصديق»، بمدينة الزنتان (170 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس) أطلقت سراحه يوم 11 يونيو (حزيران) 2017. وقالت حينذاك إنها «أطلقت سراحه بناءً على طلب من حكومة عبد الله الثني المؤقتة بشرق البلاد». ومع أن سيف الإسلام لم يُشاهَد في أي مكان عام منذ اعتقاله وهو في طريقه إلى النيجر وإطلاق سراحه من قبل الكتيبة، فإن بعض الأشخاص القريبين منه أبقوا على وجوده في المشهد السياسي من خلال التحدث باسمه، أو إصدار بيانات منسوبة له، تدفع به إلى الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وللعلم، لا تزال المحكمة الجنائية الدولية تتمسك بتسليم سيف الإسلام لمحاكمته على ما سمته ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» أبان محاولة والده قمع المتظاهرين ضد حكمه أثناء اندلاع أحداث 17 فبراير.
- عوائق قانونية
تغيرات المشهد العام في ليبيا على مدار السنتين الماضيتين بدّلت قناعات وفتحت شهية مغمورين للمنافسة في «الماراثون» الانتخابي المرتقب، ومن كان لا يجد غضاضة قبلاً في ممارسة سيف الإسلام لحقه الدستوري في الترشح على هذا المنصب بات اليوم يرى ضرورة إبراء ذمته أولاً أمام «الجنائية الدولية». لذا أخذت الأسئلة تتوالى حول حق نجل القذافي في الترشح لرئاسة ليبيا، وهنا يقول الصحافي الليبي مصطفى الفيتوري، الذي حضر محاكمة سيف الإسلام مراقباً مستقلاً بالمحكمة الجنائية الدولية: «لا أعلم إن كان سيف سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة أم لا، لكن لا شك أن أغلب مَن في المشهد الآن يخشون ظهوره، وهذا ما تجلى على إثر المقابلة الأخيرة مع (النيويورك تايمز)...».
ومضى الفيتوري يقول في حديثه إلى «الشرق الأوسط» موضحاً: «لا شك عندي أيضاً أن المعركة الآن تتركز حول أفضل السبل القانونية لمنعه من الترشح... وفي اعتقادي أنه لن يترشح لأن الانتخابات المقبلة لن تنهي المرحلة الانتقالية، ولذا أنصحه ومؤيديه بالتركيز على البرلمان، لأن أي رئيس مقبل سيكون محدود الصلاحيات والسلطات، ودوره سيكون احتفالياً شكلياً ليس إلا».
أيضاً ذهب أنصار النظام السابق إلى القول إن ظهور سيف بعدما اقتنع كثير بوفاته، أربك حسابات الساسة المسيطرين على المشهد العام. ورأوا أن مجلس النواب الذي يناقش قانون الانتخابات الآن يسعى لقطع الطريق على ترشح نجل القذافي بفرض شروط بعضها تعجيزية، متعللين بقول المستشار عقيلة صالح رئيس المجلس إنه «لا يحق لأي شخص محكوم عليه من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية الترشح لرئاسة الدولة الليبية».
هذا، وسبق لصالح القول قبل سنتين رداً على تساؤلات صحافية: «يحق لسيف القذافي الترشح لانتخابات الرئاسة، إذا لم يكن هناك مانع قضائي يحول دون ذلك». بيد أن مجلس النواب اشترط في مناقشة قانون الانتخابات ضرورة تزكية 20 نائباً للمترشح للرئاسة، وهو ما نظر إليه الفيتوري على أنه «محاولة أخرى لاحتكار حق الترشح بحجة تقليل عدد المتنافسين، وهذا من شأنه فتح باب الرشوة».
- «السجين والسجّان»
سيف القذافي، الذي ظل حبيس كهف وسط صحراء الزنتان حتى عام 2014، يقيم حالياً في فيلا فخمة من طابقين داخل مجمع مغلق بالمدينة. ولقد ظهر معتمراً عمامة سوداء ومرتدياً عباءة مطرزة بخيوط مذهبة، ليقول إن المتمردين الذي أسروه «أدركواً أخيراً أنه قد يكون حليفاً قوياً». ومن ثم قال إن السياسيين الليبيين الذين تعاقبوا على البلاد «لم يجلبوا إلا البؤس. حان الوقت للعودة إلى الماضي. البلد جاثٍ على ركبتيه، لا مال ولا أمن، لا توجد حياة هنا»!
وأمام هذه الدعوة، التي وصفها البعض - وخصوصاً في غرب ليبيا - عودة إلى الماضي، ينظر مراقبون إلى أنه في حال ما تمكن الفرقاء السياسيون من الانتهاء من إعداد قانون للانتخاب، بما يسمح لنجل القذافي بالترشح «فستكون ليبيا أمام مرحلة ملتهبة، ومعركة حامية... حتى إذ فشل سيف فيها فإنه سيكون رقماً صعباً في الآتي من الأيام».
أيضاً، رأى محلل سياسي كبير من مدينة مصراتة أن الصحيفة الأميركية حاولت استخدام سيف القذافي للترويج لبعض المرشحين المحتملين، مثل باشاغا، وربما الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي، لكنه قال إن ظهور سيف «يبقى زلزالاً سياسياً من العيار الثقيل». ورصد المحلل السياسي أن «ردود الأفعال الواسعة في ليبيا لحديث سيف كشفت عن شعبية واسعة، وأنه منافس حقيقي، وهو ما دفع كثيراً من القوى السياسية بإعلان مواقف متشددة ضد ترشحه، في تناقض واضح مع البيانات والخطابات التي يصدرونها حول التداول السلمي على السلطة ومدنية الدولة».
في المقابل، أضعفت رصيد القذافي الابن، وجمعت ضده «الثوار» وخصوم الماضي، «اللغة» التي نقلتها الصحيفة عن سيف بحديثه عن مقتل سجناء معتقل أبو سليم الـ1200 عام 1996. بقوله إن «معظم الليبيين يعتقدون أن النظام كان متساهلاً جداً معهم، وإنه كان ينبغي قتل جميع السجناء».
- الرهان الروسي
من جهة ثانية، ليبيون كثيرون يرون أن سيف الإسلام، الذي لمح إلى خوض الانتخابات المقبلة، لديه فرصة ذهبية للاستفادة من الدعم الروسي له. فموسكو، تخلت عن دورها المتأرجح في ليبيا وراحت قبل 4 سنوات تفتح قنوات اتصال مع نجل القذافي «الأسير». وهي تدفع بقوة لإعادته للمشهد السياسي، وهذا ما أكد عليه ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي في تصريح قال فيه: «ينبغي أن يلعب سيف دوراً في المشهد السياسي الليبي، من قبيل عدم عزل أحد أو إقصائه عن أداء دور سياسي بناء».
منذ ذلك المنعطف، دخلت موسكو من ملف قصية سيف، وأبقت على اسمه حاضراً في غالبية لقاءات مسؤوليها، بل إنها استقبلت مندوبين عنه. وسبق لمحمد القيلوشي، عضو فريق العمل السياسي لسيف، القول لـ«الشرق الأوسط»، من موسكو، إنهم سلموا رسالة من سيف القذافي إلى الخارجية الروسية، وكان في استقبالهم بوغدانوف. كذلك أوضح القيلوشي أن رسالة سيف القذافي تؤكد على ضرورة أن «يبحث الليبيون أمورهم بأنفسهم، من دون إقصاء أو تمييز، لتحديد مصيرهم من خلال مصالحة شاملة، والترتيب للانتخابات المقبلة».
- تفكيك جبهات
في المقابل، يقلل مراقبون من قدرة سيف الإسلام، إذا ما سُمح له بخوض الانتخابات، على حسمها لمصلحته في ظل تشظي المشهد العام، وانقسامات حادة بين سيطرة «الجيش الوطني الليبي» على مناطق شرق البلاد، في مقابل غربها الذي يقتسمه متنافسون محتملون. لكن هذا الواقع لم يمنع أحد مشايخ قبيلة القذاذفة من القول لـ«الشرق الأوسط» معلقاً: «الواقع مغاير تماماً... فأنصار النظام السابق منتشرون في كل ربوع ليبيا وخارجها من مشرقها إلى غربها وجنوبها، وجميعهم ينتظرون عودة الدكتور سيف التي ستكون قريبة جداً، وفي هذا اليوم سنُري الجميع من أنفسنا خيراً».
وأضاف الشيخ القبلي أنه في حال توحّد كل محبي القائد الراحل وأنصاره، وإحجامهم عن المقاطعة، «سنتمكن من إحداث تغيير في معادلة الانتخابات»، لكني «أتوقع ألا تجرى (أي الانتخابات) لأسباب كثيرة، وهو ما سيفتح الباب لصراع مرير على السلطة».
وهنا عبّرت الدكتورة ربيعة أبوراص، عضو مجلس النواب عن دائرة حي الأندلس بطرابلس الكبرى، عن اعتقادها بأن خروج سيف الإسلام، في هذا الوقت «شيء إيجابي» والبلاد تتقدم نحو الاستقرار. وبالتالي لا بد في هذه المرحلة من «إدارة الصراع بشكل واضح بين الأطراف الليبية الرئيسية المتحكمة في قواعد اللعبة الأمنية والسياسية والمالية والاجتماعية». ووضعت أبوراص تصوراً لمعالجة الواقع الراهن عبر «الحوار المباشر والاتفاق على الخطوط العريضة للتعايش الذي يحدد موقع كل طرف ودوره، والابتعاد عن أسلوب الكوميديا السوداء في التعاطي مع القضايا الجوهرية التي تمس حياتنا بشكل مباشر، وتؤثر عليها».
والحال راهناً، أن ليبيا تقف أمام مفترق طرق، «كل يتحسس مسدسه» انتظاراً للحظة المرتقبة لإجراء الانتخابات، التي لم يتبق عليها إلا نحو 138 يوماً، في حين ما زال المتحاربون متمترسين على جبهات الاقتتال في محور سرت - الجفرة، وكل منهم يسعى للدفاع عن «مكتسبات» تحققت طوال 10 سنوات، بينما يبحث أنصار القذافي عن فرصة ثانية للحكم، عبر مسار ديمقراطي، يرونها قد اقتربت!
- الانتخابات الليبية... رهان «الفرصة الأخيرة»
> تسابق البعثة الأممية لدى ليبيا الزمن لدفع الفرقاء السياسيين إلى استثمار «الفرصة الأخيرة» لإنجاز «القاعدة الدستورية» التي ستجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والنيابية المرتقبة، يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. لكن منذ الإعلان عن انتخاب السلطة التنفيذية في اجتماعات جنيف، قبل 6 أشهر، لم يطرأ جديد يؤشر على الوصول إلى نقطة توافق. وهذه أهم محطاته خلال العام الحالي فقط...
> 5 فبراير (شباط)، أعلنت مندوبة الأمم المتحدة إلى ليبيا بـ«الإنابة» ستيفاني ويليامز، انتخاب محمد يونس المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيساً لحكومة «الوحدة الوطنية».
> 20 مايو (أيار)، أكد بيان لمجموعة العمل السياسية للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا على أن إجراء الانتخابات الوطنية في الموعد المحدد، ما يزال يتصدر سلم الأولويات بغية استكمال المرحلة التحضيرية في ليبيا والتحول الديمقراطي على النحو المتفق عليه في «خريطة الطريق» التي أقرها «ملتقى الحوار السياسي» الليبي.
> 21 مايو، المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش، يقدم إحاطته أمام مجلس الأمن، مؤكداً فيها على أن المهمة الحاسمة للسلطات والمؤسسات الليبية تتمثل في ضمان إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية على النحو المنصوص عليه في خريطة الطريق، منوهاً إلى وجود تحسّن في الوضع الأمني بشكل كبير، رغم وقوع اشتباكات من وقت لآخر بين مختلف المجموعات المسلحة المتنافسة.
> 27 مايو، كوبيش يعلن انتهاء الاجتماع الافتراضي لـ«ملتقى الحوار السياسي» الليبي، مشيداً بـ«المشاورات الفاعلة» على مدار يومين.
> 24 يونيو (حزيران)، اللجنة الاستشارية المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي» تعقد اجتماعاً تشاورياً لمدة 3 أيام تمهيداً لاجتماع الملتقى في سويسرا.
> في التوقيت ذاته، رحّب كوبيش، بنتائج مؤتمر «برلين 2» كخطوة مهمة نحو السلام المستدام في ليبيا الذي انتهى إلى مجموعة من التوصيات، من بينها ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية المقررة في موعدها المحدد وعلى النحو المتفق عليه، والتمسك بخروج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من أنحاء ليبيا، مع استمرار الحوار الوطني الشامل.
> 27 يونيو، اللجنة الاستشارية المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي» تختتم اجتماعها التشاوري في تونس، وتثني البعثة وأعضاء اللجنة الاستشارية على عمل اللجنة القانونية التي نجحت في وضع مشروع للقاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات الوطنية؛ البرلمانية والرئاسية.
> 3 يوليو (تموز) الأمم المتحدة تعلن فشل مباحثات جنيف في التوصل إلى اتفاق يمهد للانتخابات في ليبيا.
> 15 يوليو، كوبيش يعلن أمام مجلس الأمن أنه أجرى مشاورات مع مجموعة كبيرة من الأطراف الفاعلة في ليبيا لإقناعهم بالمحافظة على المسار المؤدي إلى انتخابات برلمانية ورئاسية وطنية شاملة.
> في التوقيت ذاته، عقدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اجتماعاً افتراضياً للجنة التوافقات المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي» الليبي.
> 29 يوليو، انتهت اجتماعات اللجنة المكلفة من قبل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في العاصمة الإيطالية روما، بحضور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لمناقشة مقترح إعداد قانون الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية. ورفعت نتائج أعمالها إلى مجلس النواب لمناقشتها.



الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.