«حزب الله» يغرق في متاهته وعزلته

محتجون لبنانيون ضد «حزب الله» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
محتجون لبنانيون ضد «حزب الله» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يغرق في متاهته وعزلته

محتجون لبنانيون ضد «حزب الله» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
محتجون لبنانيون ضد «حزب الله» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

أهمية اعتراض أهالي إحدى القرى في منطقة حاصبيا اللبنانية راجمة صواريخ تابعة لـ«حزب الله» تتجاوز الحدث الأمني المجرد، حيث تحمل دلالات عدة عن مزاج قطاعات واسعة من المواطنين ورؤيتهم للأسلوب الذي يدير به الحزب الصراع مع إسرائيل وسط أزمة اقتصادية خانقة.
سكان بلدة شويا الصغيرة في قضاء حاصبيا والتي يشرف بعض تلالها المرتفعة على مناطق من مزارع شبعا وفلسطين، أوقفوا الراجمة بعد رصدها في أثناء إطلاقها حمولتها من الصواريخ. المسلحون الذين كانوا على متن الراجمة وفي سيارات مرافقة، حاولوا إرهاب المواطنين لإخلاء سبيلهم وهو ما لم يحصل قبل وصول دورية من الجيش اللبناني التي رافقت المسلحين إلى خارج البلدة وصادرت الراجمة.
هذه هي الخطوط العريضة للمعطى الميداني. بيد أن الحادث يتجاوز هذه التفاصيل الضئيلة بأشواط.
الملاحظة الأولى التي يتعين الانتباه إليها هي انفكاك أقسام كبيرة من اللبنانيين ليس من حول «حزب الله» كتنظيم سياسي – عسكري يتولى قتال إسرائيل. بل، الأهم، انفكاكهم من حول سرديته التي تصوِّره كحامٍ لمصالح اللبنانيين وأمنهم وحياتهم التي تهددها الاعتداءات الإسرائيلية.
وفي هذا نقلة واسعة في تحديد مصدر الخطر. ولئن لم يُسقط اللبنانيون إسرائيل من حساباتهم كجهة معادية لا تكنّ لهم أي خير، انضم الحزب إلى الجهات التي تشكل مصدر تهديد لحياة المواطنين وأرزاقهم ومصالحهم، على الأقل في البيئات والطوائف غير المستفيدة وغير المعنية مباشرةً بما يقدمه «حزب الله» من امتيازات ومكاسب.
الملاحظة الثانية، تتعلق بالمكاسب المذكورة. فالحزب وفّر لبيئته الحاضنة جملة من التقديمات التي جعلت اللبناني الشيعي يشعر بالتفوق على باقي الطوائف من دون أن يكون عضواً رسمياً في التنظيم. ذلك أن هيمنة الحزب على المجال العام وعلى مفاصل الدولة برمتها وقدرته على تسيير أو تعطيل أي تفصيلة في الحياة السياسية أو الاقتصادية وحضوره ثقيل الوطأة في اجتماع اللبنانيين الشيعة وشؤونهم اليومية، يعطي الانطباع بقدرة الشيعة اللبنانيين على استخدام منعة الحزب وشوكته ضد أبناء الطوائف الأخرى خصوصاً الطائفة السنية التي يرون فيها منافسهم الأول وخصمهم التاريخي.
القدرة على الهيمنة تفترض في مجتمع منقسم طائفياً (عمودياً) وطبقياً (أفقياً) مثل المجتمع اللبناني، حيازة رواية متعددة الوجوه، تشمل التاريخ والثقافة والاقتصاد إضافة طبعاً إلى القوة المادية المجردة، لإقامة السيطرة على الدولة وطوائفها، بحد أدنى من العنف والقسر. وهو ما لا يتوفر لدى الحزب المسلح لكنْ المفتقر إلى كل ما عدا السلاح والمال والتهديد بالعنف والقتل.
في بلدة شويا، ظهر أن الاعتراض على سياسات «حزب الله» وسلوكه بات ملموساً أكثر من ذي قبل. إذ إن سياسة المناطق المغلقة «الأمنية» التي أتاحتها الوصاية السورية للحزب بعد نهاية الحرب الأهلية بذريعة استمرار أعمال المقاومة ضد إسرائيل، قابلة للانتقال إلى الأحزاب والطوائف الأخرى التي تملك تصورها المختلف وتقييمها الخاص لكيفية إدارة مناطقها، تماماً مثلما يفعل الحزب منذ تسعينات القرن الماضي. فما من شيء تستطيع أن تحتكره وتختص به طائفة غير قادرة على فرض هيمنتها الشاملة على البلد. كل الممارسات مطروحة في سوق العرض والطلب. ومن يمتلك القدرة، يمتلك الحق. هذه هي القاعدة البسيطة لظاهرة انحلال الدولة واضمحلالها.
نصل هنا إلى الملاحظة الثالثة وهي أن موجة التخوين والشتائم والاتهامات بالعمالة التي سارع المتحدثون باسم «حزب الله» إلى شنها على أهالي حاصبيا وشملت كل من لا يوافقه على سلوكه المتغطرس والأرعن، باتت تشمل أعداداً كبيرة من اللبنانيين.
وحسب الرواية التي يروجها أتباع التنظيم المسلح، يسيطر تنظيم «داعش» على طرابلس والنواحي ذات الأكثرية السنية. أما المسيحيون الذين لا ينتمون إلى «التيار الوطني الحر» فهم عملاء لإسرائيل. في حين أن الدروز في حاصبيا يرجع نسبهم السياسي إلى «بقايا جيش العميل أنطوان لحد». كما أن التوصيفات بالعمالة وتلقي الأموال من العدو والارتماء في أحضان سفراء بعض الدول فجاهزة. حتى بات من حق المرء أن يتساءل عن النسبة المئوية المؤيدة «للمقاومة» بين اللبنانيين إذا كان عدد الخونة على هذا المستوى من الارتفاع بينهم.
أما الملاحظة الرابعة فهي أن «حزب الله» الذي أخفق منذ اندلاع الأزمة السياسية والاقتصادية قبل نحو عامين، في تقديم أي تصور قابل للتنفيذ للخروج من الهاوية التي يقيم مواطنوه فيها، ما زال مصمماً على تقديم مصالح الراعي الإيراني على مصالح لبنان وعلى زج اللبنانيين في دهاليز وأروقة المفاوضات النووية في جنيف وحروب الناقلات الإسرائيلية – الإيرانية في بحر عمان وغيرها. وهذه سياسة ثبتت كلفتها الباهظة وانعدام مردوديتها على لبنان. لكن الحزب لا يملك أمر تغييرها أو التخلي عنها.
عليه، يدور «حزب الله» في متاهته التي يفرض على اللبنانيين السير فيها معه، برفضه كل ما من شأنه تسريع الحلول الداخلية أو الخارجية. أما مأساته الخاصة فقد بدأت تظهر في مستوى العزلة الذي يتصاعد ويحاصره والذي قد يدفع اللبنانيون ثمنه، ما دام أن جمهوره ملتصق به ومستعد لإشعال كل الحرائق التي يمكن تخيلها قبل أن يعي ما يفعل.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.