«المركزي» اليمني يوجه المصارف بنقل إدارة عملياتها إلى عدن

حزم نقدية من العملة يمنية في مقر البنك المركزي في عدن (رويترز)
حزم نقدية من العملة يمنية في مقر البنك المركزي في عدن (رويترز)
TT

«المركزي» اليمني يوجه المصارف بنقل إدارة عملياتها إلى عدن

حزم نقدية من العملة يمنية في مقر البنك المركزي في عدن (رويترز)
حزم نقدية من العملة يمنية في مقر البنك المركزي في عدن (رويترز)

وجَّه البنك المركزي اليمني، أمس (الخميس)، البنوك التجارية والإسلامية بسرعة نقل مراكز إدارة عملياتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك ضمن سلسلة إجراءات تهدف إلى وقف تدهور سعر العملة الوطنية، وضبط السوق المصرفية لمنع المضاربة.
وحمّل «المركزي» اليمني البنوك المحلية تبعات إدراجها على قائمة البنوك غير الملتزمة التي سيتم توزيعها على الجهات المحلية والبنوك والمؤسسات المالية الخارجية والمنظمات الدولية.
وجاء ذلك خلال اجتماع لإدارة البنك المركزي، ومقره الرئيسي عدن، من أجل تمكين البنك من تنفيذ إجراءات التحقق من جميع عملياتها والتفتيش الميداني المباشر لمؤيداتها «والتأكد من التزام البنوك بالوفاء بجميع المتطلبات القانونية اللازمة لها».
البنك المركزي حمل البنوك التجارية والإسلامية التي لم تسلم بياناتها المالية «المسؤولية الكاملة عن أي تبعات قد تترتب على إدراجها في القائمة الرسمية، وتصنيفها كبنوك غير ملتزمة سيتم الإعلان عنها وإتاحتها لجميع الجهات المحلية والبنوك والمؤسسات المالية والمصرفية الخارجية والمنظمات الدولية الأخرى» بعد انتهاء مهلة قوامها 15 يوماً.
وأهاب البنك المركزي بالشركات والمؤسسات التجارية المستورِدة «عدم تنفيذ أي عمليات مالية أو مصرفية، ومنها فتح الاعتمادات والتحويلات مع البنوك التي سيتم إدراجها ضمن قائمة البنوك المصنفة بنوكاً غير ملتزمة»، مؤكداً أنه لن يتحمل مسؤولية أي أضرار ناتجة عن تنفيذ عمليات عبر البنوك غير الملتزمة. وشدد «المركزي» اليمني على أنه سيتولى «ترحيل مبالغ النقد الأجنبي الخاصة بالبنوك التجارية والإسلامية المرخص لها والملتزمة فقط»، لتغذية أرصدة حساباتها لدى البنوك في الخارج، بهدف تغطية اعتماداتها وتحويلاتها لأغراض عمليات الاستيراد.
وبينت إدارة البنك أن الهدف من هذه الإجراءات يتمثل في «الحرص على سلامة أداء القطاع المصرفي اليمني واستمرارية نشاطه في خدمة الاقتصاد الوطني بما يكفل الحفاظ على سمعته لدى المؤسسات المالية والمصرفية الدولية، وانطلاقاً من مسؤوليته القانونية».
وجاءت الخطوة بعد أيام من إجراءات أخرى اتخذها البنك المركزي لمواجهة الانهيار الكبير في سعر العملة الوطنية مقابل الدولار، والانقسام في سعر العملة الذي استحدثته ميليشيات الحوثي، والانفلات الحاصل في أعمال شركات الصرافة، ومن بين هذه الإجراءات إنزال طبعة جديدة من العملة الوطنية تتطابق وتلك القديمة التي يتم التعامل بها في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي وسحب الطبعة المختلفة، إلى جانب شروط مشددة لمنح تراخيص فتح محلات الصرافة ووضع ضوابط صارمة على عمل هذه الشركات لمنع المضاربة بالعملة.
وكان البنك اتخذ قبل أيام تدابير إضافية لوقف نزيف العملية، ولمواجهة إجراءات الميليشيات الحوثية التي تسببت في شطر السوق المصرفية، إذ يعكف على طرح سندات وصكوك مالية قيمتها 400 مليار ريال يمني بهدف إعادة الدورة النقدية في النظام المصرفي، بضخ أوراق النقدية بحجم كبير إلى السوق، عبر فروعه في المحافظات المختلفة (الدولار يقدر بنحو 1000 ريال يمني). وبدأ البنك بسحب أكبر قدر من الريال اليمني بالحجم الصغير (الطبعة الجديدة) إلى خزائنه، وأوضح بيان صادر قبل أيام أن نائب محافظ البنك المركزي اليمني شكيب حبيشي ترأس اجتماعاً في عدن لمتابعة «آخر المستجدات الخاصة بتنفيذ إجراءاته وقراراته الصادرة، الخميس الماضي، والرامية لمعالجة حالة انقسام العملة الوطنية والتشوهات في سعر صرف العملة» في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، والأخرى الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.