أوساط إسرائيلية تحذر من تأخير المنحة القطرية إلى غزة

«صبر حماس بدأ ينفد ولسنا معنيين بالتصعيد»

طفل يراقب إزالة حفّارة أنقاض برج الشروق في غزة الذي استهدف بالغارات (أ.ف.ب)
طفل يراقب إزالة حفّارة أنقاض برج الشروق في غزة الذي استهدف بالغارات (أ.ف.ب)
TT

أوساط إسرائيلية تحذر من تأخير المنحة القطرية إلى غزة

طفل يراقب إزالة حفّارة أنقاض برج الشروق في غزة الذي استهدف بالغارات (أ.ف.ب)
طفل يراقب إزالة حفّارة أنقاض برج الشروق في غزة الذي استهدف بالغارات (أ.ف.ب)

حذرت أوساط إسرائيلية، أمس (الخميس)، من الاستمرار في تأخير وصول أموال المنحة القطرية إلى قطاع غزة، وقالت إن « تجميد هذه الأموال لأي سبب كان، يعمق الأزمة الاقتصادية للمواطنين هناك، ما قد يبعث على الدفع إلى توتر وتصعيد أمني من جديد».
وذكر موقع «يسرائيل دفنس» العبري، في تقرير له، أمس، من أن «صبرَ (حركة حماس) على منع إدخال أموال المنحة القطرية، بدأ ينفد». وأشار إلى أن «الشروط التي تضعها إسرائيل والعراقيل اللوجستية المرافقة، تجعل الأوضاع أكثر توتراً ولا بد من حل سريع، ربما يكون بعودة تدفق هذه الأموال عبر الحقائب كما كان في السابق، وذلك لأن إسرائيل غير معنية بالتصعيد العسكري مع (حماس) في هذه المرحلة».
وكانت قطر قد وافقت على تزويد القطاع بمبلغ 30 مليون دولار شهرياً، تدفع بقيمة 100 دولار لحوالي 100 ألف عائلة، إضافة الى رواتب موظفي حكومة (حماس). وقد قررت إسرائيل منع وصول هذه الأموال بالطريقة القديمة، التي سبقت الحرب الأخيرة في مايو (أيار) الماضي، وطلب إيجاد آلية أخرى عن طريق السلطة الفلسطينية. لكن «حماس» رفضت ذلك، فطرح اقتراح بأن تصل الأموال عبر الأمم المتحدة، إلا أن إسرائيل رفضت ذلك. وطرحت اقتراحاً بأن تتولى قطر مسؤولية توزيع هذه الأموال وفقاً لقوائم الأـسماء التي أعدت في الماضي وضمت 160 ألف عائلة غزاوية.
وهنا نشأت مشكلة جديدة، إذ إن البنوك الفلسطينية التي يفترض تحويل الأموال عبر حساباتها، طلبت التريث. وعبرت عن خشيتها من التعرض لدعاوى تمويل «الإرهاب» ودعمه وما يؤدي إلى تصادم مع بنوك الدول الكبرى حول هذا الشأن. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية، عن مصادر في رام الله، قولها، إن المسؤول عن عرقلة الاتفاق بين قطر والسلطة الفلسطينية بخصوص أموال المنحة القطرية، هي البنوك الفلسطينية، بسبب خوفها من أن تُعرّض نفسها للدعاوي القضائية بتهمة «تمويل الإرهاب».
وكانت مصادر إسرائيلية قد كشفت، الثلاثاء، عن «مفاوضات ناجحة» جرت في الأسابيع الأخيرة، بين قطر والسلطة الفلسطينية، حول هذه المنحة وسبل توزيعها، وأكدت أن الجانبين توصلا إلى مذكرة تفاهم، لكنهما لم توقعا اتفاقاً نهائياً بعد. وبموجب الاتفاق، تقوم قطر بتوزيع الأموال بالتنسيق الثنائي مع السلطة في رام الله. غير أن محافظ سلطة النقد الفلسطينية، نفى، أمس (الخميس)، علم سلطة النقد والمصارف الخاضعة لرقابتها، بما تداولته بعض وسائل الإعلام، من اتفاق حول تسهيل تحويل الأموال القطرية الى قطاع غزة من أجل دفع رواتب ومستحقات لحكومة الأمر الواقع في قطاع غزة.
وأضاف المحافظ أن سلطات النقد والمصارف ملتزمون بتطبيق أفضل المعايير الدولية، خاصة المتعلقة بقواعد «اعرف عميلك».
ولكن، في المحصلة النهائية، تأخر وصول الأموال إلى العائلات الفلسطينية، والأمر يخلق توتراً شديداً في الشارع الغزاوي. ولأن إسرائيل ليست معنية بتفجير الأوضاع الأمنية مع «حماس» وبقية التنظيمات المسلحة، على هذه الخلفية، ترجح أوساط في تل أبيب أن تتراجع إسرائيل عن شروطها، وتوافق على توزيع الأموال بالطريقة القديمة. فالأموال تدخل بالحقائب نقداً. والقوائم التي تضم المواطنين المستحقين للدعم، تمر عبر حواسيب المخابرات الإسرائيلية وتدفع عبر البريد وفقاً لتلك القوائم.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.