القضاء يدقق في معلومات كشفها أحد مصابي انفجار مرفأ بيروت

بعد ادعائه نقل شحنات «أمونيوم» إلى جنوب لبنان

مشهد للدمار الهائل في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيفية - أ.ف.ب)
مشهد للدمار الهائل في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

القضاء يدقق في معلومات كشفها أحد مصابي انفجار مرفأ بيروت

مشهد للدمار الهائل في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيفية - أ.ف.ب)
مشهد للدمار الهائل في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيفية - أ.ف.ب)

فجّر أحد المصابين في انفجار مرفأ بيروت قنبلة تمثلت في اعترافه بنقل مواد مشبوهة من داخل المرفأ إلى جنوب لبنان، مرجحاً أن تكون شحنات من «نيترات الأمونيوم»، وتلقف القضاء اللبناني هذه المعلومات ووضعها بمتناول المحقق العدلي القاضي طارق بيطار للاطلاع عليها واتخاذ المقتضى القانوني بشأنها.
وأعلن اللبناني عماد كشلي، الذي كان يعمل سائق شاحنة لدى إحدى الشركات في مرفأ بيروت، وأصيب إصابة بالغة جراء انفجار 4 أغسطس (آب) 2020، أن المرفأ «كان دائماً ما يشهد حركة غريبة؛ آخرها في 4 آب (أغسطس) يوم الانفجار». وقال خلال مداخلة ضمن حلقة من برنامج «صار الوقت»، قدمها الإعلامي مرسيل غانم عبر قناة «إم تي في» من داخل حرم مرفأ بيروت أول من أمس: «أنا موظف بشركة وسائق شاحنة، ونهار 4 آب (أغسطس)، شفت (شاهدت) أشياء غريبة وحركة غريبة على المرفأ». وأضاف: «أنا كنت سائق شاحنة، وفي مرّتين حمّلت نقلة على الجنوب يمكن أن تكون نيترات... منذ سنة لم أشكُ همي».
واستدعت هذه الإفادة تحركاً سريعاً من المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، الذي طلب من قسم المباحث الجنائية المركزية في الشرطة القضائية، تفريغ مضمون مقابلة كشلي، وما إن تسلّمها مع شريط الفيديو حتى أحالها فوراً على المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، طالباً منه التحقيق في مضمونها واتخاذ ما يراه مناسباً. وأفادت مصادر قضائية مواكبة لتحقيقات المرفأ بأن القاضي بيطار «اطلع على ما ورد في مداخلة كشلي ودقق في مضمونها». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن قاضي التحقيق العدلي «سيستدعي هذا الشخص للاستماع إلى إفادته بصفته شاهداً، كما أنه بصدد التدقيق في كل المعلومات الجديدة التي وردت في تصريحات عدد من الأشخاص عشية الذكرى السنوية الأولى للانفجار وخلالها، لم يسبق لهم أن قدموها للتحقيق».
ورغم أهمية ما ورد في المداخلة التلفزيونية للشاهد الجديد كشلي، فإن المصادر شددت على أن «أهمية كلام كشلي لا تقيَّم في ضوء مداخلته الإعلامية، بل في المعطيات والمعلومات التي سيقدمها للمحقق العدلي، وما إذا كانت تعزز صحة ما أدلى به، أو تبقى مجرد كلام في العموميات». وسألت: «لماذا بقيت هذه المعلومات محجوبة عن المحقق العدلي على مدى سنة كاملة؟ وما خلفية امتناعه عن تقديمها للقضاء في المرحلة السابقة؟».
وفي حين لم يحسم المجلس النيابي قراره بشأن عقد جلسة عامة لرفع الحصانة عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، استجابة لطلب المحقق العدلي، والسماح بمثولهم أمام الأخير، أو التصويت على إحالتهم على «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، الأمر الذي يبقي الملف رهن الخيار الذي سيعتمده البرلمان، أفاد مرجع قضائي بأن التحقيق «ليس معلقاً بانتظار تبيان مصير الحصانة النيابية». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن بيطار «حدد مواعيد لاستجواب كل الشخصيات المدعى عليها من غير المشمولين بالحصانات النيابية أو الأمنية»، مشيراً إلى أن «هؤلاء جرى استدعاؤهم وحددت مواعيد ثابتة لاستجوابهم». وكشف المرجع نفسه أن «مجلس الدفاع الأعلى الذي يرأسه رئيس الجمهورية ميشال عون، لم يقدّم جواباً عن طلب بيطار بإعطاء الإذن لملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، كما أن المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري لم يجب بعد عن كتاب بيطار الذي طلب فيه الادعاء على المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد امتناع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن إعطاء الإذن بملاحقته أيضاً».
إلى ذلك، عقد المحقق العدلي جلسة أمس خصصت لاستجواب المدعى عليهم موسى هزيمة، وهاني الحاج شحادة، وسامي حسين، إلا إن الأشخاص المذكورين؛ الذين حضروا مع وكلاء الدفاع عنهم، قدّموا دفوعاً شكلية، فجرى تحديد مواعيد جديدة لاستجوابهم مع آخرين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.