وجهاء درعا البلد يحذرون من مساعٍ إيرانية لـ«الهيمنة» على جنوب سوريا

نزوح من مناطق محاصرة بالتزامن مع مفاوضات لتسوية

نزوح مدنيين من درعا البلد جنوب سوريا (شبكة نبأ)
نزوح مدنيين من درعا البلد جنوب سوريا (شبكة نبأ)
TT

وجهاء درعا البلد يحذرون من مساعٍ إيرانية لـ«الهيمنة» على جنوب سوريا

نزوح مدنيين من درعا البلد جنوب سوريا (شبكة نبأ)
نزوح مدنيين من درعا البلد جنوب سوريا (شبكة نبأ)

أصدرت لجنة التفاوض في درعا البلد مساء الأربعاء بياناً تحذر فيه من مشروع «الهيمنة الإيرانية» على جنوب سوريا، واستمرار حصار مدينة درعا البلد من قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية له لمدة أربعين يوماً على التوالي؛ وذلك عقاباً على عدم مشاركة المدينة بمسرحية الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً في سوريا، بحسب البيان.
وناشدت اللجنة في بيانها الدول الفاعلة بالملف السوري، بما فيها روسيا الضامنة لاتفاق التسوية جنوب سوريا عام 2018، والأمم المتحدة، والمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، لـ«إنهاء حالة الحصار الذي تفرضه قوات النظام والميليشيات الطائفية على مدينة درعا البلد، ومنعها من اقتحام المدينة».
وأكدت اللجنة، أن أهالي درعا البلد والمناطق المحاصرة «يرفضون الانزلاق للعنف، ودعم التسوية السورية السليمة، لكن ما زال النظام مستمراً في عمليات التصعيد العسكرية؛ ما يدل على غياب الإرادة بالحل السياسي، وأن جميع الاقتراحات التي قدمتها لجنة التفاوض من أجل إيقاف القصف ومحاولات الاقتحام والتهجير الكامل قوبلت بالرفض»، مطالبة من وفود المعارضة في آستانة وجنيف «تعليق مشاركتهم ونشاطاتهم حتى رفع الحصار عن مدينة درعا البلد».
كما حذرت اللجنة من كارثة إنسانية وشيكه في درعا، نتيجة التصعيد العسكري ونزوح الألاف من سكان المدينة، وغياب الثقة بالضامن الروسي لاتفاق التسوية؛ ما يدفع بموجة نزوح ولجوء الأهالي تجاه الأردن المنطقة الأكثر قرباً من مدينة درعا والمناطق الحدودية الجنوبية الأخرى.
وجاء بيان اللجنة المركزية في درعا البلد بعد فشل كل جولات التفاوض والاقتراحات التي جرت مؤخراً مع اللجنة الأمنية للنظام السوري في درعا لوقف العمليات العسكرية في درعا، وتجنب المنطقة عمليات التصعيد العسكري.
وقال الناطق باسم «تجمع أحرار حوران» الإعلامي أبو محمود الحوراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تمت مشاهدة فؤاد النداوي، المسؤول عن لواء أسود العراق، في مدينة درعا مع قوات الفرقة الرابعة، كما شاركت الميليشيات المدعومة من إيران بشكل كبير في الحملة العسكرية على أحياء درعا البلد، عن طريق مجموعات تابعة لها بشكل مباشر كميليشيات الرضوان، وميليشيا 313، والحرس القومي، كما استخدمت أذرعاً لها في المنطقة وهما الفرقتان الرابعة والتاسعة، وخصوصاً اللواء 42 المعروف باسم قوات الغيث، والذي يتزعمه غياث دلا».
وحسب المصدر، «تساهم هذه الميليشيات بشكل كبير في إفشال عمليات التفاوض بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام ولجنة التفاوض في درعا البلد، من خلال تعنتها على الدخول إلى المنطقة عن طريق القوة، على الرغم من الشعارات المتكررة التي رفعها أبناء المحافظة الرافضة للحرب، والمؤكدة على الحراك السلمي، إضافة إلى تحول بعض الثكنات العسكرية في محافظة درعا، وخصوصاً في ريفها الغربي إلى مقرات تضم ميليشيات إيرانية وعراقية وخاصة في منطقة الري، ومقرات الفرقة الرابعة، وأن الهدف من مشاركتها الاقتراب من الحدود الأردنية والإسرائيلية لتنفيذ مخططات لها في المنطقة، وتمسك بورقة ضغط جديد تخدم مصالحها في أي عملة تفاوض مستقبلية».
وخرج محمد المسالمة الملقب بـ«هفو» برفقة مؤيد حرفوش، المطلوبان للترحيل من درعا البلد مع مجموعاتهما، في بيان مصور الأربعاء، أعلنوا فيه خروجهم من درعا البلد قبل أيام عدة؛ «امتثالاً لخيار التهجير الذي طلبته اللجنة، وحقناً للدماء، ولتجنب الأهالي العمليات العسكرية في المدينة»، مشيراً إلى أنه رغم خروجهم من المدينة فإن قوات النظام السوري مستمرة بحملتها العسكرية وقصفها الأحياء المحاصرة.
وبحسب، موقع «درعا 24»، فإن تسجيلات صوتية نشرت في بداية تصعيد قوات النظام السوري في درعا البلد منسوبه لـ«هفو»، يؤكد فيها رفضه ورفض مجموعته طلب اللجنة الأمنية تهجيره باتجاه الشمال السوري، ويتهم فيها اللجان المركزية المسؤولة عن ملف المفاوضات، وعشيرته آل المسالمة وجميع عشائر درعا، بأنّهم يريدون تسليمه وتهجيره، ودعا «الخائفين على أرواحهم أو أموالهم من القصف ومن اقتحام الجيش لأحياء درعا البلد، أن يذهبوا إلى مناطق سيطرة النظام».
وأشار الناشط مهند العبد الله من مدينة درعا إلى أن قوات النظام السوري خلال المفاوضات السابقة اتهمت محمد المسالمة ومؤيد حرفوش بانتمائهما لجماعات إسلامية متشددة تسمى «حراس الدين»، واليوم بعد انفجار في باص مبيت لعناصر من النظام السوري في الحرس الجمهوري، عند ناحية قدسيا في ريف دمشق، ظهر بيان من تنظيم «حراس الدين يتبنى تفجير الباص في دمشق»، بعد أن أكدت وكالة أنباء سوريا الرسمية (سانا) أن التفجير كان بسبب تماس كهربائي.
وجاء في بيان التبني، أن التفجير كان ثأراً ونصرة لأهالي درعا؛ الأمر الذي يراه العبد الله «مزيداً من التجييش والتحشيد المعنوي والإعلامي ضد أهالي درعا البلد وإظهار وجود خلايا إرهابية في المدينة، خاصة بعد أن طالبت لجان تفاوض المدينة يوم أمس دخول قوات النظام وتفتيش المنازل والمناطق في درعا البلد بحضورها وحضور قوات الفيلق الخامس للوقوف على حقيقة عدم وجود خلايا تابعة لتنظيمات إرهابية في المدينة، ورفضت قوات النظام كل اقتراحات اللجنة، لإجهاض المفاوضات وكسب مزيد من الوقت في التصعيد العسكري».
وفي تصريحات صحافية للمعارض السوري خالد المحاميد أنه يوجد في مدينة درعا أشخاص لهم ارتباطات «مشبوهة»، وغدا يوم حاسم في المفاوضات، وأنه لولا وجود الجانب الروسي في حوران لكانت هناك «أنهر من دماء، وأن النظام السوري حاول إثارة الفتنة في حوران وتقسيم درعا بين الريف والمدينة، ولكن حوران جميعها برجالها ونسائها وأطفالها على قلب رجل واحد، واستبعد اجتياح قوات النظام السوري مدينة درعا، مشيراً إلى دور «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا جنوب سوريا لنشر حواجز داخل مدينة درعا البلد».
ومع استمرار تصعيد قوات النظام السوري في مدينة درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا، انسحبت قوات النظام من عدد كبير من مواقعها المتفرقة في مناطق التسويات بالريف الشرقي والغربي من درعا، وتجميع قواتها في نقاط واحدة مشتركة؛ كي لا يسهل أسرها أو اقتحام نقاطها، وكان آخرها سحب قوات النظام السوري من نقاطها وحواجزها في بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي والحاجز الواصل بين بلدة أم المياذن والنعيمة، إلى أحد الحواجز العسكرية القريبة من بلدة المسيفرة المجاورة، في حين يتجدد القصف المدفعي والصاروخي على أحياء مدينة درعا البلد بين الحين والآخر، حيث تعرض أحد مساجد حي طريق السد بمدينة درعا أثناء تواجد المصلّين فيه يوم الأربعاء للقصف بقذائف الهاون دون وقوع إصابات، بالتزامن مع اشتباكات متقطعة بين قوات الفرقة الرابعة وأبناء المدينة الذين يحاولون صد محاولة الاقتحام، ونزوح مستمر لأهالي المدينة إلى عمق المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية جنوب سوريا المحاذية للحدود الأردنية السورية.



مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)

أفادت قناة «الإخبارية» السورية، السبت، بمقتل عنصر من وزارة الدفاع إثر إطلاق نار من قبل مجهولين في حلب.

يأتي ذلك غداة إصابة عنصر من قوى الأمن الداخلي السوري جراء هجوم لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) استهدف حاجزا لوزارة الداخلية السورية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب.

وأعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة حلب، العقيد محمد عبد الغني، عن وقوع خرق جديد من قبل قوات "قسد" للاتفاقات المبرمة، مؤكدا أن الاستهدف وقع أثناء قيام عناصر الحاجز بمهامهم في تنظيم حركة المدنيين بمنطقتي الشيخ مقصود والأشرفية، مما أسفر عن إصابة أحد العناصر بجروح. بحسب ما أورده موقع «تلفزيون سوريا» على الإنترنت اليوم.

وأشار عبد الغني إلى أنه تم التعامل مع مصادر النيران وفق القواعد العسكرية المعتمدة، فيما جرى إسعاف الجريح ونقله لتلقي العلاج.

ووجه قائد الأمن الداخلي تحذيرا لقوات «قسد» في الحيين، مؤكدا أن استمرارها في خرق الهدن والاعتداء على النقاط الأمنية «سيقابل باتخاذ الإجراءات اللازمة»، مع تحميلها المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد أو تداعيات تنتج عن هذه الانتهاكات.

وأكد عبد الغني أن الدولة السورية تواصل جهودها للحفاظ على التهدئة وحماية المدنيين، في إطار مسؤولياتها عن حفظ الأمن في المحافظة.


أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
TT

أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)

تشهد محافظة إب اليمنية استحداثات عسكرية حوثية متواصلة منذ أسابيع، بحفر أنفاق وخنادق عميقة وشق طرقات جديدة، وتحويل عدد من المرتفعات إلى مواقع عسكرية معززة بأسلحة متنوعة، وسط العزلة التي تعيشها، في حين يحذّر خبراء عسكريون من أن تكون هذه التحركات وسيلة للتمويه على نشاط عسكري آخر.

وواصلت الجماعة الحوثية استحداثاتها العسكرية في عدد من مرتفعات محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، منذ أكثر من شهر، في جبال مديريات السياني وذي السفال والسبرة، وأرفقت ذلك بإجراءات أمنية مشددة في الطرقات، ومنعت السكان من الاقتراب، وإيقاف واختطاف عددٍ غير معروف منهم، بتهمة التصوير أو مراقبة تلك الأعمال.

وذكر سكان في المنطقة أن الجماعة الحوثية استحدثت، خلال الأيام الماضية، منصة صواريخ في معسكر لها في جبل المهلالة في منطقة النقيلين ضمن مديرية السياني، جنوب المحافظة، في حين استنكر الأهالي خداع القادة والمشرفين الحوثيين لهم، بادعاء أن تلك الإنشاءات تهدف إلى تقوية شبكات الاتصالات، في حين أدت إلى الإضرار بشبكات المياه الريفية وانقطاعها عن قرى في مناطق واسعة.

وتمنع الجماعة السكان من التنقل عبر الطرق القريبة من المعسكر، أو رعي المواشي جواره، وفي مناطق أخرى أوقفت عدداً ممن حاولوا الاقتراب من الإنشاءات دون علمهم بإجراءاتها، قبل أن تفرج عنهم، وأغلقت جميع الطرق المؤدية القريبة من مواقع أنشطتها.

القيادات الحوثية في إب أوهمت السكان أن الاستحداثات العسكرية لتقوية شبكات الاتصالات (إعلام حوثي)

ويتوقع عبد الرحمن الربيعي، الباحث العسكري والسياسي اليمني، أن يكون أحد أهداف الأنشطة العسكرية الحوثية في محافظة إب هو التمويه، في حين لم تتوقف عن الحشد والتجهيز في مختلف الجبهات القابلة للاشتعال في أي وقت.

احتمالية التمويه

يقول الربيعي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حاجة ملحة لدى الجماعة الحوثية للأنشطة العسكرية الميدانية مثل بناء التحصينات والمناورة بالقوات وحشد المقاتلين لتلبية احتياجات طارئة وعملياتية، وهو ما يشمل مختلف الجبهات والمناطق الخاضعة لسيطرتها التي تطوقها القوات الموالية للحكومة الشرعية من كل الاتجاهات.

ويوضح أن الحالة المعقّدة التي تعيشها الجماعة بعد مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة المهرّبة إليها واستهداف المنشآت الحيوية التي كانت تدر عليها الأموال وعزلتها السياسية، قد تدفعها إلى التمويه والإيحاء بتنفيذ عمليات عسكرية في اتجاه محدد، فيما هي تنشط سراً في اتجاه آخر مختلف تماماً، وتسعى لتنفيذ هجمات على جبهات بعيدة عن مواقع هذه الاستحداثات.

الجماعة الحوثية تعاني تراجعاً في الإيرادات بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية على مواقعها (أ.ف.ب)

وتأتي هذه الإنشاءات ضمن حركة تحصينات واسعة لجأت إليها الجماعة في عدة مرتفعات وسلاسل جبلية وتكوينات جغرافية مختلفة، وتركزت، أخيراً، في محافظة إب والمناطق التي تسيطر عليها من محافظة تعز (جنوب غرب).

وأكّدت المصادر أن الجماعة كلّفت القيادي علي النوعة الذي عيّنته وكيلاً للمحافظة، بالإشراف على إنشاء طريق جديد يربط بين مديريتي السياني وذي السفال، مرجحة أن يكون خطاً لإمداد مواقع الجماعة ويسهّل تحركاتها في المنطقة المعقدة جغرافياً.

واقتحم قياديون ميدانيون في الجماعة، خلال الأسبوع الماضي، مسجد ومركز الفرقان للقرآن الكريم في منطقة محطب في المديرية، وطردوا الطلاب والطالبات منه، تمهيداً لتحويله إلى ثكنة عسكرية، ومركز لتحركات عناصرهم في المنطقة طبقاً لإفادات السكان.

قيادات حوثية تزور مركزاً لتحفيظ القرآن في إب للاستيلاء عليه وتحويله إلى ثكنة عسكرية (إعلام محلي)

ومنذ أشهر تنقل الجماعة أسلحتها إلى مخازن جديدة داخل أنفاق في تضاريس جبلية شديدة الوعورة، بعد استهداف مخابئها ومواقعها بهجمات جوية أميركية، رداً على هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر.

اختناق وحصار

أدت الهجمات الأميركية التي استمرت قرابة شهرَين، منذ مارس (آذار)، وحتى مايو (أيار) الماضيين، إلى تدمير مواقع وأسلحة ومخازن ومنشآت تستخدمها الجماعة لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وسقوط قيادات عسكرية، تكتمت الجماعة على مقتل العديد منهم، قبل أن تعلن تشييعهم أواخر الأسبوع الماضي.

وحسب الباحث العسكري الربيعي، فإن الجماعة تعيش حالة من القلق والترصد، وتتوقع حدوث عمليات عسكرية ضدها في أي لحظة، خصوصاً بعد ما تكبدته من خسائر بسبب الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقعها، إلى جانب الاختناق السياسي والعزلة التي تعيش فيها، وفشل مساعيها للعودة إلى خوض مسار سياسي.

الخبراء العسكريون يحذّرون من أن تكون الأنشطة الحوثية في إب تمويهاً لتصعيد في جبهة بعيدة (أ.ف.ب)

من جهته، يبدي الكاتب باسم منصور خشيته من أن تكون هذه الاستحداثات مقدمة لمزيد من الانتهاكات التي تطول سكان محافظة إب، خصوصاً أنها بدأت بإجراءات مشددة ضدهم، ومنعتهم من ممارسة أنشطتهم المعتادة.

ويحذّر منصور، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، من أن تستخدم الجماعة تحركاتها العسكرية في إب مبرراً للتوسع في نهب الأراضي ذات الملكية العامة أو الخاصة، خصوصاً أنها قد جعلت المحافظة ساحة لنفوذ وثراء العديد من قياداتها من خلال السطو على الممتلكات، وأشاعت الانفلات الأمني فيها لإحكام سيطرتها عليها.

ويؤكّد أهالي المحافظة أن أعمال الحفر توسعت، خلال الأيام الماضية، لتشمل مواقع حاكمة في جبل الحيزم وجبل عميد الداخل في مديرية السياني، إلى جانب تلّ في منطقة السبرة.


العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.