ليبيا لنشر مراقبين محليين ودوليين لمتابعة «الهدنة»

وسط مخاوف من تسرب ميزانية حكومة «الوحدة» للميليشيات المسلحة

صورة وزعتها حكومة «الوحدة» لاجتماع رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في طرابلس بمجلس القضاء العسكري
صورة وزعتها حكومة «الوحدة» لاجتماع رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في طرابلس بمجلس القضاء العسكري
TT

ليبيا لنشر مراقبين محليين ودوليين لمتابعة «الهدنة»

صورة وزعتها حكومة «الوحدة» لاجتماع رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في طرابلس بمجلس القضاء العسكري
صورة وزعتها حكومة «الوحدة» لاجتماع رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في طرابلس بمجلس القضاء العسكري

يستعد طرفا النزاع العسكري في ليبيا، للمرة الأولى، نشر مراقبين محليين ودوليين خلال الأيام القليلة المقبلة لمراقبة وقف إطلاق النار، الصامد حتى الآن على طول خط المواجهة بينهما.
وقال مصدر عسكري، طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط» إنه تم تشكيل لجنة على غرار اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، للإشراف على مراقبة الهدنة المبرمة العام الماضي، لافتا إلى اختيار خمسة من ضباط الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، وخمسة آخرين من العسكريين التابعين للقوات المحسوبة على حكومة الوحدة لبدء مهمة مراقبة الهدنة. وأوضح المصدر ذاته أن مراقبين دوليين تابعين لبعثة الأمم المتحدة تم اختيارهم مؤخرا للانضمام إلى عملية المراقبة. وأقر مجلس الأمن الدولي خلال أبريل (نيسان) الماضي مقترح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بنشر 60 مراقبا في سرت لمراقبة وقف إطلاق النار، المعلن منذ العام الماضي.
وكانت لجنة (5+5) العسكرية قد نددت بإجبار بعض الميليشيات المسلحة يوم الأحد الماضي لبعض المواطنين في الطريق الساحلي، الرابط بين مدينتي سرت ومصراتة، على القيام بتصرفات تسيء لصورة المشير حفتر، وحذرت في بيان لها مساء أول من أمس ممن وصفتها بالفئة «المنبوذة والمخربة» من «الغوغائيين، وأصحاب الأفكار المتطرفة، والأجندات والأفكار الهدامة». وبعدما هددت بالتعامل مع هذه العناصر «بكل حزم، وملاحقتها أمام القضاء المحلي والدولي، والتعرض لأشد العقوبات»، دعت لجنة الترتيبات الأمنية «للضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن وسلامة المواطنين المستخدمين للطريق»، وطالبت أيضا بسرعة تقديم المخالفين والقبض عليهم، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات القانونية حيالهم.
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إن المجلس الأعلى للدولة بطرابلس لن يشارك في مناقشة قانون الانتخابات الرئاسية، واعتبر أن إصدار التشريعات هو اختصاص أصيل للمجلس. وأضاف صالح موضحا: «مجلس الدولة جسم استشاري، ونحن نطالب بمشاركته في حدود صلاحياته».
وكان مجلس النواب قد علق مناقشاته الرسمية لمشروع قانون انتخاب الرئيس، بينما عمم مشروع قانون الميزانية المعدل من قبل حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على أعضائه، وأحاله للجنة خاصة لإبداء الملاحظات.
وقال رئيس المجلس في رسالة إلى الدبيبة: «نظراً لعدم إقرار مشروع قانون الميزانية، فإن الأمر يتطلب منكم الصرف من ميزانية العام السابق، وإلى حين إصدار قانون الميزانية العامة للدولة للعام الجاري».
وكشفت بنود ميزانية الحكومة، المقدرة بنحو 111 مليار دينار ليبي، أنها خصصت 186 مليون دينار للميليشيات المسلحة في طرابلس، حيث سيحصل جهاز دعم الاستقرار، الذي يقوده أغنيوة الككلي، على 40 مليون دينار ليبي، وجهاز قوة الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة، على نحو 146 مليون دينار ليبي.
لكن بعض وسائل الإعلام المحلية لفتت إلى مخاوف من أن تعزز هذه الأموال من نفوذ الميليشيات، وتزيد من حالة الفوضى، التي طالت الحكومة، وآخرها خطف رئيس ديوانها ببنغازي من طرابلس.
في المقابل، استمر مساء أول من أمس الصراع على مناطق النفوذ والهيمنة بين الميليشيات المسلحة في طرابلس، حيث سمع دوي انفجار بالقرب من مقر «جمعية الدعوة الإسلامية»، جنوب غربي المدينة، وتراشق بأسلحة متوسطة وخفيفة في منطقة غوط الشعال.
وقالت مصادر محلية إن هناك تحشيدات مستمرة، واستعراضا للقوة تقوم به الميليشيات المحسوبة على السلطة الانتقالية في البلاد، مشيرة إلى توتر أمني مفاجئ بين ميليشيا الككلي، وميليشيات من كتيبة ثوار طرابلس ومدينة الزاوية.
وتجاهل الدبيبة هذه التطورات، لكنه ناقش أمس باعتباره وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقضاء العسكري، العراقيل التي تواجه المجلس في اجتماعه السابع بمقر وزارة الدفاع بطرابلس، وذلك بحضور رئيس الأركان العامة ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، ورئيس المحكمة العسكرية العليا والمدعي العام العسكري.
من جهتها، ناقشت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، في اتصال هاتفي مع نظيرها الجزائري رمطان لعمامرة آفاق التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة في ليبيا، تحقق تطلعات الليبيين وتحفظ وحدة البلاد.
في سياق ذلك، قال ميخائيل أونماخت، سفير ألمانيا الجديد لدى ليبيا، الذي قدم أوراق اعتماده أمس للمنقوش، إنهما أكدا على ضرورة تنفيذ مخرجات «برلين 2»، والتي من أهمها إجراء الانتخابات في موعدها.
على صعيد غير متصل، بحث وزير الداخلية خالد مازن مع مسؤولي الوزارة سير العمل في تنظيم قوتها العمومية، واعتماد قرار تشكيل لجنة لضبط القيودات في إطار توحيد المؤسسة الأمنية على كامل التراب الليبي، والارتقاء بمستوى العمل الأمني.
بموازاة ذلك، استنكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» ما وصفته بالتخريب المتعمد لشبكات إمدادات المياه في ليبيا، مشيرة في بيان لها إلى تعرض إحدى المحطات الرئيسية ‏لجهاز النهر الصناعي لأعمال تخريب، ما أثر على إمدادات المياه لأربع مدن رئيسية. وطالبت المنظمة بتشديد التدابير الأمنية في حقول الآبار، وتوفير ‏الموارد اللازمة لإجراء أعمال الصيانة، لضمان استمرارية إمدادات المياه وخدمات الصرف ‏الصحي لكافة المواطنين.
إلى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم رئاسة أركان القوات البحرية الليبية إن حرس السواحل أنقذ 68 مهاجرا من عدة جنسيات، كانوا في طريقهم نحو الشواطئ الأوروبية على متن قارب مطاطي، وأوضح في بيان له أنه تم نقل المهاجرين إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، تمهيدا لترحيلهم لبلدانهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».