مياه النيل تتجاوز «الفيضان» في الخرطوم

TT

مياه النيل تتجاوز «الفيضان» في الخرطوم

تحاصر سيول أرضية ومياه الأمطار الغزيرة مناطق واسعة في وسط وشمال السودان، فيما تشهد الأحباس العليا ارتفاعاً كبيراً في منسوب المياه القادمة من الهضبة الإثيوبية، وتجاوز منسوب المياه «الفيضان» في «الخرطوم» بحوالي 14 سنتيمتراً. وبلغت حصيلة ضحايا السيول والفيضانات 7 أشخاص: 4 وفيات ولاية سنار، و3 في ولاية الجزيرة، وتقع الولايتان في وسط البلاد.
وأطلقت السلطات السودانية تحذيرات للمواطنين بأخذ الحيطة والحذر واحتمالات خروج المياه من مجرى نهر النيل تؤدي إلى فيضانات كما حدث العام الماضي التي أحدثت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
وغمرت مياه الأمطار الأسبوع الماضي مدينة «الفاو» والكثير من القرى بولاية الجزيرة وسط البلاد، في وقت أطلق سكان عدد من المدن على ضفاف نهر النيل شمال العاصمة «الخرطوم»، نداءات استغاثة قبل وقوع كارثة بسبب تدفقات المياه من النيل ومحاصرة المناطق السكنية. وجرفت مياه السيول الطريق القومي الرابط بين الخرطوم، ومدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق (جنوب شرق)، وأدت إلى أضرار أحدثت انقطاعاً في طريق «التحدي» شمالاً، وطريق مدني الحيوي الذي يربط العاصمة الخرطوم بعدد من الولايات.
وتحذر التقارير اليومية التي تصدر عن «وحدة الإنذار المبكر» بالهيئة العامة للأرصاد الجوية من خروج المياه من مجرى نهر النيل الذي يشهد على مدى أكثر من أسبوعين تدفقات كبيرة من المياه في النيل الأزرق، نتيجة لارتفاع معدلات مياه الأمطار داخل إثيوبيا.
وفي غضون ذلك شرعت حكومة ولاية «الخرطوم» في معالجة جميع المناطق التي تحتاج لإصلاحات عاجلة وتقوية التروس النيلية والسدود الترابية بعدد من المناطق «الهشة». وأعلنت وزارة الري والموارد المائية، في بيان أمس، أن إيرادات نهر النيل الأزرق تجاوزت 5 مليارات متر مكعب منذ مطلع الأسبوع الحالي، وسجل في الخرطوم تجاوز منسوب الفيضان بحوالي 14سنتيمتراً. وأشارت إلى أن معدل التصرفات عند السدود الرئيسية بملايين الأمتار المكعبة، أعلاها خلف سد «الرصيرص» بولاية النيل الأزرق في الجنوب الشرقي للبلاد، الذي تتخوف الخرطوم أن يتأثر جسم السد بسبب غياب المعلومات المشغلة لسد النهضة الإثيوبي.
ودعت وزارة الري المواطنين في كل القطاعات لأخذ كل التحوطات اللازمة. خاصة قطاع النيل الأزرق (محليات الخرطوم ولاية سنار وعطبرة).
وأعلنت السلطات السودانية حالة التأهب لوضع التحوطات اللازمة لمواجهة ودرء السيول والفيضانات مع تزايد معدلات إيرادات النيل والأمطار المتدفقة، توقع خسائر في الأرواح ودمار للمنازل والمرافق الخدمية.
وشهد السودان في العام الماضي أسوأ فيضانات تأثرت بها معظم ولايات البلاد بدرجات متفاوتة، كانت العاصمة «الخرطوم» الأكثر تضرراً، وفرضت السلطات السودانية حالة الطوارئ القصوى في كل أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر، واعتبرت البلاد منطقة كوارث طبيعية. وبلغ عدد المتضررين من الفيضانات العام الماضي 557 ألفاً في 17 من ولايات السودان، وخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة. وتحذر السلطات الصحية من تفشي الأوبئة والأمراض المصاحبة لفصل الخريف التي تشكل تهديداً بالغ الخطورة على حياة المواطنين السودانيين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.