أشار تقرير البنك الدولي عن آخر المستجدات الاقتصادية لمنطقة الخليج إلى أنه من المتوقع عودة اقتصادات مجلس التعاون الخليجي إلى تحقيق نمو كلي نسبته 2.2% في 2021 بعد عام من التعثر الاقتصادي. وجاء في التقرير الصادر تحت عنوان «جائحة كورونا والطريق إلى التنويع الاقتصادي» أن هذا النمو يدعمه تعافي الاقتصاد العالمي الذي يُتوقَع أن يبلغ معدل نموه 5.6%، وانتعاش الطلب العالمي على النفط وأسعاره العالمية.
وأشار التقرير إلى أن جائحة كورونا (كوفيد - 19) وهبوط الطلب العالمي على النفط وأسعاره قد أصابا دول مجلس التعاون الخليجي بأزمة صحية وصدمة هزت أسواق السلع الأولية، مما أدى إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 4.8% في 2020.
ومن المتوقع أن يستمر عجز المالية العامة معظم فترة التنبؤات، وأن تستمر الكويت والبحرين وعُمان، وهي الدول التي سجَلت أكبر عجز في الموازنات العامة في 2020 في تسجيل عجز طيلة السنوات ما بين 2021 و2023. ولكن بنسبٍ من إجمالي الناتج المحلي أقل في 2023 مما كانت عليه في أثناء تراجع النشاط الاقتصادي في 2020.
ووفقاً لما جاء في التقرير، أدى تخفيض إنتاج النفط وهبوط متوسط أسعاره إلى أدنى مستوى له في أربعة أعوام، وهو 41.30 دولار للبرميل، إلى تقليص صادرات مجلس التعاون الخليجي من السلع والخدمات بنسبة 8.1% بالقيمة الحقيقية، وتحويل فائض الحساب الجاري البالغ 6.8% من إجمالي الناتج المحلي في 2019 إلى عجز قدره 2.9% في 2020. وحسب البنك، يُعد إجمالي الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية الآن أكبر نسبياً في كل دول مجلس التعاون مما كان عليه قبل عشر سنوات أو 20 سنة.
وفي معرض حديثه عن التقرير، قال عصام أبو سليمان، المدير الإقليمي لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي في البنك الدولي: «مع أن دول مجلس التعاون الخليجي فعلت الكثير العام الماضي لاحتواء آثار الجائحة على اقتصاداتها، فضلاً عن شراء اللقاحات في مرحلة مبكرة، فإنه ينبغي أن تستمر في إصلاح الأوضاع المالية لقطاعها العام. ويجب على المنطقة أن تقوي سياساتها المتصلة بالمنافسة من أجل الاستفادة من مزايا الاتصالات السلكية واللاسلكية ورقمنة النشاط الاقتصادي».
ويركز التقرير على إيرادات المالية العامة والإصلاحات الهيكلية ومنها الاستثمارات الاستراتيجية في التحول الرقمي والاتصالات السلكية واللاسلكية والتي تعد عوامل أساسية لتعزيز النشاط، وتمثل أيضاً نشاطاً اقتصادياً جديداً أكثر تنوعاً. ولا يزال تعزيز تنمية القطاع الخاص محور الجهود الوطنية والإقليمية لتنويع النشاط الاقتصادي. وفي عام 2020، نجح مجلس التعاون الخليجي في استكمال خصخصة اثنتين فقط من المؤسسات المملوكة للدولة، واثنين فقط من اتفاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وكان هذا العام عاماً صعباً على التجارة والاستثمار في كل مكان.
وحسب البنك، سيعود تعزيز أسواق الاتصالات السلكية واللاسلكية كقطاع استثمار استراتيجي واعد للتنويع الاقتصادي والتعافي بعد زوال جائحة «كورونا» بالنفع على دول مجلس التعاون الخليجي. وقد منحت الاستثمارات السابقة في هذا القطاع مزايا كبيرة لدول المجلس خلال الجائحة، إذ إن تدابير الحجر الصحي والإغلاق والقيود على الحركة أجبرت هيئات مراقبة الصحة العامة، ومنافذ تجارة الجملة والتجزئة، ومؤسسات التعليم العام والخاص، والخدمات المصرفية والمالية، والمكاتب الحكومية والخاصة، على العمل من خلال قنوات رقمية. وتُجري في دول المجلس حالياً استثمارات استراتيجية في تقنيات الاتصالات المتقدمة، ومنها شبكة الجيل الخامس. ولكن بالإضافة إلى الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية، سيستفيد قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية استفادة كبيرة من تطوير الأُطُر القانونية والتنظيمية والمنافسة التي يعمل في ظلها مُقدِمو الخدمات.
آفاق الاقتصاد
يوضح التقرير أنه بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، سيدعم ارتفاع الطلب العالمي على النفط التعافي الاقتصادي في 2021، ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.4% في 2021. وفي الأمد المتوسط، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو في المتوسط 3% خلال فترة التنبؤات.
أما بالنسبة إلى الإمارات، فمن المتوقع أن تعود إلى مسار النمو في 2021، ويُقدَر أن يبلغ معدل النمو 1.2%، قبل أن تتسارع وتيرته إلى 2.5% في 2022 و2023 بدعمٍ من النفقات الحكومية وإقامة معرض إكسبو 2020 في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وستستمر البحرين في الاعتماد على تدابير دعم المالية العامة في 2021 للتغلب على آثار الانكماش الاقتصادي الذي شهدته في 2020، ومن المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 3.3% في 2021، وأن يستمر على الوتيرة نفسها في الأمد المتوسط.
وفي الكويت، ستستمر الصادرات النفطية في تعزيز ديناميات النمو. ومن المتوقع أن ينتعش النمو الاقتصادي ليُسجِّل مستوى معتدلاً قدره 2.4% في 2021، قبل أن يرتفع في المتوسط إلى 3.2% في السنتين 2022 و2023. وبالنسبة إلى عُمَان، من المتوقع أن يتعافى الاقتصاد في 2021 وإن كان بمعدل نمو متوسط قدره 2.5% مع اشتداد زخم برنامج كبير للاستثمار في البنية التحتية. وفي الأمد المتوسط، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو في المتوسط 5.3% خلال فترة التنبؤات.
أما بالنسبة إلى قطر، فمن المتوقع أن تشهد انتعاشاً قوياً لمعدل النمو، إذ إن الطلب على الغاز الطبيعي المسال في جنوب آسيا وشرقها يدعم آفاق الاقتصاد في الأمد المتوسط. ومن المتوقع أن يسجل الاقتصاد القطري معدل نمو قدره 3% في 2021، قبل أن تتسارع وتيرته إلى 4.1% في 2022 و4.5% في 2023.