ودائع السعودية والإمارات تمنح {المركزي المصري} خيارات واسعة في معركة «السوق السوداء»

أحلام المصريين تنتعش بعد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر شرم الشيخ

ودائع السعودية والإمارات تمنح {المركزي المصري} خيارات واسعة في معركة «السوق السوداء»
TT

ودائع السعودية والإمارات تمنح {المركزي المصري} خيارات واسعة في معركة «السوق السوداء»

ودائع السعودية والإمارات تمنح {المركزي المصري} خيارات واسعة في معركة «السوق السوداء»

بعد أن أعلنت السعودية والإمارات والكويت عن تقديم مساعدات جديدة للاقتصاد المصري بقيمة 12 مليار دولار من بينها 3 مليارات على هيئة ودائع بالبنك المركزي، باتت الخيارات متاحة أمام البنك لحماية الجنيه المصري والتصدي للسوق السوداء أكثر من أي وقت مضى. وقال محللون لـ«الشرق الأوسط» إن الودائع الجديد ستمكن البنك المركزي من التحرك بسهولة ويسر في حربه التي يشنها على السوق السوداء بالإضافة إلى توفير طلبات المستوردين من العملة الصعبة ما يسهم في استقرار الأسعار بالأسواق المحلية.
وأعلنت السعودية عن مساندة الاقتصاد المصري بنحو 4 مليارات دولار من بينها وديعة بقيمة مليار دولار، فيما أعلنت الإمارات أيضا عن وضع ملياري دولار وديعة في البنك المركزي من ضمن حزمة مساعدات بلغت نحو 4 مليارات دولار أيضا.
بينما أعلنت سلطنة عمان عن حزمة مساعدات بقيمة 500 مليون دولار، من بينها 250 مليون دولار هبة لا ترد.
وقال هاني عمارة، الخبير لدى «سي.اي فايننشال سرفيس» لـ«الشرق الأوسط» إن «حزمة الودائع الجديدة للبنك المركزي ستمكن (البنك المركزي) من حماية سعر صرف الجنيه مقابل الدولار. أتوقع أن تستقر سعر العملة المحلية عند هذا الحد».
ويستقر سعر الجنيه مقابل الدولار في السوق الرسمية عند مستوى 7.63 جنيه منذ أن سمح البنك للعملة المحلية بالهبوط في مطلع العام الجاري في خطوة إصلاحية طال انتظارها، فيما يبلغ سعره في السوق السوداء 7.7 جنيه.
وتابع عمارة «فيما يتعلق بالسوق السوداء، فإن الأمر بات شبه محسوما سنجد موجة بيوع داخل السوق خلال الفترة المقبلة حتى يستقر الجنيه عند سعره بالسوق الرسمية وهو ما يعني اختفاء تام للسوق السوداء».
وفي تلك الأثناء يعلق المصريون الآمال على جني ثمار المؤتمر سريعا من خلال تحسن ظروف معيشتهم وحل أزماتهم في أكبر البلاد العربية سكانا.
وبنبرة يحدوها الآمل والتفاؤل يقول أحمد القاضي وهو شاب مصري يبلغ من العمر 27 عاما لم يحالفه الحظ بعد في إيجاد فرصة عمل، لـ«الشرق الأوسط»: «نستمع من وسائل الإعلام عن فرص العمل الكثيرة التي سيتم خلقها جراء تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر بعد هذا المؤتمر».
ويضيف القاضي الحاصل على ليسانس الحقوق من إحدى الجامعات المصرية: «أتمنى أن يحدث ذلك سريعا طرقت كل الأبواب في انتظار الحصول على الفرصة المناسبة».
وبلغ معدل البطالة في مصر قبيل قيام ثورة 25 من يناير (كانون الثاني) 2011. نحو 8.9 في المائة فيما تحوم مستويات البطالة في الوقت الحالي حول مستوى 12.9 في المائة وفقا لآخر الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وانخفض معدل البطالة في الربع الأخير من العام الماضي لأول مرة منذ قيام ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة إلى أحمد حسين، وهو عامل بقطاع السياحة المصري تم تخفيض راتبه إلى نحو النصف، إذ يأمل هو الآخر في أن يسهم المؤتمر في عودة قوية لقطاع السياحة الذي يمثل أحد الشرايين الهامة للاقتصاد المصري.
ويقول حسين لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل في قطاع السياحة منذ نحو 10 سنوات ومع الانخفاض الحاد في تدفق السائحين إلى مصر تم تخفيض راتبي مرتين حتى وصل إلى نصف ما كنت أتقاضاه قبل قيام الثورة».
وتظهر حسابات لـ«الشرق الأوسط» تراجع عوائد مصر من القطاع السياحي بنحو 50 في المائة منذ اندلاع ثورة يناير، إذ بلغت إيرادات القطاع في 2010 نحو 12.5 مليار دولار لتهبط إلى 6 مليارات دولار في 2013 ونحو 5.5 مليار دولار في التسعة أشهر الأولى من العام الماضي.
يتابع حسين: «تم تسريح الكثير من العمالة التابعة للمؤسسة، حتى هؤلاء الأشخاص يعقدون الآمال على هذا الحدث الهام من أجل خلق فرص عمل جديدة لهم في هذا القطاع».
لا يتوقف الأمر على المواطنين البسطاء، فرجال الأعمال هم الآخرون يعقدون آمالا جمة على المؤتمر في تحريك سفينة أعمالهم الراكدة بعض سنوات من الاضطرابات.
يقول حسين العشري، وهو رجل أعمال مصري وصاحب مصنع للمنتجات الغذائية، لـ«الشرق الأوسط»: «نتمنى أن يسفر المؤتمر عن تحريك المياه الراكدة، نواجه صعوبات كبيرة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة وتوفير العملة الصعبة على وجه التحديد».
وتواجه مصر أزمة خانقة في قطاع الطاقة وهو ما جعل استثمارات ذلك القطاع تتصدر قائمة اهتمامات الحكومة في المؤتمر الاقتصادي.
يتابع عمارة حول الأهداف المنشودة من المؤتمر أن «ما نرجوه من هذا المؤتمر هو تدفق الاستثمارات الأجنبية مرة أخرى وعودة ثقة المستثمرين في مصر بعد حزمة الإصلاحات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة المصرية».
وبلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر في العام المالي المنصرم نحو 4 مليارات دولار مقارنة مع قمة بلغت نحو 13 مليار دولار في العام المالي 2007 - 2008.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.