مساعدات «كورونا» تشعل الأوساط الاقتصادية الألمانية

تعافٍ واسع لصناعة السيارات

يشهد قطاع صناعة السيارات في ألمانيا تعافيا كبيرا (رويترز)
يشهد قطاع صناعة السيارات في ألمانيا تعافيا كبيرا (رويترز)
TT

مساعدات «كورونا» تشعل الأوساط الاقتصادية الألمانية

يشهد قطاع صناعة السيارات في ألمانيا تعافيا كبيرا (رويترز)
يشهد قطاع صناعة السيارات في ألمانيا تعافيا كبيرا (رويترز)

حذّرت رابطة شركات صناعة الآلات في ألمانيا (في دي إم إيه) من استمرار شامل للمساعدات التي توفرها الحكومة للتغلب على تداعيات أزمة تفشي فيروس «كورونا» المستجد في ألمانيا.
وقال كبير خبراء الاقتصاد بالرابطة، رالف فيشرز، أمس (الثلاثاء): «يتعين على ألمانيا الخروج من حالة الأزمة... توفير مساعدات تقدّر بمليارات وفقاً لمبدأ التوزيع العشوائي الشامل سيؤدي إلى تشوهات في المنافسة وسيَحول دون التحول الهيكلي الضروري».
وأشار فيشرز إلى التعافي الاقتصادي وزيادة معدل التوظيف، وأكد أنه يتعين على الأوساط السياسية تقديم إسهام كبير لتحقيق مزيد من الاستثمارات الخاصة من خلال إصلاحات في قانون الضرائب.
كان وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، قد شدد (الاثنين)، على مساعيه الرامية إلى تمديد توفير مساعدات «كورونا» للشركات لفترة تتجاوز ما بعد سبتمبر (أيلول) القادم. وكان وزير المالية أولاف شولتس، قد دعا أيضاً إلى تمديد هذه المساعدات حتى نهاية العام، على أقل تقدير.
وحتى الآن، ينص قرار الحكومة الاتحادية، فيما يتعلق بالمساعدات، على مواصلة ما تسمى «مساعدات التجسير» التي كانت مقررة في الأساس حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي إلى سبتمبر القادم.
وفي ذات الوقت، أظهر استطلاع حديث أن معدل عدم الرضا بين الألمان عن إدارة الحكومة الاتحادية لأزمة تفشي فيروس «كورونا» المستجد قد تزايد بشكل واضح خلال الأشهر الماضية.
وجاء في الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «هانز - بوكلر» أن نحو 60% ممن شملهم الاستطلاع تراجع مستوى رضاهم، أو صاروا غير راضين على الإطلاق، عن الإنجازات الحالية للائتلاف الحاكم في مكافحة الوباء.
وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، كان 44% فقط ممن شملهم الاستطلاع آنذاك غير راضين عن الإنجازات التي قامت بها الأوساط السياسية. ووصلت النسبة إلى نحو الثلث صيف العام الماضي.
وفي نفس الوقت، تراجعت المخاوف والشعور بالعبء بسبب تفشي الفيروس بين المواطنين بشكل واضح، حسب الاستطلاع؛ فخلال الإغلاق في يناير (كانون الثاني) الماضي رأى 40% ممن شملهم الاستطلاع أن وضعهم الشخصي العام –من الناحية الأسرية والمالية والمهنية- مرهق للغاية، ولكن تراجعت هذه النسبة إلى 28% فقط في يوليو (تموز) الماضي.
ويشار إلى أنه ليس من السهل تفسير التطور المتباين في تقييم الوضع الشخصي وتقييم الإنجازات السياسية، حتى بالنسبة إلى الباحثين. وفي هذا الصدد، قالت بيتينا كولراوش، المديرة العلمية لمعهد العلوم الاجتماعية والاقتصادية التابع لمؤسسة «هانز - بوكلر»: «لم يتحقق صيف التحرر المأمول بالنسبة لكثيرين، لا يزال المجتمع في انقسام». وأضافت: «إذا نظر المرء إلى الإحصائيات العامة عن التنمية الاقتصادية ومعدل تلقي اللقاح، فإن ألمانيا تعمل على الخروج من الأزمة. ولكن بالنسبة لبعض الناس فلا يتم تقدير هذا التقدم بشكل تام».
ويعتقد الباحثون أنه من المحتمل أن تكون حقيقة أن «الوباء كشف عن ثغرات في نظام التأمين الاجتماعي أسهمت في عدم الرضا». وتجدر الإشارة إلى أن الاستطلاع شمل 5047 شخصاً عاملاً، وباحثين عن عمل في الفترة بين نهاية يونيو ومنتصف يوليو الماضيين.
وبعيداً عن الجدل الدائر، يشهد قطاع صناعة السيارات في ألمانيا تعافياً كبيراً، حيث يقيّم باحثون الوضع الحالي بأنه جيّد للغاية وأفضل مما كان عليه قبل ثلاثة أعوام.
وذكر باحثون اقتصاديون أمس، أن المؤشر الخاص بمعهد «إيفو» الاقتصادي الألماني لهذا القطاع بلغ 56.8 نقطة في يوليو الماضي، وأوضحوا أن ذلك يمثل زيادة عمّا كان عليه الحال في يونيو الماضي، بإجمالي 11.9 نقطة، وأيضاً مقارنةً بأكبر قيمة تم رصدها منذ يوليو في عام 2018، وتجدر الإشارة إلى أن التوقعات كانت تشير إلى زيادة تبلغ 6.3 نقطة.
وتنعكس هذه الأجواء الجيدة على حالة التوظيف في القطاع، حيث إن عدد الشركات التي تعتزم زيادة القوى العاملة في هذا القطاع زاد للمرة الأولى منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2018 على الشركات التي تعتزم الحد من قواها.
وحسب الباحث بمعهد «إيفو»، أوليفر فلاك، فإن الطلب بصفة خاصة من آسيا والولايات المتحدة، كان محفزاً لهذا الانتعاش، ولكنه أشار إلى أن القطاع يعاني من المنتجات الأولية. وقال فلاك: «قد يستمر النقص في أشباه الموصلات، على وجه الخصوص، لفترة من الوقت».
ويُذكر أن الأجواء في قطاع السيارات ساءت بالفعل قبل بدء أزمة تفشي فيروس «كورونا» المستجد. وكان هناك اتجاه تنازلي واضح منذ منتصف عام 2018 زاد بشكل حاد مع أزمة وباء «كورونا». ولكن القطاع تعافى بشكل سريع منذ هذه الهوة في ربيع عام 2020.


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.