توقعات بقفزة جديدة للتضخم في تركيا

صعود عجز الميزان التجاري وتراجع حاد للسياحة

تراجعت السياحة الوافدة إلى تركيا بشكل حاد خلال النصف الأول من العام الحالي (رويترز)
تراجعت السياحة الوافدة إلى تركيا بشكل حاد خلال النصف الأول من العام الحالي (رويترز)
TT

توقعات بقفزة جديدة للتضخم في تركيا

تراجعت السياحة الوافدة إلى تركيا بشكل حاد خلال النصف الأول من العام الحالي (رويترز)
تراجعت السياحة الوافدة إلى تركيا بشكل حاد خلال النصف الأول من العام الحالي (رويترز)

يتوقع أن يواصل معدل التضخم في تركيا قفزاته للشهر الثاني على التوالي عند الإعلان عن أرقامه خلال يوليو (تموز) الماضي، مدفوعاً بالزيادات المتتالية في أسعار الغذاء والطاقة. في الوقت الذي واصل فيه العجز في الميزان التجاري اتجاه الصعود وتراجعت السياحة.
وتقلل البيانات الأخيرة بشأن معدل التضخم من احتمالية خفض سعر الفائدة البالغ 19 في المائة خلال الصيف كما سبق أن أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان.
وبحسب مسح أجرته وكالة «بلومبرغ» الأميركية ونشرت نتائجه أمس (الثلاثاء)، يتوقع أن تصل أسعار المستهلك خلال يوليو إلى 18.95 في المائة، بعد ما بلغت 17.53 في المائة خلال يونيو (حزيران) الماضي، بأعلى من متوسط تقديرات المحللين البالغة 18.6 في المائة.
وأظهر المسح ارتفاع أسعار المستهلك بنسبة 1.8 في المائة عما كانت عليه في يونيو. كما ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 21.51 في المائة عن العام السابق، بالمقارنة مع 17.3 في المائة خلال يونيو الماضي نتيجة ارتفاع أسعار النفط.
وأوضح مؤشر التضخم الأساسي ارتفاع الأسعار، باستثناء البنود المتقلبة مثل الغذاء والطاقة، بنسبة 17.22 في المائة على أساس سنوي، بانخفاض عن نسبة 17.5 في المائة التي جرى تسجيلها خلال الفترة ذاتها.
ورفع البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، توقعاته للتضخم بنهاية العام إلى 14.1 في المائة مقابل 12.2 في المائة في تقريره السابق.
وقال رئيس البنك، شهاب كاوجي أوغلو، في اجتماع لإصدار تقرير التضخم السنوي الثالث للبنك لهذا العام، إن البنك يواصل استخدام جميع الأدوات بعزم وإصرار، لافتاً إلى أن البنك يتوقع انخفاض التضخم بشكل كبير في الربعين الثالث والرابع من العام الحالي.
في السياق ذاته، أظهر مسح لوكالة «رويترز» أن معدل التضخم في تركيا خلال يوليو قد يبلغ 18.5 في المائة نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة. ورفعت الحكومة التركية أسعار الكهرباء بنسبة 15 في المائة والغاز الطبيعي بنسبة 12 في المائة بداية يوليو الماضي.
وقفز التضخم إلى أعلى مستوى في عامين عند 17.53 في المائة خلال يونيو، متجاوزاً التوقعات البالغة 17 في المائة، ومواصلاً الارتفاع الطويل بعد انخفاضه لفترة وجيزة. وجاءت قراءة أسعار المستهلكين على أساس شهري أعلى أيضاً من المتوقع، بارتفاع 1.94 في المائة، بحسب «معهد الإحصاء التركي».
في الوقت ذاته، كشفت وزارة التجارة التركية عن أن العجز في الميزان التجاري زاد بنسبة 52.4 في المائة خلال يوليو، على أساس سنوي، إلى 4.309 مليار دولار وفقاً لنظام التجارة العام.
وارتفعت صادرات يوليو 10.2 في المائة إلى 16.41 مليار دولار بعد أن تضررت في ربيع العام الماضي مع تأثير وباء «كورونا» على التجارة مع أكبر شركاء تركيا التجاريين. بينما ارتفعت الواردات بنسبة 17 في المائة على أساس سنوي في يوليو إلى 20.72 مليار دولار.
وتجاوز عجز الميزان التجاري حاجز 21 مليار دولار خلال النصف الأول من العام، وسط قفزة حادة في الواردات مع استمرار أزمة الليرة التركية المتراجعة منذ أغسطس (آب) 2018.
وبحسب بيانات «معهد الإحصاء التركي»، بلغ عجز الميزان التجاري للنصف الأول من العام 21.16 مليار دولار، مقارنة مع 23 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.
وقفزت الواردات التركية من الخارج حتى نهاية يونيو الماضي 126.1 مليار دولار، مقارنة مع 98.95 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي. أما الصادرات، فسجلت خلال النصف الأول من العام نحو 104.9 مليار دولار، مقارنة مع 75 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتضررت الصادرات التركية بشدة خلال العام الماضي، بسبب تراجع الطلب العالمي على الاستهلاك الناجم عن تبعات تفشي فيروس «كورونا»، مما أدى إلى ميل المستهلكين لخفض تصرفاتهم الاستهلاكية.
وبسبب تراجع الاستهلاك وهبوط تنافسية الصناعة المحلية، قفز عجز ميزان تركيا التجاري لمستويات غير مسبوقة في 2020، مما فاقم أزمات البلاد الاقتصادية التي تعاني من تدهور عملتها وتراجع المؤشرات الاقتصادية. وبلغت قيمة العجز 50 مليار دولار، ارتفاعاً من 34.5 مليار دولار في 2019، ما يعد أعلى قيمة عجز في تاريخ التجارة الخارجية التركية مع العالم. وبلغ إجمالي قيمة الواردات التركية 219.43 مليار دولار صعوداً من 210 مليارات دولار في 2019، بزيادة بلغت 4.3 في المائة على أساس سنوي.
وأظهرت البيانات المجمعة أن الصادرات التركية إلى الخارج تراجعت في 2020 إلى 169.51 مليار دولار، هبوطاً من 176 مليار دولار في عام 2019.
بالتوازي؛ أظهرت بيانات هيئة الإحصاءات التركية، أن السياحة الوافدة إلى تركيا خلال النصف الأول من العام، تراجعت بنسبة 68.2 في المائة إلى 4.066 مليون سائح، مقارنة مع 12.76 مليون سائح في الفترة المقابلة من عام 2019.
ولم تنشر هيئة الإحصاء التركية إلى أرقام السياحة الوافدة خلال النصف الأول من العام الماضي، بسبب توقفها كلياً مع تفشي وباء «كورونا» عالمياً، بدءاً من أبريل (نيسان) 2020، واستئنافها بشكل جزئي بنهاية العام الماضي.
وخلال النصف الأول من العام، بلغ إجمالي إيرادات السياحة الوافدة إلى تركيا، بحسب البيانات الرسمية، نحو 3 مليارات دولار، مقارنة مع 7.98 مليار دولار في النصف الأول 2019، بينما لم تنشر أرقام النصف الأول من عام 2020.
وخلال كامل العام الماضي، بلغ إجمالي السياحة الوافدة إلى تركيا 15.8 مليون سائح، معظمهم زاروا تركيا منذ مطلع 2020 حتى منتصف أبريل، قبل إعلان وقف حركة الطيران، بإيرادات 12 مليار دولار.
وبلغت أعداد السياح الوافدين إلى تركيا خلال عام 2019 نحو 51.86 مليون سائح، فيما بلغ مجمل إيرادات السياحة الوافدة في ذلك العام 34.52 مليار دولار.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).