لغة البشر.. تركز على النواحي الإيجابية

في أكبر دراسة عن الينابيع العاطفية لـ10 لغات منها العربية

لغة البشر.. تركز على النواحي الإيجابية
TT

لغة البشر.. تركز على النواحي الإيجابية

لغة البشر.. تركز على النواحي الإيجابية

يتحدث البشر بسعادة، وقد يعود ذلك إلى كون أننا نقف على قمة هرم التطور، وقد يقود كبتنا للغة الرفض والشكوى إلى جعل العلاقات الاجتماعية أكثر سلاسة، أو ربما لأننا سعداء حقا!

* دلالات إيجابية
وأيا كان التفسير، فإن دراسة تعد الأكبر عن اللغة الطبيعية وإمكانياتها أو ينابيعها العاطفية، كشفت أخيرا أن الكلمات الشائعة في لغات البشر باختلاف الثقافات تحمل دلالات إيجابية أكثر من السلبية. ويعد البحث الجديد، الذي نشر في شهر فبراير (شباط) الماضي في دورية «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم» PNAS))، هو أول بحث يستعين بـ«قاعدة بيانات كبيرة» من أجل تأكيد ما يسمى بفرضية «بوليانا» (Pollyanna hypothesis) التي تقوم على فكرة أن الإنسان يكون في قمة سعادته عندما يختلط اجتماعيا، فالتواصل الإنساني، أيا كان مصدره، سوف يؤثر على السعادة.
وتذهب تلك الفرضية، التي طرحت للمرة الأولى عام 1969، إلى القول أولا إن البشر باعتبارهم كائنات اجتماعية فمصدر سعادتهم ومتعتهم الأساسي هو التواصل بعضهم مع بعض. أما الأمر الثاني فهو بما أن عملية التواصل الاجتماعي هي اللغة، فسوف يتجلى من خلالها هذا الشعور الإيجابي بشكل كبير.
ولذا تشير الفرضية إلى توقع أن تكون الكلمات التي تعبر عن مشاعر إيجابية شائعة، وذات معنى، ومتنوعة الاستخدام، ومكتسبة على نحو أكبر من الكلمات السلبية، كما أوضح مؤلفو الدراسة. وعكفت مجموعة «بيتر شيريدان دودز» الدولية التابعة لجامعة «فيرمونت» التي تضم علماء رياضيات، وواضعي نماذج، وعلماء لغويات، على تمحيص تلك الفرضية بمجموعة من الأدوات التي لم تكن متوفرة عام 1969، وبحثوا على مواقع «تويتر» و«نيويورك تايمز» و«غوغل بوكس بروجيكت» و«غوغل ويب كرول»، ومكتبة ترجمة الأفلام والبرامج التلفزيونية، وفي كلمات الأغاني، من أجل وضع قوائم تضم نحو 10 آلاف كلمة من الكلمات الأكثر شيوعا واستخداما في كل لغة من اللغات الـ10. كذلك كان الباحثون يستخدمون أكثر من مصدر من تلك المصادر معا لوضع مجموعة من الكلمات الأكثر استخداما في الإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والألمانية، والبرازيلية، والبرتغالية، والكورية، والصينية، والروسية، والإندونيسية، والعربية باللهجة المصرية. على سبيل المثال من أجل تكوين قاعدة تضم الكلمات الأكثر استخداما في اللغة الإنجليزية، استعان الباحثون بـ«غوغل بوكس» و«نيويورك تايمز» و«تويتر» وكلمات للأغاني. ودفعوا بعد ذلك لمتحدثي تلك اللغات كلغتهم الأم، المال مقابل توضيح شعورهم تجاه كل كلمة من تلك الكلمات على مقياس من 1 إلى 9، إذ يمثل رقم 1 الأكثر سلبية أو الشعور بأكبر قدر من الحزن، ويمثل رقم 5 شعورا حياديا، ورقم 9 الشعور الأكثر إيجابية أو بأكبر قدر من السعادة.

* درجات السعادة
وقد حصلوا على 50 تقييما لكل كلمة من متحدثي تلك اللغات، واكتشفوا أن الكلمات الإيجابية في كل لغة، بوجه عام، تستخدم بمعدل أكبر وبتنويعات أكثر، من الكلمات السلبية. وكان هناك بالطبع تفاوت بين اللغات في التعبير عن درجات السعادة، إذ جاءت الإسبانية في المقدمة، تليها البرازيلية، ثم البرتغالية، والإنجليزية، والإندونيسية. أما الصينية فجاءت في مرتبة متأخرة من حيث التعبير عن السعادة، واقتربت منها الكورية، والروسية، والعربية، لكن درجات التعبير عن السعادة بها في تزايد.
وخلاصة القول هي أن هذا يؤكد فرضية «بوليانا»، ولكن فقط إذا كانت اللغات الـ10 التي تمت دراستها تمثل بنجاح كل اللغات البشرية، وإذا كانت الكلمات الأكثر استخداما في كل واحدة من تلك اللغات توضح بدقة التوازن العاطفي فيها، وأخيرا إذا كانت اللغة التي نستخدمها ومعدل استخدامها تكشف بالفعل عن حالاتنا الانفعالية العاطفية، وليس فقط عن ظروفنا الآنية.
ويتزايد قبول استخدام هذا النهج القائم على «قاعدة بيانات كبيرة» في دراسة مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المجتمع والأفراد. ويؤكد مؤلفو الدراسة، كما تقول «لوس أنجليس تايمز»، أنه يمكن استخدام تلك الوسائل، التي تستند إلى اللغات، كمقياس للسعادة أو الرضا. وقد توضح أداة القياس هذه إما المستويات الأساسية العميقة للسعادة، وإما التقلبات المزاجية، لدى مجموعات من البشر يتشاركون اللغة والخلفية الثقافية والاجتماعية، وذلك حسب نوعية المصادر المستخدمة. وأوضحوا إمكانية استخدام مثل تلك الأدوات بعد تطويرها وتعديلها لـ«تحديد ديناميات هويتنا الاجتماعية المشتركة».

* تفاوت عاطفي
وفي محاولة سابقة بحث مؤلفو الدراسة على «تويتر» بنسخته الإنجليزية على الكلمات الشائعة، ووجدوا أنه بمرور الوقت تتفاوت التنويعات العاطفية لها بين الارتفاع والانخفاض، وهو ما يشبه ما يحدث في استطلاعات الرأي التي تستهدف قياس الشعور بالرضا التي تجريها منظمة «غالوب» وغيرها من المؤشرات ذات الصلة على مستوى الولاية والمدينة في أميركا. كذلك توصلوا إلى مقياس سعادة حرفيا يستعين بمعدل استخدام الكلمة كمؤشر يوضح المنحنى العاطفي، أو المدى الزمني للسعادة في 3 من الأعمال الأدبية الشهيرة وهي «موبي ديك» المكتوبة بالإنجليزية، و«الجريمة والعقاب» المكتوبة بالروسية، و«الكونت دي مونت كريستو» المكتوبة بالفرنسية. وكتب المؤلفون: «يبدو أن هذه الوسيلة اللغوية لفك شفرة طبيعتنا الاجتماعية» ذات طابع عالمي.
مع ذلك حذر الباحثون، مشيرين إلى أنه لا يمكن تجميع أجزائها إلا بقياس اللغة ككل، لا مجرد مقتطفات منها. وأضافوا أنه في المستقبل ينبغي استخدام أدوات القياس اللغوية هذه في دراسة لغات جديدة بين مجموعات ديموغرافية مختلفة، مع إضافة العبارات بحيث لا تقتصر الدراسات على الكلمات فقط.



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»