«صالة الأعمدة الكبرى» في معبد الكرنك تستعيد ألوانها الأصلية

عبر مشروع ترميم يُمهد لافتتاح طريق الكباش بالأقصر

آثاريون يواصلون العمل في مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبرى
آثاريون يواصلون العمل في مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبرى
TT

«صالة الأعمدة الكبرى» في معبد الكرنك تستعيد ألوانها الأصلية

آثاريون يواصلون العمل في مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبرى
آثاريون يواصلون العمل في مشروع ترميم صالة الأعمدة الكبرى

في محاولة لاستعادة رونق معبد الكرنك، بمحافظة الأقصر، بدأت مصر مشروعاً لترميم صالة الأعمدة الكبرى في معبد الكرنك لاستعادة ألوانها الأصلية، بعد إزالة طبقات الأتربة والسناج التي تغلف الأعمدة وتحجب رؤية رسومها الملونة. ويأتي المشروع في إطار تطوير المعبد تمهيداً لافتتاح طريق الكباش الذي يربط بين معبدي الكرنك والأقصر.
وأنهى فريق الترميم من وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع عدد من خريجي أقسام الترميم في جامعتي الأقصر وجنوب الوادي ومعهد الترميم بالأقصر ترميم ما يقرب من 60 في المائة من صالة الأعمدة الكبرى بمعبد الكرنك، وإظهار ألوانه الأصلية، وذلك بعد إزالة آثار التلف التي سببتها عوامل التعرية»؛ حسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي أوضح، في بيان صحافي أمس أنّه، «تُستكمل حالياً، أعمال الترميم لباقي الأعمدة، وستشمل الأعمدة المصممة على هيئة زهرة البردي المفتوح كمرحلة أولى، يتبعها باقي الأعمدة كمرحلة ثانية، وذلك تمهيداً للافتتاح الوشيك لمشروع تطوير طريق الكباش المقرر أن يتم في احتفالية كبرى».
بدوره قال صلاح الماسخ، مدير معبد الكرنك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الوزارة كانت قد وضعت سقالة على أحد الأعمدة خلال زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الأخيرة للأقصر حيث صعد رئيس الوزراء على السقالة وشاهد جمال النقوش بعد ترميمها وإزالة طبقات الأتربة والسناج من فوقها، فكان التوجيه بترميم باقي الأعمدة بالكرنك، مع ترميم الأعمدة في معبد الأقصر تمهيداً لافتتاح طريق الكباش الذي يربط بين المعبدين في احتفالية كبرى».
وأضاف الماسخ أنّ «المشروع بدأ قبل عيد الأضحى المبارك، ويتضمن حالياً ترميم 12 عموداً في منتصف صالة الأعمدة، على أن يُنتهى منه قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل»، مشيراً إلى أنّ «ترميم باقي الأعمدة مشروع كبير يستغرق أكثر من عامين ويحتاج إلى ميزانية ضخمة تتجاوز 20 مليون جنيه مصري، لكنّه سيعيد رونق المعبد خصوصاً أنّ جميع الأعمدة لا تزال محافظة بألوان نقوشها الجميلة، لكن تغطيها طبقات من الأتربة بفعل الزمن».
وأطلق المصريون القدماء على معبد الكرنك اسم «إيبت سوت»، أي «البقعة المختارة»، وهو أهم معابد الأقصر، وكان مقراً لتقديس المعبود آمون «رب طيبة»، لذا بلغ المعبد قدراً كبيراً من الثراء، وأصبح لكهنته قوة سياسية كبيرة، وتضم صالة الأعمدة الكبرى 134 عموداً يبلغ ارتفاع كل منها 15 متراً، باستثناء الأعمدة الوسطى الـ12 التي يبلغ ارتفاعها 21 متراً؛ ويعود تاريخ صالة الأعمدة إلى عهد أمنحتب الثالث (1390 - 1352 ق.م) من الأسرة الـ18، الذي بدأت بناءها، في حين ترجع زخارفها لعهد الملك سيتي الأول (1294 - 1279ق.م)، ورمسيس الثاني (1279 - 1213ق.م) من الأسرة الـ19، حسب الموقع الإلكتروني لوزارة السياحة والآثار.
ومن بين المشروعات الأخرى التي يجري العمل فيها حالياً، تمهيداً للاحتفال بافتتاح طريق الكباش، مشروع ترميم 48 تمثالاً على هيئة كبش في الفناء الخلفي لمعبد الكرنك، إضافة إلى مشروع ترميم تمثال تحتمس الثاني، الذي حكم مصر لمدة 9 سنوات، وتزوج حتشبسوت، حسب الماسخ، الذي أوضح أنّ «التمثال هو واحد من ثلاثة تماثيل موجودة للملك تحتمس، واحد منها في متحف التحرير، والثاني في أسوان، والثالث وهو الأضخم موجود في الصرح الثامن من معبد الكرنك»، مشيراً إلى أن «التمثال طوله 11 متراً وتم تكسيره لأكثر من 75 قطعة قبل نحو 1500 عام».
ومن المنتظر الانتهاء من هذه المشروعات بحلول شهر أكتوبر المقبل، قبل الاحتفالية الكبرى المقرر تنفيذها في افتتاح طريق الكباش، وفقاً للماسخ.
وتجري حالياً أعمال ترميم صالة الأعمدة بمعبد الأقصر، بناءً على دراسات علمية دقيقة أجراها فريق العمل للوقوف على أنسب طرق الترميم التي تتناسب مع الحالة الراهنة للأثر، وتتسق مع الأسس العلمية التي أقرتها المواثيق الدولية، حسب وزارة السياحة والآثار.
وتأتي هذه المشروعات استعداداً لافتتاح طريق الكباش الأثري وهو ممر أثري يربط بين معابد الكرنك، ومعبد الأقصر، مروراً بمعبد موت بطول 2700 متر، ويتكون من رصيف من الحجر الرملي، وتصطف على جانبيه نحو 1058 تمثالاً أثرياً على هيئة أبو الهول برأس كبش تعرف باسم الكباش، وهي أحد الرموز المقدسة للمعبود آمون أحد الآلهة في مصر القديمة، وبدأت مصر عام 2006 مشروعاً لترميم الطريق وإزالة التعديات الواقعة عليه، وتحويل الطريق إلى مزار سياحي، لكنّ المشروع توقف بسبب الأحداث في عام 2011، ليُستكمل من جديد في عام 2017.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».