حادثة جديدة تعمق الجدل بشأن أداء جهاز حماية أوباما

ضابطان من «الخدمة السرية» قادا في حالة سكر سيارتهما باتجاه موقع فيه عبوة مفترضة

ضباط تابعون لجهاز الخدمة السرية يراقبون الوضع أمام البيت الأبيض مساء أول من أمس (رويترز)
ضباط تابعون لجهاز الخدمة السرية يراقبون الوضع أمام البيت الأبيض مساء أول من أمس (رويترز)
TT

حادثة جديدة تعمق الجدل بشأن أداء جهاز حماية أوباما

ضباط تابعون لجهاز الخدمة السرية يراقبون الوضع أمام البيت الأبيض مساء أول من أمس (رويترز)
ضباط تابعون لجهاز الخدمة السرية يراقبون الوضع أمام البيت الأبيض مساء أول من أمس (رويترز)

ظهر ضابطان تابعان لجهاز الخدمة السرية المكلف حماية الرئيس الأميركي، في مقطع فيديو، وهما في حالة سكر على ما يبدو، حيث كانا يقودان سيارة اصطدمت بحاجز وضعته الشرطة حول مكان ألقي فيه عبوة ناسفة مشبوهة. تظهر اللقطات السيارة التي كان بداخلها الضابطان وهي تتحرك بسرعة منخفضة تحت شريط بلاستيكي وضعته الشرطة حول العبوة التي ألقتها امرأة قرب أحد مداخل البيت الأبيض، حسبما أفاد شخصان شاهدا الفيديو.
وكانت امرأة لم تحدد هويتها أوقفت سيارتها قرب المدخل ثم خرجت منها وهي تحمل عبوة مغلفة بقميص أخضر ثم أخذت تصيح أنها تحمل قنبلة، حسب تقرير الشرطة. وطوقت السلطات المنطقة على وجه السرعة، فيما استدعيت التعزيزات الأمنية بالإضافة إلى فريق تفكيك متفجرات.
ولم يتضح من مقطع الفيديو ما إذا كانت سيارة الضابطين مرت فوق العبوة المشبوهة أو أنها كادت تمر فوقها، لكن الحادثة أثارت مزيدا من الجلبة حول جهاز الخدمة السرية الذي تعرض لسلسلة من المواقف المحرجة خلال الأشهر الأخيرة. ويعكف المفتش العام بوزارة الأمن الداخلي، التي تشرف على جهاز الخدمة السرية، على التحقيق في الحادث الذي وقع في 4 مارس (آذار) الحالي وتورط فيه كل من مارك كونوللي، ثاني أكبر مسؤول عن حراسة الرئيس أوباما، وجورج أوجليفي، المسؤول الكبير بجهاز الخدمة السرية في العاصمة واشنطن.
ومن المرجح أن يدفع الحادث لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب لفتح تحقيق، مما يمثل اختبارا مبكرا لجوزيف بي كلانسي رئيس جهاز الخدمة السرية الذي عين الشهر الماضي بعد ورود الكثير من التقارير عن إساءات ارتكبها ضباط الجهاز المكلف بحماية الرئيس. وقال ورئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الجمهوري جيسون شافيتز «كنت أشعر لفترة من الوقت أن هناك مشكلة سلوكيات في جهاز الخدمة السرية وها هو قد لاح اختبار كبير لمدير الجهاز كلانسي الذي سيتعين عليه إظهار أن الالتزام يمثل أهم عنصر من عناصر العمل في الجهاز». وقال شافيتز إنه تحدث مع كلانسي يوم الأربعاء الماضي، مشيرا إلى أن «الطريقة التي سيتعامل بها مع الحادث تعادل في أهميتها الحادث نفسه».
وكان شافيتز والنائب إليجا كامينغز، العضو الديمقراطي بنفس اللجنة، قد أرسلا خطابا إلى كلانسي يطلبان فيه المزيد من المعلومات حول الحادث، وقالا فيه «في موقف كان يحاول فيه ضباط شرطة واشنطن ورجال الخدمة السرية، حسبما قالت التقارير، السيطرة على مكان الحادث نتيجة التهديد بتفجير قنبلة والعبوة المشتبه فيها التي تم إلقاءها في المكان، كان من الممكن أن تؤدي تصرفات هذين الشخصين إلى تشتيت الانتباه بعيدا عن معالجة موقف يمثل تهديدا خطيرا للأمن، وهو ببساطة أمر غير مقبول عندما يتعلق الأمر بحراسة البيت الأبيض والمنطقة المحيطة به».
وقال البيت الأبيض إن الرئيس أوباما شعر «بالإحباط» لدى سماعه بالحادث، لكنه دافع عن كلانسي الذي كان على رأس جهاز الخدمة السرية أثناء المدة الأولى لأوباما في البيت الأبيض. وقال نائب المتحدث باسم البيت الأبيض إريك شولتز «لا يوجد من لديه كفاءة لقيادة الخدمة السرية أكثر من المدير كلانسي». وقال مسؤولون إن الضابطين ربما كانا مخمورين عندما اصطدما بحاجز الشرطة وذلك بعد مشاركتهما في حفلة في حانة أقامها موظفون بالخدمة السرية ابتهاجا بتقاعد إدوين إم دونوفان الذي عمل لسنوات كمتحدث رسمي باسم جهاز الخدمة السرية.
وامتنع المتحدث الحالي باسم الجهاز، بريان ليري، عن التعليق على الحادث متعللا بالتحقيق الذي يجري حاليا إلا أنه ذكر أن الضابطين المتورطين في الحادث تم نقلهما لأداء مهام إدارية. وقال شافيتز «أحدهما يقف عادة على بعد ذراع من الرئيس ونحن نتوقع حينها أن هذا الجهاز بالغ الأهمية سوف يختار أفضل عناصره لحماية الرئيس». وبدوره، قال كامينغز «إن الحادث يدل على أنه ما زال هناك الكثير الذي يجب عمله من أجل رفع مستوى أداء جهاز الخدمة السرية الذي يعاني من سوء تصرفات أفراده». وأشار كامينغز إلى إعجابه بقرار إعادة هيكلة الجهاز، الذي اتخذه كلانسي عندما تولى المسؤولية حيث أطاح بأربعة من كبار المسؤولين في الجهاز لكن كامينغز أضاف أن تغيير أسلوب التفكير المسيطر على العاملين بالجهاز يتطلب المزيد من الوقت. وتابع كامينغز «شعرت بالرضا إزاء الأداء الذي يقدمونه، لكن وقوع حادث مثل هذا يعد بمثابة جرس إنذار ويعني أننا بحاجة لإجراء بحث عميق لمعرفة كيف وقع هذا الحادث».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.