قتلى وجرحى في اشتباكات بين «حزب الله» وعشائر جنوب بيروت

إطلاق نار على موكب تشييع عضو بالحزب قُتل في حادثة ثأرية

مسلح من حزب الله يطلق النار (الوكالة المركزية)
مسلح من حزب الله يطلق النار (الوكالة المركزية)
TT

قتلى وجرحى في اشتباكات بين «حزب الله» وعشائر جنوب بيروت

مسلح من حزب الله يطلق النار (الوكالة المركزية)
مسلح من حزب الله يطلق النار (الوكالة المركزية)

قتل سبعة أشخاص، بينهم أربعة من «حزب الله»، وجُرح آخرون، خلال إطلاق نار في خلدة (جنوب بيروت) على جنازة كانوا يشاركون في تشييعها، عائدة للعضو في الحزب المدعو علي شبلي الذي قُتل ليل السبت في عملية ثأرية مع عشائر عربية (عرب خلدة) تسكن المنطقة. وأفادت وسائل إعلام تابعة للحزب بأن أشخاصاً قتلوا وجرح آخرون «في كمين استهدف معزين» شيعة في بلدة خلدة في جنوب بيروت، وذلك بعد يوم على مقتل شبلي. وأفاد مقربون من الحزب بأن المشيعين «علقوا في كمين تحت وابل من الرصاص»، قبل أن يتحدث آخرون عن أن الحزب دفع بقوة عسكرية إلى المنطقة، واندلعت اشتباكات لمدة ساعة قبل أن تنتهي بوصول قوة من الجيش اللبناني التي عملت على فرض التهدئة، وهددت بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يوجد على الطرقات في خلدة وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن 7 أشخاص بينهم 4 من «حزب الله»، قتلوا في حادثة إطلاق النار، فيما قالت مصادر ميدانية إن قوة من الحزب «وصلت إلى المكان لفك الطوق عن المحاصرين من المشيعين الذين كانوا يتعرضون لإطلاق نار».وبدأ التوتر مساء السبت، عندما قتل علي شبلي جراء إطلاق النار عليه من قبل أحمد غصن خلال وجوده في حفل زفاف. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي شخصاً يحمل مسدساً خلال حفل زفاف أطلق عدة رصاصات على شبلي.
وبعد الحادثة صدر عن عشائر العرب الذي ينتمي إليهم القاتل بيان أكدوا فيه أن من عاداتهم وتقاليدهم أن يأخذوا بالثأر إذا لم تتم مصالحة بين المتخاصمين وأن القاتل شفيق المقتول حسن غصن. واعتبر البيان أن ما حصل بمقتل علي شبلي ليس إلا أخذاً بثأر، متمنين على ذوي المقتول اعتبار القتل عيناً بعين ولا يتجاوز ذلك.
وأمس، سار مقربون من الحزب خلف جنازة شبلي التي نقلت إلى منزله في خلدة، قبل أن يتعرضوا لإطلاق نار، قُتِل على إثره أحد أنسبائه وآخرون مقربون من الحزب.
وأظهرت مقاطع فيديو تبادلاً لإطلاق النار بين مجموعة من الحزب وصلت لاحقاً إلى المكان، ومجموعة أخرى من عشائر خلدة.
وأعلن الجيش اللبناني في بيان أنه «أثناء تشييع المواطن علي شبلي في منطقة خلدة، أقدم مسلحون على إطلاق النار باتجاه موكب التشييع، ما أدى إلى حصول اشتباكات أسفرت عن سقوط ضحايا وجرح عدد من المواطنين وأحد العسكريين، وقد سارعت وحدات الجيش إلى الانتشار في المنطقة وتسيير دوريات راجلة ومؤللة».
وحذرت قيادة الجيش، في بيان صادر عن «مديرية التوجيه» من أنها «سوف تعمد إلى إطلاق النار باتجاه كل مسلح يوجد على الطريق في منطقة خلدة، وكل من يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر».
وتمكنت ملالات الجيش اللبناني من إخراج 15 شخصاً من المشيعين الذين رافقوا الجنازة وحوصروا في منزله في خلدة، كما أخرج جثمان شبلي مع الإسعاف إلى خارج المنطقة.
وطلب الرئيس اللبناني ميشال عون من قيادة الجيش اتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة الهدوء إلى المنطقة، وتوقيف مطلقي النار وسحب المسلحين وتأمين تنقل المواطنين بأمان على الطريق الدولية. واعتبر عون أن الظروف الراهنة لا تسمح بأي إخلال أمني أو ممارسات تذكي الفتنة المطلوب وأدها في المهد، ولا بد من تعاون جميع الأطراف تحقيقاً لهذا الهدف.
وأصدر «حزب الله» مساءً بياناً أوضح فيه أنه «أثناء تشييع علي شبلي إلى مثواه الأخير في بلدة كونين الجنوبية وعند وصول موكب الجنازة إلى منزل العائلة في منطقة خلدة تعرض المشيعون إلى كمين مدبر وإلى إطلاق نار كثيف من قبل المسلحين في المنطقة» ما أدى إلى مقتل اثنين من المشيعين وسقوط عدد من الجرحى.
وقال الحزب في بيانه إن «قيادة حزب الله تتابع الموضوع باهتمام كبير ودقة عالية وتطالب الجيش والقوى الأمنية بالتدخل الحاسم لفرض الأمن والعمل السريع لإيقاف القتلة واعتقالهم تمهيداً لتقديمهم إلى المحاكمة».
من جهته، علق رئيس مجلس الشورى للعشائر العربية في لبنان الشيخ كرم الضاهر على أحداث خلدة، وأهاب، في بيان، بالجيش اللبناني والقوى الأمنية التدخل والسعي إلى التهدئة بخصوص أحداث خلدة. وتمنى على القيادات السياسية المعنية العمل على احتواء الأزمة حتى لا تستغل للتوسع إلى شكل يهدد السلم الأهلي، داعياً جميع أبناء العشائر العربية في لبنان إلى ضبط النفس وعدم الانجرار إلى الفتن.
وشهدت منطقة خلدة في السابق اندلاع حوادث طائفية على مدى فترة طويلة بين سكانها من الشيعة والسنة، كان أبرزها في 27 أغسطس (آب) 2020، عندما وقعت اشتباكات بين مقربين من الحزب ومسلحين من العشائر العربية، وأسفرت عن مقتل أحد أفراد العشائر حسن غصن، وإحراق مبنى تجاري باسم «سنتر شبلي» يملكه علي شبلي الذي قتل ليل السبت.
وأجرى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً بقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي أكد أن «الجيش سيعزز وجوده في المنطقة لضبط الوضع». ودعا ميقاتي أبناء المنطقة إلى «الوعي وضبط النفس حقناً للدماء وعدم الانجرار إلى الفتنة والاقتتال الذي لا طائل منه».
بدوره، أعلن «تيار المستقبل» أن القيادة أجرت اتصالاتها مع الجهات المعنية والمختصة، لا سيما مع مرجعيات العشائر العربية للعمل على التهدئة وعدم الانجرار وراء أي فتنة. وأوضح التيار، في بيان، أن القيادة أجرت اتصالات مع قيادة الجيش وسائر الأجهزة الأمنية، للعمل على ضبط الوضع والحيلولة دون تطور الأحداث، داعية كل المعنيين إلى التضامن ومساعدة الأجهزة والقوى الأمنية الرسمية على معالجة الوضع.
وشدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على ضرورة توقيف الذين أطلقوا النار اليوم قبل الغد وأن تأخذ العدالة مجراها. وقال: «لاحقاً مع العقلاء من الطائفة الواحدة المسلمة، والطائفتين الشيعية والسنية، لا بد من صلح عام عشائري لأن طريق صيدا هي طريق الجميع من كل الفئات والمذاهب».
وأضاف جنبلاط: «أنا مستعد لإقامة الصلح إلى جانب الرئيس نبيه بري والشيخ سعد الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمفتي عبد الأمير قبلان، ولكن بداية لا بد للجيش أن يوقف مطلقي النار ثم يقوم بإحالتهم إلى المحاكمة، فعلى الدولة أن تتحرك أولاً».



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».