مطعم «نوما» في كوبنهاغن يعيد ابتكار المطبخ الراقي ما بعد الجائحة

بعد إقفال منذ أشهر طويلة

مدخل مطعم «نوما» في كوبنهاغن
مدخل مطعم «نوما» في كوبنهاغن
TT

مطعم «نوما» في كوبنهاغن يعيد ابتكار المطبخ الراقي ما بعد الجائحة

مدخل مطعم «نوما» في كوبنهاغن
مدخل مطعم «نوما» في كوبنهاغن

اغتنم مطعم نوما، أحد أشهر مطاعم العالم، الإغلاق المفروض على مدى ستة أشهر في ظل تفشي «كوفيد – 19» حتى يبتكر نفسه من جديد، فيعيد فتح أبوابه في كوبنهاغن عارضاً على رواده قائمة أطباق كيّفها على ضوء انقطاع السياح الأجانب.
يبادر رينيه ريدزيبي، الذي كان مطعمه مغلقاً منذ التاسع من ديسمبر (كانون الأول)، بالقول «إنني متحمس كثيراً. أنا بحاجة إلى أن يأتي زبائن من جديد... بحاجة حقاً، بحاجة يائسة إلى ذلك».
وهو اختار إعادة افتتاح مطعمه في يونيو (حزيران) بإقامة عشاء فاخر على شرف «أبطال» الأزمة الصحية، من أطباء وأساتذة ومتطوعين عملوا خلال الأزمة الصحية.
يعم النشاط مطابخ المطعم على وقع موسيقى بوب حماسية، فينهمك الجميع في إعداد باقات الزهور أو تنظيف الفراولة أو تقطيع مكونات الأطباق.
يقوم الكل بعمله بشكل متناغم مترابط، ويؤكد رينيه ريدزيبي أن ابتكار قائمة العشاء لم يتطلب مجهوداً.
يقول: «هذه المرة، يجري العمل بمزيد من السلاسة، يبدو الأمر أسهل بقليل».
وأسهم التوقف القسري عن العمل حتماً في إزالة التعقيدات عن العملية، وهو ما فسّره الطباخ المصنف نجمتين، بحسب دليل ميشلان، قائلاً: «ربما لأننا استرحنا ستة أشهر، تمكنا خلالها من استعادة فضولنا الذهني».
ورأت ميتي برينك سوبيرغ مسؤولة «البحث والتطوير» المكلفة بابتكار أطباق جديدة، أن هذه الأشهر الستة من دون زبائن أتاحت متسعاً من الوقت لتقصي نكهات جديدة وخوض الابتكار في المذاق.
وتروي «خصصنا مزيداً من الوقت لأمور لا نكرّس لها بالعادة أكثر من بضعة أيام، فقضينا مثلاً أسبوعاً كاملاً نتقصى حجم الخضار».
ونتيجة لذلك، يعرض المطعم على رواده إلى جانب محار سان جاك النروجي المنكه بصلصة بلح البحر والمشمش بالأعشاب وفطائر توت العليق، تذوق الكوسى بشكل جديد، بحسب قائمة يعتمدها حتى سبتمبر (أيلول) المقبل.
وأوضح رينيه ريدزيبي: «ليس لدينا عدد كافٍ من الدنماركيين النباتيين لملء موسم بالكامل، فأدخلنا ثمار البحر».
وأحدث مطعم نوما منذ افتتاحه عام 2003 ثورة في مطبخ أوروبا الشمالية، في منطقة لم تكن تبدي أي إقبال على الابتكار وأي شره للنكهات الجديدة، إلى حد جعل من الدنمارك قبلة لرواد المطاعم وفن الطهي.
وبرر 38 في المائة من السياح الأجانب عام 2019 زيارتهم إلى كوبنهاغن بما تعرضه على صعيد المطاعم، غير أن القيود لمكافحة تفشي «كوفيد – 19» أوقفت هذه السياحة الخاصة.
لكن تبدل الوضع ولم يعد حجز طاولة مهمة مستحيلة.
يقول ريدزيبي: «صالتنا محجوزة بالكامل على الدوام، لكن ليس كما من قبل. يلزمنا ثلاثة أو أربعة أسابيع لتكون الحجوزات شبه كاملة، مقابل بضع ساعات من قبل».
لكنه يتوقع عودة سريعة إلى وضع طبيعي.
ويوضح الطباخ البالغ 43 عاماً: «لا أعتقد أنه ستكون هناك ثورة ما، حيث يأخذ الناس وقتهم أكثر. يسألني الناس أيضاً إن كنا نتوقع ما يشبه ثورة بيئية، لا أعتقد ذلك».
يقول ريدزيبي: «إنني بحاجة إلى العودة، إلى الإحساس بتلك الطاقة، بكل الإبداع، بحاجة إلى أن أقول: هذه هي القائمة، إنها نتاج الموسم في طبق من أجلكم».
لكنه لا يستبعد استقبال رواد أقل ثراء في حدائق نوما على ضفة ميناء كوبنهاغن.
ويروي «خطر لنا أن نغير عبارة (موسم الصيف) لاعتماد (موسم للجميع). هذا الشتاء... صممنا وجبة مشاوٍ حيث يمكن للناس الذين يأتون إلى هنا الجلوس إلى موائد طويلة وتناول لحوم وخضار وأسماك تُشوى مباشرة أمامهم، منكهة بالتوابل والصلصات، على شطيرة خبز مسطحة. هذا يمكن أن يحصل».


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».