قيادات «النهضة» تطالب بضرورة تغيير الغنوشي لحل الأزمة

توقعات بالكشف عن رئيس حكومة جديدة الثلاثاء أو الأربعاء

تواصل الإجراءات الأمنية المشددة قرب مدخل البرلمان تحسباً لأعمال شغب من قبل مؤيدي الغنوشي (أ.ف.ب)
تواصل الإجراءات الأمنية المشددة قرب مدخل البرلمان تحسباً لأعمال شغب من قبل مؤيدي الغنوشي (أ.ف.ب)
TT

قيادات «النهضة» تطالب بضرورة تغيير الغنوشي لحل الأزمة

تواصل الإجراءات الأمنية المشددة قرب مدخل البرلمان تحسباً لأعمال شغب من قبل مؤيدي الغنوشي (أ.ف.ب)
تواصل الإجراءات الأمنية المشددة قرب مدخل البرلمان تحسباً لأعمال شغب من قبل مؤيدي الغنوشي (أ.ف.ب)

أكدت مصادر سياسية ونقابية أن الكشف عن رئيس الحكومة التونسية الجديد وفريقه قد يكون الثلاثاء أو الأربعاء المقبل، فيما أعلنت القيادة الوطنية الموسعة لـ«اتحاد نقابات العمال» أنها ستناقش «مشروع خريطة طريق» لعرضه باسم المجتمع المدني على الرئيس قيس سعيّد، تشمل بالأساس «تقديم تنازلات سياسية» من قبل قيادة حركة النهضة، ومن أبرزها انسحاب راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان، وخروج «الشخصيات القيادية في الأحزاب» من الحكومة والمسؤوليات الوطنية، بما فيها «النهضة».
وفي سياق ذلك، دعا نحو 130 من كوادر حزب النهضة، ومن أعضاء «المجلس الوطني لشباب الحركة»، إلى تغيير في قيادة الحزب المركزية لحل الأزمة السياسية في البلاد، وإحداث «خلية أزمة» تتابع المتغيرات، وتستبعد القياديين المسؤولين عن الأخطاء السياسية التي تسببت -حسبهم- في الأزمة الحالية، وفي تعثر المسار الديمقراطي في البلاد.
وأكد راشد الكحلاني، رئيس قطاع «شباب الحركة» عضو المكتب التنفيذي المركزي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بروز خلافات سياسية عميقة «بعد زلزال 25 يوليو (تموز)»، لكنه أوضح أن الذين يطالبون بتغيير كامل في قيادة الحركة «أقلية»، فيما تدعو «الأغلبية» إلى إعطاء الأولوية اليوم إلى خوض «معركة الحريات»، واسترجاع المؤسسات المنتخبة والبرلمان، مع «إدخال تغيير في القيادة، والانفتاح أكثر على الشباب، وعلى أصحاب الخبرة والكفاءة».
وأوضح أن توصية المجلس الوطني لمنظمته طالبت اليوم بإحداث «قيادة إنقاذ»، أو «مجلس إنقاذ وطني»، وتكليفه بقيادة «النهضة»، تحت إشراف رئيسها الغنوشي، لمواجهة «دعاة الفوضى والعنف، والانقلاب على المكاسب الديمقراطية، وعلى المؤسسات المنتخبة وطنياً، وبينها البرلمان».
لكن عبد اللطيف المكي، وزير الصحة السابق نائب رئيس الحركة، الذي يتزعم جبهة المعارضين من الداخل منذ 5 أعوام قال لـ«الشرق الأوسط» إن نسبة الغاضبين من أداء رئاسة الحركة (الغنوشي) والمكتب التنفيذي الوطني «كبيرة، وقد تضاعفت بعد قرارات 25 يوليو»، مشيراً إلى أنها أصبحت «تدعو بوضوح إلى أن تتحمل القيادة مسؤولية أخطائها السياسية، وسوء تقديرها للموقف، وتورطها في تحالفات وقرارات خفضت من شعبية الحركة، ومشروعها الثقافي والسياسي».
وفي سياق ذلك، افتتحت قيادة النهضة، في ساعة متأخرة من مساء أمس، خلال اجتماع طارئ «لمجلس الشورى المركزي» الذي يعد أعلى سلطة في الحزب، مؤتمرين لاتخاذ قرارات واضحة من «الانقلاب الدستوري»، والتفاعل مع ردود الأفعال الوطنية والدولية المطالبة باختزال «المرحلة الانتقالية» في شهر واحد، والسماح للمؤسسات المنتخبة، وبينها البرلمان والمجالس البلدية، باستئناف عملها «في ظروف عادية، وفي أقرب وقت».
وكان قياديون بارزون قد طالبوا بتأجيل هذا الاجتماع خوفاً من أن «يكرس الانقسام، وتصدع الصفوف، ويعيد إلى السطح الخلافات العميقة التي برزت العام الماضي، عندما وقع نحو مائة قيادي، بزعامة الوزيرين السابقين سمير ديلو وعبد اللطيف المكي، طلبات بتغيير القيادة، واستصدار تعهد من الغنوشي بعدم الترشح لرئاسة الحركة في مؤتمرها الذي كان مقرراً العام الماضي، لكنه تأجل إلى نهاية العام الحالي بسبب جائحة كورونا.
واجتمع «المجلس الوطني للشباب»، وهي المؤسسة الجامعة لشباب حركة النهضة، أمس، لمناقشة اقتراحات كثيرة، ودعا بالإجماع إلى «تجديد القيادة الوطنية، وإشراك الشباب، وفتح باب الحوار والشراكة مع الرئيس سعيد والمجتمع المدني واتحاد نقابات العمال، وكل مكونات المجتمع المدني».
ومن جهة أخرى، قال رضوان المصمودي، رئيس «مركز دراسة الإسلام والديمقراطية التونسي - الأميركي»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، من مكتبه بواشنطن، إنه «متفائل بقرب انتهاء الأزمة في تونس لأسباب كثيرة، من بينها تصريحات وزير الخارجية الأميركي ومساعدوه، والمواقف المعارضة لـ(الإجراءات الاستثنائية التي قررها سعيد) في عريضة أصدرها 20 عضواً في الكونغرس الأميركي».
واستقبل الرئيس التونسي مراسلين من صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، وأوضح لهم، في كلمة مصورة بثها الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية، القرارات التي اتخذها، نافياً أن تكون «انقلاباً أو تشجيعاً على الديكتاتورية والحكم الفردي».
وجاء هذا الاستقبال بعد أن نشرت وسائل إعلام أميركية، بينها «نيويورك تايمز»، تقارير صحافية ومقالات مطولة معارضة لقرارات سعيّد، بينها مقال لراشد الغنوشي.
وفي المقابل، أصدرت الكاتبة الأكاديمية المثيرة للجدل ألفة يوسف، و30 من كبار المثقفين والسياسيين العلمانيين، رسالة مفتوحة إلى الرأي العام الوطني والدولي، تعلن فيها مساندة الإجراءات الاستثنائية التي قررها سعيّد، وحذرت من «سيناريو العودة إلى الحوار والمصالحة مع رموز الإسلام السياسي والفساد».
وعدت هذه الرسالة أن «الفساد ونهب المال العام استشرى في أغلب مفاصل المنظومة السياسية التي أصبحت قائمة على حسابات التموقع السياسي، وعلى خدمة مصالح الأحزاب، وخدمة لوبيات متنفذة، دون أي اكتراث بمصلحة الشعب والوطن، وهذا ما جعل دواليب سير الدولة تتعطل وتتفكك».
وعد هؤلاء المثقفون والسياسيون كذلك أن «مجلس النواب لم يعد يقوم بوظيفته التشريعية، بل أصبح ساحة لصراعات وعنف متبادل، لا سيما ضد النساء. كما أن تسييره كان يخدم مصلحة رئيس المجلس، تنفيذاً لأجندات حزبه حركة النهضة، بدلاً من خدمة مصلحة الشعب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».