ترحيب أممي بفتح الطريق الساحلية في ليبيا بعد عامين من اغلاقها

جانب من حفل أقيم ببوابة «الخمسين» غرب سرت احتفالاً بفتح الطريق الساحلية (وزارة الداخلية)
جانب من حفل أقيم ببوابة «الخمسين» غرب سرت احتفالاً بفتح الطريق الساحلية (وزارة الداخلية)
TT

ترحيب أممي بفتح الطريق الساحلية في ليبيا بعد عامين من اغلاقها

جانب من حفل أقيم ببوابة «الخمسين» غرب سرت احتفالاً بفتح الطريق الساحلية (وزارة الداخلية)
جانب من حفل أقيم ببوابة «الخمسين» غرب سرت احتفالاً بفتح الطريق الساحلية (وزارة الداخلية)

شهدت ليبيا أمس، افتتاحاً رسمياً للطريق الساحلية الحيوية، الرابطة بين شرق وغرب البلاد، بعد إغلاق دام نحو عامين، ورحبت البعثة الأممية بهذه الخطوة، التي اعتبرتها «خطوة أخرى في تعزيز السلام والأمن، والاستقرار في البلاد وتوحيد مؤسساتها»، مشيرة إلى أن فتح الطريق «رسالة إلى قيادات البلاد لتنحية خلافاتهم جانباً، والعمل معاً لتنفيذ خريطة الطريق وإجراء الانتخابات»، وتعهدت البعثة بأن الخطوة التالية «هي سحب المرتزقة والقوات الأجنبية». وفي غضون ذلك، اندلعت اشتباكات مفاجئة في العاصمة طرابلس، بين ميليشيات مسلحة محسوبة على السلطة التنفيذية.
وفي غياب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، أعلنت اللجنة العسكرية المشتركة «5 + 5»، التي تضم ممثلي «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوحدة»، افتتاح الطريق الساحلية بدءاً من أمس، على الرغم من تأكيد مصادر في الجيش على وجود «هواجس أمنية»، وتكرار قادة قوات موالية للحكومة تهديدات بغلق الطريق الساحلية.
وخلال احتفال أقيم ببوابة «الخمسين»، غرب مدينة سرت، وحضره أعضاء اللجنة العسكرية، ومسؤولون محليون، ووفد بعثة الأمم المتحدة، عبرت مئات السيارات والشاحنات إلى المنطقة الغربية. واعتبر اللواء أحمد أبو شحمة، عضو اللجنة، أن فتح الطريق الساحلية «سينهي معاناة عاشها المواطنون، ويسهم في تسريع تقديم كل الاحتياجات الضرورية والإنسانية لكل المدن»، موضحاً أن اللجنة تسعى لإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية. وأشار في هذا السياق إلى اتصالات مع رئيس البعثة الأممية، يان كوبيش، للمساعدة في التواصل مع الدول ذات العلاقة، التي لها «مرتزقة» وقوات على الأراضي الليبية «للعمل على إخراجها». وقال إن فرق الهندسة العسكرية وفرق نزع الألغام ما زالت تواصل عملها في المسح الشامل لنزع الألغام لتأمين حركة المواطنين المسافرين، ومربي الإبل والأغنام جنوب الطريق.
بدوره، اعتبر حفتر أن «بلوغ السلام العادل الشامل، الذي يطمح إليه الليبيون، لن يتحقق ما لم تغادر جميع القوات الأجنبية والمرتزقة الأراضي الليبية، مغادرة غير مشروطة، عاجلاً وليس آجلاً».
وحمّل حفتر في كلمة «متلفزة» له بمناسبة فتح الطريق الساحلية المجتمع الدولي، المُتبني والداعم لمسار السلام في ليبيا، مسؤولية مضاعفة جهوده إلى أقصى الحدود لتحقيق هذا المطلب الشعبي. وبارك فتح الطريق، لكنه طالب المجتمع الدولي بـ«أن يعي جيداً أننا نعني ما نُكرره مراراً بأنه لا سلام مع المحتل، ولا سلام مع المرتزقة، ولا سلام إلا والسلاح بيد الدولة». كما دعا لجنة «5 + 5» إلى وضع هذا الملف على قائمة أولوياتها في المرحلة المقبلة.
وقبل ساعات من فتح الطريق، كشفت إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني» عن زيارة ميدانية، قامت بها لجنة «5 + 5» العسكرية إلى مقر المنطقة العسكرية الوسطى، برفقة آمرها اللواء أحمد سالم. فيما كرر العميد عبد الهادي دراه، الناطق باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت - الجفرة، التابعة للحكومة، تهديداته بغلق الطريق مجدداً، وأكد أن الغرفة سوف تضطر إلى إغلاقها حتى يقوم الطرف الثاني بفتحها، ويلتزم بتنفيذ كل بنود اتفاق «5 + 5»، التي تشمل إزالة الألغام، وسحب المرتزقة وتسليم الأسرى.
في شأن آخر، نقل المنفي عن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس، إشادته بما وصفه بالعلاقات الاستثنائية بين البلدين، مؤكداً دعمه التام للمجلس وللاستقرار في ليبيا.
وأوضح المنفي أنهما بحثا مستجدات الوضع في تونس، وأكد الحرص الشديد على استقرار الوضع في هذا البلد، الذي اعتبر أن استقراره من استقرار ليبيا، وأن زعزعة الاستقرار فيها سيؤثر على كل المنطقة.
وكان عبد الله اللافي، نائب المنفي، قد أكد عقب محادثات مفاجئة مساء أول من أمس، مع الرئيس التونسي قيس سعيد، استمرار ليبيا في المساعدة في كل ما يخدم مصلحة الشقيقة تونس، دون تدخل في شأنها الداخلي، معرباً عن تمنياته باستقرار أوضاعها، بما يحقق طموحات شعبها.
واعتبر اللافي أن تصريحات بعض الشخصيات لا تلزم الدولة الليبية، في إشارة إلى خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، والصادق الغريانى المفتي المقال من منصبه، وكلاهما محسوب على تنظيم الإخوان، ومن أكبر حلفاء تركيا في ليبيا.
لكن مصادر تحدثت في المقابل عن أن زيارة اللافي إلى تونس تمت إثر اتصال أجراه معه السفير التركي في طرابلس.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.