جنوب السودان... 10 سنوات بانتظار السلام والاستقرار

رياك مشار  -   سلفا كير
رياك مشار - سلفا كير
TT

جنوب السودان... 10 سنوات بانتظار السلام والاستقرار

رياك مشار  -   سلفا كير
رياك مشار - سلفا كير

أحيا جنوب السودان الذكرى العاشرة لاستقلاله في يوليو (تموز)، من دون احتفالات رسمية بسبب مخاوف بشأن تنظيم فعاليات في خضم جائحة «كوفيد 19»، وفق تصريح لنائب وزير الإعلام بابا ميدان. لكن الرئيس سلفا كير ميارديت أرجع القرار إلى العقوبات الدولية التي قال إنها «تفقّر» جنوب السودان وتحرم الدولة من الإيرادات، موضحاً أن «هذا هو سبب عدم احتفالنا بالذكرى السنوية العاشرة بالطريقة التي يأملها الناس».
مقابل ذلك، طالبت سلطات جنوب السودان المواطنين بالاحتفال بهذه المناسبة في بيوتهم، مبرّرة ذلك بتفشي «كوفيد 19». وأعلن عن تدشين دولة جنوب السودان رسمياً في 9 يوليو 2011. لكن خلال هذا العقد من الزمن، شهدت البلاد حرباً أكثر مما عرفت سلاماً. ولم يحتفل البلد بذكرى استقلاله منذ 2014.
وبحسب أرقام ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في جنوب السودان، عرفات جمال، فإن أكثر من 2.2 مليون شخص اضطروا إلى الفرار للبلدان المجاورة في المنطقة؛ إثيوبيا والسودان وأوغندا بشكل رئيس. وعلاوة على ذلك، نزح 1.6 مليون شخص داخل حدود البلاد، وأصبحوا منقطعين عن التعليم وسبل كسب الرزق والحماية.
وفي حين أوضح التقرير الأممي أن «مستوى النزوح الداخلي واللجوء المسجل في جنوب السودان يجعل منها أكبر أزمة نزوح قسري على مستوى القارة الأفريقية»، صنّف أحدث تقرير أصدرته مفوضية اللاجئين حول اتجاهات النزوح القسري في شهر يونيو (حزيران) الماضي، جنوب السودان بين الدول الخمس التي يأتي منها العدد الأكبر من اللاجئين على مستوى العالم.
إضافة إلى ما تقدّم، تشير التقديرات إلى أن 7.2 مليون شخص – أي 60 في المائة من سكان البلاد - يعانون من انعدام الأمن الغذائي. الأمر الذي يعني أن البلاد تعيش أسوأ أزمة غذاء وتغذية على مستوى العالم.
وأضاف جمال، الذي يشغل أيضاً منصب النائب المؤقت لممثل الأمين العام والمنسق الإنساني للأمم المتحدة: «رغم ذلك، فتحت دولة جنوب السودان أبوابها بسخاء لاستضافة 320 ألف لاجئ يأتون في غالبيتهم من السودان». وأضاف أن الجهود الرامية لتنفيذ عملية سلام وطنية شجعت نحو 375 ألف لاجئ جنوب سوداني على العودة طوعاً إلى ديارهم منذ عام 2017. إضافة إلى 1.6 مليون نازح داخلياً عادوا أيضاً إلى منازلهم. وأضاف: «لا تشجع المفوضية ولا تيسر عودة اللاجئين في الوقت الحالي، لكنها تقدم المعونة لمن يختارون العودة لمساعدتهم على بدء حياتهم من جديد».
وأشار جمال أيضاً إلى الحاجة لموارد مالية لمواصلة جهود الإغاثة الحالية والتصدي للتغيرات الظرفية المستقبلية، بما في ذلك دعم العودة المستدامة وتحقيق مكاسب تنموية متكاملة. وتابع قائلاً: «تلقت عملياتنا في جنوب السودان نسبة 38 في المائة فقط من الـ224 مليون دولار المطلوبة لهذ العام. لكننا نحتاج إلى 11 مليون دولار على الأقل لإدارة وتوسيع نشاطاتنا في مناطق العودة، بما في ذلك تعزيز حضور طواقم العمل ومراقبة الحدود وتنفيذ المشروعات القائمة على المجتمع». وشدد على الحاجة إلى تعزيز جهود التنمية لتحسين الظروف المعيشية الحالية للسكان، وبناء قدرتهم على التصدي للأزمات مستقبلاً.
من ناحية أخرى، توفر الذكرى العاشرة للاستقلال التاريخي لجنوب السودان فرصة مهمة لإعطاء زخم جديد لعملية السلام لتحقيق الاستقرار والسلام والازدهار الذي يستحقه المواطنون، وفق بيان صدر عن بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان «أونميس». وقال نيكولاس هايسوم، رئيس البعثة، إن شعب جنوب السودان «كافح طويلاً وبشدة من أجل استقلاله وتحمّل معاناة كبيرة لتأمين حياة أفضل لنفسه وللأجيال القادمة». وأردف: «إننا نحث القادة السياسيين في البلاد على اغتنام هذه الفرصة لجعل آمال وأحلام العقد الماضي حقيقة واقعة من خلال تأمين السلام المستدام اللازم لتمكين الانتعاش الكامل والتنمية».



الفرص والتحديات وتوقّعات المستقبل من منظورَي الرياض وبكين

نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
TT

الفرص والتحديات وتوقّعات المستقبل من منظورَي الرياض وبكين

نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)

تُعَدُّ الشراكة بين السعودية والصين فرصة كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات حيوية عدة. إذ يوفر التعاون في الطاقة النظيفة والابتكار التكنولوجي فرصاً لدعم أهداف السعودية في تحقيق «رؤية 2030» وزيادة استخدام الطاقة المستدامة، كما أن الاستثمار في مشاريع كبرى مثل «نيوم» يفتح آفاقاً واسعة للتنمية المستدامة ويعزز من النمو المشترك.

في مجالات التكنولوجيا والابتكار، يعزّز التعاون في قطاعي الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية من قدرة السعودية على تحقيق أهدافها التكنولوجية، ويقوّي الروابط الاقتصادية بين البلدين، ومن جهة أخرى، يعزز التبادل الثقافي والتعليم من العلاقات الإنسانية ويزيد من التعاون بين الشعبين.

مع هذا، تواجه الشراكة تحدياتٍ قد تؤثر على العلاقات الثنائية، وتشمل هذه التحديات التوترات الجيوسياسية الدولية التي تتطلب مزيداً من الحكمة والروية من أجل درء تعارض المصالح، والتقلبات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على حجم التبادل التجاري والاستثمارات. ولا شك أن الاختلافات الثقافية والسياسية تستوجب تعزيز الحوار والتفاهم، كما يتطلب تحقيق التنمية المستدامة التنسيق بين المشاريع المشتركة وضمان توافقها مع معايير البيئة.

مستقبلاً، يتوقع أن يزداد التعاون في الطاقة النظيفة - وتقف مشاريع مثل «نيوم» حافزاً كبيراً لتعزيز الاستثمارات الصينية في المملكة -، كذلك عبر تكثيف الفعاليات الثقافية والتبادلات التعليمية، يؤمل تمتين الروابط بين الشعبين، ويمكن أن يشمل التعاون المستقبلي المجالات الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي. وحقاً، من شأن دعم السعودية مبادرة «الحزام والطريق»، الإسهام في تعزيز البنية التحتية والنقل بين الصين والشرق الأوسط، مع الأخذ في الحسبان تكيّف الشراكة مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية باعتماد استراتيجيات مرنة.

إن العلاقات السعودية الصينية اليوم نموذج للشراكة الاستراتيجية المتكاملة التي تستند إلى المصالح المشتركة والرؤية المستقبلية، ومع مواصلة تطوير هذه الشراكة يتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من النمو في مختلف المجالات؛ ما يخدم مكانتيهما على الساحة الدولية. وأخيراً، إن الشراكة بين السعودية والصين لا تقتصر على تعزيز العلاقات الثنائية فحسب، بل تمتد لتسهم في استقرار الاقتصاد العالمي وتنميته بشكل عام. إذ تجسّد هذه الشراكة نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي القائم على تحقيق مصالح مشتركة؛ مما يساهم في تعزيز السلم والاستقرار العالميين. وهنا تبرز خصوصاً الرؤية الاستراتيجية عند البلدين والتزامهما بالابتكار والتعاون ليفتحا أبواباً جديدة للتنمية والتفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.