خامنئي ينتقد «الثقة بالغرب» ويرفض التفاوض على «الباليستي والإقليمي»

دعا رئيسي إلى التعلم من تجربة حكومة روحاني

صورة نشرها موقع خامنئي للقائه مع حكومة روحاني عشية أسبوعها الأخير
صورة نشرها موقع خامنئي للقائه مع حكومة روحاني عشية أسبوعها الأخير
TT

خامنئي ينتقد «الثقة بالغرب» ويرفض التفاوض على «الباليستي والإقليمي»

صورة نشرها موقع خامنئي للقائه مع حكومة روحاني عشية أسبوعها الأخير
صورة نشرها موقع خامنئي للقائه مع حكومة روحاني عشية أسبوعها الأخير

قبل أن يسلم الرئيس الإيراني حسن روحاني «مفاتيح» الحكومة إلى المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي الأسبوع الماضي، أبدى «المرشد» علي خامنئي تمسكه بإقفال باب التفاوض على قضايا أبعد من الاتفاق النووي لـعام 2015، وانتقد «الثقة بالغرب» في وداع الإدارة الحالية، مبدياً تحفظه على مسار مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، والشرط الأميركي للتفاوض على إطالة أمد الاتفاق، والسعي لتعزيزه بمعالجة سلوك إيران الإقليمي وتطوير الصواريخ الباليستية.
ودعا خامنئي الحكومة المقبلة إلى استخلاص الدروس من تجربة الحكومة الحالية، وحض على «تجنب الثقة بالغرب»، وقال: «اتضح أن الثقة بالغرب لا تنفع».
وجاء خطاب خامنئي بعد انتقادات لاذعة وجهها روحاني في خطاباته الأربعة الأخيرة إلى البرلمان ومجلس تشخيص مصلحة النظام، التي اتهمها فيها بعرقلة مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، وإبطاء مسار التفاوض لرفع العقوبات.
وفي رد ضمني، قال خامنئي لروحاني وفريق إدارته: «حيثما جعلتم الأعمال مَنوطة بالمفاوضات مع الغرب وأميركا أخفقتم، وحيثما اعتمدتم على القدرة الداخلية حققتم النجاح وتقدمتم». وشدد على أنه «ينبغي للحكومات ألا تجعل برامجها الداخلية مَنوطة بالمفاوضات مع الغرب إطلاقاً لأنها ستخفق قطعاً». وأضاف: «إنهم لا يساعدون في شيء، بل يوجهون الضربات حيث يستطيعون. أينما لم يوجهوا الضربات، لم يكن لديهم القدرة على ذلك»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن موقع خامنئي.
ومن شأن موقف خامنئي أن يعمق أزمة الثقة المتبادلة بين الرباعي الغربي وإيران. كما سيواجه روحاني الذي رفع شعار «المفتاح» لكل مشكلات إيران الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عاصفة انتقادات من قبل وسائل إعلام «الحرس الثوري» ومعسكر المحافظين قبل أن يترك مقر الرئاسة، عندما يؤدي المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي القسم الدستورية الخميس المقبل.
ويتمتع الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية، ويتولى تشكيل الحكومة، إلا أن الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد، بما فيها الملف النووي، تعود إلى المرشد الأعلى للجمهورية.
وانسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وأعلن استراتيجية «الضغط الأقصى»، بهدف تعديل سلوك طهران الإقليمي والصاروخي، وإجبارها على إطالة أمد الاتفاق. وفي المقابل، أوقفت طهران العمل بعدد من التزامات الاتفاق النووي رداً على العقوبات. وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تولى مهامه خلفاً لترمب العام الحالي استعداده للعودة إلى الاتفاق، بشرط عودة إيران إلى احترام كامل التزاماتها بموجبه التي كانت قد تراجعت عن غالبيتها بشكل تدريجي بعد عام من الانسحاب الأميركي منه.
وبدأت إيران والدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق مباحثات في فيينا مطلع أبريل (نيسان) الماضي، بمشاركة أميركية غير مباشرة، سعياً لإحيائه. وخاضت الأطراف 6 جولات من المباحثات بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، دون تحديد موعد لجولة جديدة، في حين أكدت طهران أن استئناف المباحثات لن يتم قبل تسلم الحكومة الجديدة مهامها.
وبشأن المباحثات النووية، أشار خامنئي إلى أن واشنطن تربط عودتها للاتفاق بإجراء مباحثات لاحقة تطال برنامج إيران الصاروخي وقضايا إقليمية، وقال: «يتحدث الأميركيون عن رفع الحظر، لكنهم لم ولن يرفعوه؛ لقد وضعوا شروطاً، وقالوا يجب أن تتم إضافة بنود أخرى إلى الاتفاق (تفيد) بأن يتم الحديث في بعض المواضيع في المستقبل أو لن يكون ثمة اتفاق».
وأوضح أنهم يريدون بذلك «توفير ذريعة لتدخلاتهم المقبلة بالاتفاق النووي نفسه، وقضايا الصواريخ والمنطقة. وفي حال لم تتحدث إيران (معهم) بشأنها، سيقولون إنكم خالفتم الاتفاق». وقال: «لقد سبق لهم أن نكثوا بتعهداتهم، وهم يرفضون إعطاء أي ضمان لعدم انسحابهم من الاتفاق النووي مجدداً، في حال توصل الطرفان إلى تفاهم على إحيائه». وقال إنه خلال المحادثات النووية التي جرت في الفترة الأخيرة «تمسكت أميركا بقوة بمواقفها العنيدة، ولم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام». ومضى قائلاً: «الأميركيون يقولون بأفواههم إنهم سيرفعون الحظر عن إيران، ولكنهم لم ولن يفعلوا». وبحسب ما نقلته «رويترز» عن التلفزيون الرسمي، فإنه قال إن «أميركا تتعامل بشكل خبيث، وبلا مروءة، وهي لا تترفع أبداً عن نقض تعهداتها والتزاماتها، كما فعلت بالخروج من الاتفاق النووي». وفي فبراير (شباط) الماضي، تعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالسعي إلى إطالة أمد الاتفاق النووي وتعزيزه، والتصدي لمباعث القلق الأخرى، مثل سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، وتطوير الصواريخ الباليستية وانتشارها.
وفي بداية الشهر الماضي، وبعد انتهاء الجولة الخامسة من محادثات فيينا، كشفت مجلة «بوليتكو» عن سعي أميركي - أوروبي لإدراج الملفين الصاروخي والإقليمي ضمن المحادثات الجارية في فيينا.
وفي وقت لاحق، قال الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، في أول مؤتمر صحافي بعد فوزة بالانتخابات، إن القضايا الصاروخية والإقليمية «غير قابلة للتفاوض»، وصرح: «إنهم لم يعملوا بالاتفاق السابق، فكيف يريدون الدخول إلى قضايا جديدة». ولم يمنح خامنئي درجة النجاح الكاملة لحكومة روحاني، وقال إن «أداء الحكومة لم يكن واحداً في مختلف الأقسام؛ في بعض القضايا كانت وفق توقعاتنا، لكن في بعض القضايا لم تكن كذلك».



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.