اتهام لإسرائيل و«حماس» بجرائم حرب

مقتل 62 مدنياً بقصف خارج أهداف عسكرية في غزة

مخيم الشاطئ في غزة الذي استهدف خلال الجولة الأخيرة من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مخيم الشاطئ في غزة الذي استهدف خلال الجولة الأخيرة من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

اتهام لإسرائيل و«حماس» بجرائم حرب

مخيم الشاطئ في غزة الذي استهدف خلال الجولة الأخيرة من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مخيم الشاطئ في غزة الذي استهدف خلال الجولة الأخيرة من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس» بـ«تنفيذ هجمات انتهكتا فيها قوانين الحرب وترقى إلى جرائم حرب»، خلال جولة القتال الأخيرة مع قطاع غزة، في مايو (أيار) الماضي، مما يظهر الحاجة إلى تحقيقات دولية.
وأفاد تقرير صادر عن المنظمة بأن 3 غارات جوية من بين غارات كثيرة شنها الجيش الإسرائيلي في غزة، أسفرت عن مقتل 62 مدنياً فلسطينياً، نفذت دون أهداف عسكرية واضحة في المنطقة، فيما إن الجماعات الفلسطينية المسلحة «ارتكبت هجمات غير قانونية، حيث أطلقت أكثر من 4.360 صاروخ غير موجهة وقذيفة «هاون» باتجاه مراكز سكنية إسرائيلية».
وقال غاري سيمبسون، المدير المساعد لقسم الأزمات والنزاعات في المنظمة، إن «القوات الإسرائيلية نفذت هجمات في غزة دمرت عائلات بأكملها، دون أي هدف عسكري مرئي في مكان قريب». وأضاف أن عدم رغبة إسرائيل المستمرة في التحقيق بجدية في مزاعم جرائم الحرب، وكذلك إطلاق النار من قبل الفلسطينيين على التجمعات السكانية المدنية، يؤكد الحاجة إلى إجراء تحقيق مستمر في أفعال الجانبين بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وكانت إسرائيل شنت حرباً على غزة استمرت 11 يوماً في مايو الماضي قتلت خلالها 260 فلسطينياً؛ بينهم ما لا يقل عن 129 مدنياً؛ منهم 66 طفلاً، فيما أصابت 1.948 فلسطيني؛ بينهم 610 أطفال، مقابل هجمات صاروخية وقذائف «هاون» أطلقت من غزة وأسفرت عن مقتل 12 إسرائيلياً، بينهم طفلان وجندي. كما قتل عدة فلسطينيين في غزة بسبب إخفاق الصواريخ التي أطلقتها الجماعات المسلحة وسقوطها في غزة، بحسب تقرير المنظمة.
يذكر أن «هيومن رايتس ووتش»، قابلت، منذ أواخر مايو، 30 فلسطينياً بشكل شخصي، شهدوا الهجمات الإسرائيلية، أو كانوا أقارب لمدنيين قتلوا، أو سكان في المناطق المستهدفة. كما زارت «هيومن رايتس ووتش» موقع 4 غارات، وفحصت بقايا ذخائر، وحللت صور الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو وصوراً التقطت في أعقاب الهجمات.
وركزت «هيومن رايتس ووتش» تحقيقاتها على 3 هجمات إسرائيلية أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين ولم يكن بجوارها أهداف عسكرية واضحة، ومن المرجح أن تكون الهجمات الإسرائيلية الأخرى أثناء النزاع غير قانونية؛ وفق وصف التقرير.
وذكر التقرير أنه في 10 مايو، بالقرب من بلدة بيت حانون، سقط صاروخ إسرائيلي موجه قرب 4 منازل لعائلة المصري، ما أسفر عن مقتل 8 مدنيين؛ بينهم 6 أطفال. وفي 15 مايو، دمرت قنبلة موجهة مبنى من 3 طوابق في مخيم الشاطئ للاجئين، ما أسفر عن مقتل 10 مدنيين؛ امرأتان و8 أطفال من عائلتين تربطهما صلة قرابة. وفي 16 مايو، ضربت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية لأربع دقائق، شارع «الوحدة» في مدينة غزة، مما أدى إلى انهيار 3 مبانٍ متعددة الطوابق، وأسفر عن مقتل 44 مدنياً. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف أنفاقاً ومركز قيادة تحت الأرض تستخدمه الجماعات المسلحة، لكنه لم يقدم تفاصيل لدعم هذا الادعاء.
وقد رد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على رسالة «هيومن رايتس ووتش» المرسلة في 4 يونيو (حزيران) الماضي، والتي لخصت فيها النتائج التي توصلت إليها بشأن الحالات المذكورة، ومن بين ما قاله إنه يضرب «أهدافاً عسكرية فقط، بعد أن يقيّم أن الأضرار الجانبية المحتملة الناتجة عن الهجوم، ليست مفرطة فيما يتعلق بالميزة العسكرية المتوقعة». وقال الجيش أيضاً إنه يحقق في «عدد من الهجمات التي وقعت خلال قتال مايو، لتحديد ما إذا كانت قواعده قد انتهكت».
وطلبت المنظمة في 30 مايو الماضي تصاريح لباحثين كبار في «هيومن رايتس ووتش»، لدخول غزة بهدف إجراء مزيد من التحقيقات في الأعمال العدائية، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت الطلب.
ودعت المنظمة حلفاء إسرائيل إلى الضغط من أجل السماح لمنظمات حقوق الإنسان بدخول غزة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها. وقالت المنظمة: «على شركاء إسرائيل، لا سيما الولايات المتحدة، التي تقدم مساعدات عسكرية كبيرة واستخدمت أسلحة من صنعها فيما لا يقل عن هجومين من الهجمات التي حققت فيها، أن تشترط لأي مساعدة أمنية مستقبلية لإسرائيل اتخاذ إجراءات ملموسة وقابلة للتحقق منها لتحسين امتثالها لقوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتحقيق في الانتهاكات السابقة».
وبينت «هيومن رايتس ووتش» أنها تجري أبحاثاً وستقدم تقريراً مفصلاً بشأن عمليات الفصائل الفلسطينية. وقال سيمبسون: «لم تظهر إسرائيل والسلطات الفلسطينية أي اهتمام يذكر بمعالجة الانتهاكات التي ترتكبها قواتهما». ولم تعقب إسرائيل فوراً على التقرير، لكن «حماس» قالت إن التقرير يعيد التأكيد على ما وثقته عشرات المؤسسات الدولية الحقوقية على مدار عقود.


مقالات ذات صلة

متظاهرون في دوما السورية يطالبون بمعرفة مصير ناشطين مفقودين منذ 11 عاماً

المشرق العربي وقفة احتجاجية للمطالبة بمعلومات عن الناشطين السوريين سميرة خليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم الحمادي الذين اختطفهم مجهولون في ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)

متظاهرون في دوما السورية يطالبون بمعرفة مصير ناشطين مفقودين منذ 11 عاماً

تجمّع عشرات المتظاهرين في دوما بريف دمشق، مطالبين بمعرفة مصير أربعة ناشطين فُقدوا قبل 11 عاماً في هذه المدينة التي كانت تسيطر عليها فصائل معارضة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص من معرض سويسري لصور الضحايا في «ملفات قيصر» (أ.ف.ب) play-circle 01:43

خاص «سامي»: في البداية كنت أبكي أمام صور ضحايا الأسد ثم تبلّدت مشاعري

في الحلقة الأخيرة من مقابلته الموسّعة مع «الشرق الأوسط»، يروي «مهرّب» ملفات «قيصر» أسامة عثمان، كيف عاش لسنوات مع صور ضحايا التعذيب «كأنهم أصدقائي».

غسان شربل (باريس)
المشرق العربي وزير الإعلام السوري محمد العمر يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اجتماع في دمشق (أ.ف.ب)

وزير الإعلام السوري يتعهّد بالعمل على تعزيز حرية الصحافة والتعبير

قال وزير الإعلام السوري الجديد محمد العمر إنه يعمل من أجل «بناء إعلام حر»، متعهداً بضمان «حرية التعبير» ببلد عانت فيه وسائل الإعلام لعقود من التقييد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص يتهم أسامة عثمان «الائتلاف الوطني السوري» المعارضة بأنه «أمد في عمر بشار الأسد» (غيتي) play-circle 03:29

خاص «سامي» شريك «قيصر» لـ«الشرق الأوسط»: «الائتلاف» أمدَّ بعمر بشار الأسد

في الحلقة الثانية من مقابلته الموسّعة، يروي مهرّب «ملفات قيصر» كيف اقترب النظام من كشفه ورفيقه مرتين اضطر في إحداهما إلى إخفاء الكاميرا والأجهزة تحت كومة قمامة.

غسان شربل (باريس)
الولايات المتحدة​ سيدات أفغانيات في العاصمة كابل (متداولة)

الأمم المتحدة تعدُّ قرار «طالبان» منع النساء من العمل بمنظمات غير حكومية «خاطئاً بالكامل»

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إنه يجب على سلطات «طالبان» الحاكمة في أفغانستان إلغاء الحظر الذي فرضته على عمل النساء في المنظمات غير الحكومية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».