«النقد الدولي» يتوقع نمواً عالمياً 6 % للعام الجاري و4.9 % للعام المقبل

الدول الغنية تتعافى بمعدل أسرع من الفقيرة

خيمت المخاوف على تقرير «النقد الدولي» بسبب متحور «دلتا» حتى بات الانتعاش غير مضمون عالمياً (أ.ف.ب)
خيمت المخاوف على تقرير «النقد الدولي» بسبب متحور «دلتا» حتى بات الانتعاش غير مضمون عالمياً (أ.ف.ب)
TT

«النقد الدولي» يتوقع نمواً عالمياً 6 % للعام الجاري و4.9 % للعام المقبل

خيمت المخاوف على تقرير «النقد الدولي» بسبب متحور «دلتا» حتى بات الانتعاش غير مضمون عالمياً (أ.ف.ب)
خيمت المخاوف على تقرير «النقد الدولي» بسبب متحور «دلتا» حتى بات الانتعاش غير مضمون عالمياً (أ.ف.ب)

توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 6 في المائة في العام الجاري، وبنسبة 4.9 العام المقبل، بينما خفض من توقعاته للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية والدول الفقيرة خاصة الآسيوية، فيما تم تعديل توقعات الاقتصادات المتقدمة والدول الغنية بالزيادة.
وفي توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط، أبدى الصندوق في تقريره آفاق الاقتصاد العالمي الذي أصدره أمس الثلاثاء، تفاؤلا بسبب النشاط القوي في بعض البلدان مثل المملكة العربية السعودية والمغرب، وتم تعديل التوقعات بالزيادة، لكن تم تخفيض توقعات الناتج المحلي الإجمالي عن توقعات أبريل (نيسان) الماضي بسبب تراجع إنتاج النفط، وفق اتفاق أوبك، كما انخفضت توقعات النمو لمجموعة البلدان النامية منخفضة الدخل بمقدار 0.4 في المائة.
ويشير الخبراء إلى أن الدول النامية منخفضة الدخل ستحتاج إلى ما يقرب من 200 مليار دولار للإنفاق على خطط مكافحة الوباء ومبلغ 250 مليار دولار إضافي لاستعادة أوضاع ما قبل الوباء.
وقال الاقتصاديون في صندوق النقد الدولي، إنهم رصدوا اتجاها مثيرا للقلق، حيث تنمو البلدان الغنية بشكل أسرع بينما تتدهور الأوضاع الاقتصادية في الاقتصادات الناشئة والنامية مما يجعل الفقراء يزدادون فقرا، مما يثير مخاوف من اندلاع الاضطرابات الاجتماعية والتوترات الجيوسياسية، والنتيجة الأكثر إثارة للقلق لدول العالم النامي سيكون الانتشار الأكثر حدة لـ(كوفيد - 19) والمتحور دلتا، غير أن المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصادات المتقدمة من شأنه أن يصعب الأوضاع المالية في الدول النامية.
وأشار الصندوق إلى أن بطء نشر اللقاحات يعيق تقدم الدول منخفضة الدخل خاصة مع احتمال ظهور متغيرات لفيروس «كورونا» شديدة العدوى تؤدي إلى قيود جديدة على الحركة وتقليص النشاط الاقتصادي.
وتوصل الصندوق إلى سيناريوهين كلاهما سيئ، الأول: تتعرض فيه الدول الناشئة إلى موجة جديدة من متحورات الفيروس بينما تقوم الدول المتقدمة بتنفيذ سياسات تحفيز في مواجهة ارتفاع التضخم، وبالتالي تراجع معدلات النمو إلى أقل من 0.75 في المائة للعام الجاري و1.5 في المائة للعام المقبل.
والسيناريو الثاني: أن تتأثر كل من الدول الغنية والفقيرة بمعدلات إصابات متزايدة وفي كلا السيناريوهين يتراجع الاقتصاد العالمي بأكثر مما كان متوقعا.
وفي تحديث لتوقعاته الاقتصادية العالمية، أعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه من أن أي انتعاش كبير للتضخم من شأنه أن يضغط على البنوك المركزية في العالم لرفع أسعار الفائدة، وبالتالي تهديد الانتعاش العالمي؛ ومع ذلك، توقع الصندوق عودة التضخم إلى مستويات ما قبل الوباء في معظم البلدان العام المقبل.
ويمضي صندوق النقد والبنك الدولي لتوفير 50 مليار دولار لزيادة معدلات التطعيم، كما يمضي صندوق النقد في خطة لتقديم 650 مليار دولار من المساعدة لمساعدة البلدان التي تواجه فترات الانكماش.
وقال صندوق النقد الدولي، إنه يتوقع أن يتوسع الاقتصاد العالمي بنسبة 6 في المائة هذا العام - وهو ارتداد كبير من الانكماش بنسبة 3.2 في المائة في عام الوباء لعام 2020.
ويتوقع الصندوق أن تنمو الاقتصادات المتقدمة 5.6 في المائة هذا العام، وهو ارتفاع من 5.1 في المائة كان قد توقعه في أبريل الماضي، مدعوماً بالتعافي السريع للمستهلكين والشركات. لكنه خفض توقعاته للأسواق الناشئة والبلدان النامية إلى 6.3 في المائة من 6.7 في المائة كان قد توقعها في أبريل.
ويقول الخبراء إن الاقتصادات المتقدمة، التي تم فيها تطعيم ما يقرب من 40 في المائة من السكان، أعيد فتحها إلى حد كبير بعد إغلاق COVID - 19 العام الماضي لكن في البلدان النامية والأسواق الناشئة، يبلغ معدل التطعيم 11 في المائة فقط، ولا تستطيع حكومات البلدان الفقيرة أن تضاهي تدفق الإنفاق الحكومي الذي استخدمته الدول الغنية لدفع انتعاشها الاقتصادي.
وقال تقرير الصندوق إنه من المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة نمواً بنسبة 7 في المائة هذا العام، وهو انعكاس حاد عن انخفاض بنسبة 3.5 في المائة في العام الماضي، وزيادة من النمو 6.4 في المائة الذي توقعه صندوق النقد الدولي لعام 2021 في أبريل، مدعوما بخطط الإنفاق الطموحة للرئيس جو بايدن هذا العام والعام المقبل. كما يتوقع صندوق النقد نمو الاقتصاد الأميركي 4.9 في المائة في عام 2022، ارتفاعاً من 3.5 في المائة توقعاته قبل ثلاثة أشهر.
وقال الصندوق إنه من المتوقع أن تنمو الدول الأوروبية التسع عشرة التي تشترك في عملة اليورو بنسبة 4.6 في المائة بشكل جماعي العام الجاري، مقابل انكماش العام الماضي 6.5 في المائة العام الماضي. ومن المتوقع أن تتوسع اليابان، التي عانت من انخفاض بنسبة 4.7 في المائة في النمو الاقتصادي في عام 2020. بنسبة 2.8 في المائة هذا العام.
وانخفضت التوقعات بالنسبة للصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، إلى 8.1 في المائة بعد أن خفضت الحكومة الإنفاق والاستثمار. كما خفض الصندوق توقعاته للنمو في الهند إلى 9.5 في المائة من 12.5 في المائة قبل ثلاثة أشهر بعد أن طغت على البلاد حالات COVID.
ورغم التوقعات الأكثر إشراقاً للاقتصادات الكبرى، فإن التوقعات في جميع أنحاء العالم خيمت عليها حالة عدم اليقين بشأن متغير دلتا لفيروس «كورونا» والتقدم غير المتكافئ في حملات التطعيم. وكتبت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد، على مدونة الصندوق «الانتعاش غير مضمون حتى يتم التغلب على الوباء عالمياً».



«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

من المؤكد تقريباً أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة مجدداً يوم الخميس، مع الإشارة إلى مزيد من التيسير في عام 2025؛ حيث يقترب التضخم في منطقة اليورو من الهدف المعلن بينما يواجه الاقتصاد تعثراً ملحوظاً.

وكان البنك قد خفض الفائدة في ثلاثة من اجتماعاته الأربعة الأخيرة، لكن النقاش أصبح يدور حول مدى سرعة تطبيق التيسير لدعم اقتصاد يعاني من خطر الركود، ويواجه أيضاً تحديات من عدم الاستقرار السياسي الداخلي واحتمالية نشوب حرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

ومن المتوقع أن يهيمن هذا السؤال على اجتماع الخميس، لكن صقور السياسة النقدية، الذين لا يزالون يشكلون الأغلبية في مجلس الإدارة المكون من 26 عضواً، سيدعمون على الأرجح خفضاً طفيفاً بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة القياسي إلى 3 في المائة، حسبما أفاد معظم الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وفي إطار حل وسط مع صناع السياسات الأكثر حمائية، قد يترافق الخفض مع تعديلات على إرشادات البنك المركزي الأوروبي، توضح أنه سيكون هناك المزيد من التيسير بشرط عدم حدوث صدمات جديدة للتضخم، الذي من المتوقع أن يعود إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة في النصف الأول من عام 2025.

وقال بيت هاينز كريستيانسن، الخبير الاقتصادي في بنك «دانسكه»، إن «الموقف التقييدي الحالي، وتدهور توقعات النمو، والتضخم الذي بلغ الهدف، يجب أن تدفع جميعها إلى خفض بمقدار 50 نقطة أساس». لكنه أضاف: «من منظور الاتصال، أعتقد أنه سيكون من الأسهل تقديم خفض بمقدار 25 نقطة أساس مع الاحتفاظ بالخيارات مفتوحة لتقديم خفض أكبر إذا لزم الأمر».

ومن المتوقع أن تظهر التوقعات الجديدة أن التضخم، الذي تجاوز الهدف لمدة ثلاث سنوات، سيعود إلى 2 في المائة في غضون أشهر قليلة، جزئياً بسبب النمو المحدود للاقتصادات في الدول العشرين التي تشترك في اليورو. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات محفوفة بالمخاطر؛ حيث يعتقد بعض صناع السياسات أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر الفشل في تحقيق هدفه للتضخم، كما حدث تقريباً طوال عقد من الزمان قبل الوباء، مما يتطلب تحركاً أسرع.

من جهة أخرى، يرى صقور السياسة أن التضخم لا يزال يشكل تهديداً بسبب النمو السريع للأجور وارتفاع تكاليف الخدمات، ما يجعل السياسة التدريجية أكثر مناسبة في الوقت الحالي. كما أن الحمائية الأميركية وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا وألمانيا يسهمان في هذا الحذر.

وهناك أيضاً قلق بشأن السياسة الأميركية التي قد ينتهجها الرئيس المنتخب دونالد ترمب؛ حيث يجهل أعضاء مجلس الإدارة كيفية استجابة أوروبا لها أو تأثيراتها الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات السياسية في فرنسا والانتخابات المقبلة في ألمانيا تزيد من حالة عدم اليقين، مما قد يتطلب تدخلاً من البنك المركزي الأوروبي.

وفيما يتعلق بالأسواق المالية، فإن الأسواق قد قامت بتسعير كامل لخفض بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس، مع اقتراب احتمالات اتخاذ خطوة أكبر من الصفر، وهو تغيير كبير عن الأسابيع الماضية عندما كان يُنظر إلى خفض نصف نقطة مئوية بوصفه احتمالاً حقيقياً. ويتوقع المستثمرون خفضاً آخر في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران)، تليها خطوة أخرى على الأقل في النصف الثاني من عام 2025، مما سيرفع سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة على الأقل بحلول نهاية العام.

ومن المتوقع أن تكون أي تغييرات مستقبلية في توجيهات البنك المركزي الأوروبي هامشية، مع إمكانية إزالة إشارته إلى الحاجة إلى سياسة «تقييدية» لترويض التضخم، وهو ما يعني ضمناً ضرورة خفض الأسعار إلى مستوى محايد لا يحفز الاقتصاد ولا يبطئه.