انتقادات مصرية لإطلاق أسماء أجنبية على عروض «مسرح الدولة»

من بينها «ديفليه» و«دوغز» و«ديجا فو»

انتقادات مصرية لإطلاق أسماء أجنبية على عروض «مسرح الدولة»
TT

انتقادات مصرية لإطلاق أسماء أجنبية على عروض «مسرح الدولة»

انتقادات مصرية لإطلاق أسماء أجنبية على عروض «مسرح الدولة»

انتقد مسرحيون مصريون اتجاه بعض مسارح الدولة لإطلاق أسماء أجنبية على عروضها خلال الآونة الأخيرة، وطالبوا بمنع العروض الجديدة التي تحمل أسماء أجنبية للحفاظ على هوية اللغة العربية، حتى وإن كانت العروض مقتبسة من نصوص عالمية.
ورغم تسمية بعض العروض المسرحية المصرية بأسماء أجنبية خلال العقود والسنوات الماضية، فإن الدكتور عمرو دوارة، المخرج والمؤرخ المسرحي المصري، الذي دعا وزيرة الثقافة المصرية عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك» إلى تعريب عناوين عروض مسرح الدولة، يرى أنها أصبحت ظاهرة خلال الشهور الأخيرة فقط، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «كنت أشعر بضيق شديد عند قراءة أي عنوان أجنبي على مسرحية مصرية، لكن وجود مسرحية واحدة باسم أجنبي كان يتوه وسط كم كبيرٍ من العروض الأخرى، لكن تزايد الأعداد جعل منه ظاهرة لافتة اضطرتني لعدم الصمت».
وقال دوارة خلال منشوره الذي تفاعل معه عدد من الكتاب والفنانين، «نداء عاجل إلى وزيرة الثقافة التي أعلم غيرتها على هويتنا... برجاء التدخل فوراً لحماية المسرحيين من توجهاتهم... هل يُعقل أن تكون أغلب عروضنا على مسارح وزارة الثقافة حالياً بعناوين وأسماء أجنبية (ديفليه، دوغز، ديجا فو) بعيداً عن مستوى العروض، أعتقد أن هذا الأمر مظهر من مظاهر فقدان الهوية ومن انعكاسات وأضرار العولمة».
وأيدت الفنانة المصرية نادية رشاد، مطالبات دوارة قائلة في تعليق لها: «للأسف هذا الأمر امتد كذلك لأسماء المحال التجارية والكثير من المنتجات الغذائية، والملابس إضافة للمفردات المستخدمة في وسائل التواصل وأجهزة المحمول والحواسب الآلية، وأسماء القرى الساحلية وغير الساحلية، والتجمعات السكنية، مشيرة إلى أن «الأسوأ من ذلك هو الأخطاء النحوية والهجائية التي زادت واستشرت أخيراً».
فيما قال الدكتور والفنان محمد عبد المعطي أستاذ قسم التمثيل والإخراج في أكاديمية الفنون المصرية، «هناك مؤسستان مسؤولتان عن الحفاظ على اللغة القومية في العالم الحر... هما مجمع اللغة والمسرح... ولا قومية عظيمة من دون مسرح عظيم»، كما قال الروائي والكاتب المسرحي المصري الكبير محمد أبو العلا السلاموني، في تعليق له أيضاً، إن «هذا نتيجة افتقاد الرؤية الاستراتيجية والتخطيط في المسرح».
في المقابل، قالت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم، خلال حضورها عرض «سيدة الفجر» في قاعة صلاح عبد الصبور بمسرح «الطليعة» في العتبة (وسط القاهرة) مساء أول من أمس، إن مسرح الدولة يسعى بقوة للحفاظ على اللغة العربية، ويقدم إبداعاً زاخراً بالقيم الإنسانية التي تهدف إلى بناء العقول للمساهمة في تطوير المجتمع وخلق جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل ويتناسب مع مبادئ الجمهورية الجديدة، مؤكدة «قدرة المسرحيين الشباب على نقل أعمال المسرح العالمي إلى المواطن المصري ببراعة وإتقان».
لكن دوارة قال إن الفرق المسرحية التي أسست المسرح المصري في بدايات القرن الماضي، كانت تقتبس نصوصاً أجنبية وتمصرها بما يتقاطع مع القضايا المحلية ليستسيغها الجمهور، كما كانت تطلق عليها أسماء عربية على غرار المسرحية الشهيرة «هاملت» التي قدمت في ذاك الوقت «الأمير الثائر والعم الغادر»، كما قدمت «روميو وجولييت» باسم «شهداء الغرام»، و«هناء المحبين»، كما قدمت مسرحية «كنج لير» باسم «الملك لير»، و«عُطيل» قدمت بـ«مأساة عطيل»، و«عطا لله»، لذلك فإن قول بعض الصناع بأن الاقتباس من النصوص العالمية يعد من أساسيات حرية الإبداع غير دقيق، لأنه لا تعارض بين حرية الإبداع وتعريب النصوص والعناوين وجعلها تتماس مع القضايا المصرية.
وأعرب دوارة عن استيائه من تحريف أسماء بعض الأعمال الشهيرة خلال الآونة الأخيرة، على غرار «رد قلبي» التي حول اسمها إلى «رد قرضي»، ورواية أديب نوبل نجيب محفوظ «اللص والكلاب» إلى «اللص والكتاب»، و«ألف نيلة»، بدلاً من «ألف ليلة وليلة»، و«شيء من الخوخ»، بدلاً من «شيء من الخوف»، مشيراً إلى أن بعض الأعمال المسرحية الجديدة تكون عبارة عن قضايا خيالية وفلسفية لا تمت للواقع بصلة، ومن دون خط درامي واضح، لكنه أشاد في الوقت نفسه بمستوى بعض العروض الجديدة التي من بينها «روح» وعرض «أفراح القبة» لنجيب محفوظ، و«سينما 30»، مؤكداً أن الهواة يحافظون على قيمة المسرح المصري لأنهم لا يبحثون عن أرباح مادية، بل يريدون إثبات موهبتهم وقدراتهم التمثيلية.
يشار إلى أن كلمة «ديجا فو» كلمة فرنسية تعني «شوهد من قبل»، حيث يجري سرد أحداث العرض ليبدو كل مشهد كما لو كان قد حدث من قبل، المسرحية مأخوذة عن نص سويسري عنوانه «إثبات العكس» للكاتب أوليفيه شاشياري. فيما تقوم الحبكة الرئيسية لمسرحية «دوغز» على الكلاب بشكل أساسي وتتناول حياتهم من خلال رصد واقعهم في البداية ككائنات تعيش في الشوارع، تعاني في سبيل الحصول على طعامها، كما أنها تتعرض إلى مضايقات من الآخرين، ولا تشعر بالأمان الكامل، لكنها تبدو سعيدة، متحررة ومنطلقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».