مخاوف في واشنطن من كشف تفاصيل عملية إسرائيلية استهدفت طهران

تسريب لصحيفة قد يظهر دورا أميركيا في هجوم إلكتروني على البرنامج النووي

مخاوف في واشنطن من كشف تفاصيل عملية إسرائيلية استهدفت طهران
TT

مخاوف في واشنطن من كشف تفاصيل عملية إسرائيلية استهدفت طهران

مخاوف في واشنطن من كشف تفاصيل عملية إسرائيلية استهدفت طهران

تعثر تحقيق حساس يجري حول تسريبات تتعلق بنائب رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة السابق وسط مخاوف من أن إجراء المحاكمة داخل محكمة فيدرالية قد يجبر الحكومة على الإقرار بعملية أميركية - إسرائيلية سرّية استهدفت إيران، تبعا لما أفاد به مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون.
ويشتبه محققون فيدراليون في أن جنرال قوات المشاة البحرية المتقاعد، جيمس كارترايت، سرّب لمراسل صحيفة «نيويورك تايمز» تفاصيل حول عملية بالغة السرية لإعاقة قدرة إيران على التخصيب النووي من خلال أعمال تخريبية عبر الفضاء الإلكتروني، الأمر الذي لم تعترف به أي من إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وسيتعين على المحققين التغلب على مخاوف كبرى تتعلق بالأمن الوطني والعلاقات الدبلوماسية إذا ما رغبوا في المضي قدما في التحقيق، بما في ذلك دفع إدارة أوباما نحو الدخول في مواجهة مع إسرائيل حال رفض الأخيرة الكشف عن أي معلومات بخصوص هذه العملية المرتبطة بالفضاء الإلكتروني داخل قاعة محكمة.
وبإمكان الولايات المتحدة المضي قدما في القضية ضد رغبة إسرائيل، لكن هذه الخطوة قد تلحق مزيدا من الضرر بالعلاقات بين الدولتين، التي توترت بالفعل جراء خلافات حول السبيل الأمثل لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. كما يخشى مسؤولو الإدارة من أن يسفر الكشف عن أية معلومات عن تعقيد المفاوضات الجارية مع إيران حول برنامجها النووي.
في هذا الصدد، قال جون إل. مارتن، الذي سبق له التعامل مع كثير من التحقيقات الحساسة المرتبطة بقضايا تجسس كمحقق لدى وزارة العدل سابقا: «هناك دوما مخاوف مشروعة تتعلق بالأمن الوطني لعدم المضي في مثل هذه القضايا».
وتسلط القضية الضوء على التعارض القائم بين اعتبارات الأمن الوطني ورغبة المحققين في محاسبة مسؤولين رفيعي المستوى عن تسريب معلومات سرية. وجدير بالذكر أن إدارة أوباما تحديدا تعد الأقوى في تاريخ الولايات المتحدة من حيث ملاحقة المشتبه في تسريبهم معلومات سرية.
من جهتها، لم تكشف وزارة العدل أي مؤشرات بخصوص ما إذا كانت تنوي الاستمرار في رفع دعوى ضد كارترايت، الذي عاون في تصميم حملة ضد إيران في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وشارك في تصعيد هذه الحملة في عهد الرئيس أوباما.
وقد رفض متحدثون رسميون باسم وزارة العدل الأميركية والبيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» التعليق على الأمر من أجل هذا المقال.
من جهته، قال غريغوري بي كريغ، محامي كراترايت والمستشار السابق لدى إدارة أوباما، إنه لم يجرِ اتصالا بالمحققين منذ أكثر من عام. وأضاف: «الجنرال كارترايت لم يرتكب أي خطأ. لقد كرس حياته بأكملها للدفاع عن الولايات المتحدة، ولم يكن ليقدم أبدا على أي شيء يلحق الضعف بدفاعنا الوطني أو يقوض أمننا الوطني. هوس كارترايت كنز وطني وبطل حقيقي وشخص وطني عظيم».
وخلال مناقشات عقدت مع مكتب مستشارة البيت الأبيض، كاثرين روملر، سعى محققون لتحديد ما إذا كان البيت الأبيض سيكون مستعدا للكشف عن مواد سرية مهمة في القضية. أما روملر فلم تبدِ استعدادها للكشف عن وثائق، معللة ذلك بدواعٍ تتعلق بالأمن الوطني، بما في ذلك مواد ترتبط بمصادر وأساليب، حسبما أفاد مصدر مطلع.
من جانبها، رفضت روملر، التي تركت منصبها في يونيو (حزيران)، التعليق. وأعرب جيسون وينستاين، نائب مساعد النائب العام المسؤول عن القسم الجنائي بوزارة العدل سابقا، عن اعتقاده بأن «هناك تضاربا جوهريا في قضايا من هذا النوع بين احتياجات التحقيق الجنائي ومتطلبات الأمن الوطني. ويتجلى ذلك عندما يرغب المحققون في استغلال أدلة شديدة السرية والحساسية داخل قاعة المحكمة».
وغالبا ما ترضخ احتياجات التحقيق الجنائي أمام متطلبات الأمن الوطني. وأضاف وينستاين: «في النهاية، عندما تعجز عن استخدام الأدلة التي تحتاج إليها داخل قاعة المحكمة، لا يمكنك رفع قضية».
يذكر أن تفاصيل البرنامج المشترك، بما في ذلك اسمه الشفري، «الألعاب الأوليمبية»، جرى كشفها على يد مراسل «نيويورك تايمز»، ديفيد إي سانغر، في كتاب ومقال نشر في يونيو عام 2012. وكانت أنباء عن تعرض أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخريب بسبب فيروس عبر الحاسب الآلي أطلق عليه «ستكسنت»، قد ظهرت قبل ذلك بعامين، وتوقع خبراء أمنيون أن هذا كان نتاجا لجهود أميركية - إسرائيلية.
* ساري هورويتز أسهم في هذا التقرير.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.