قلق غربي ودعوات إلى التهدئة وواشنطن ترفض اعتبار ما جرى «انقلاباً»ً

قوات الأمن تحرس مدخل البرلمان وسط العاصمة أمس تحسباً لحدوث أي مواجهات (أ.ب)
قوات الأمن تحرس مدخل البرلمان وسط العاصمة أمس تحسباً لحدوث أي مواجهات (أ.ب)
TT

قلق غربي ودعوات إلى التهدئة وواشنطن ترفض اعتبار ما جرى «انقلاباً»ً

قوات الأمن تحرس مدخل البرلمان وسط العاصمة أمس تحسباً لحدوث أي مواجهات (أ.ب)
قوات الأمن تحرس مدخل البرلمان وسط العاصمة أمس تحسباً لحدوث أي مواجهات (أ.ب)

أثار قرار الرئيس التونسي، قيس سعيّد، ليل الأحد، تجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوماً، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، ردود أفعال متفاوتة في الداخل والخارج.
وأبدت أطراف عدة في العالم قلقها من تبعات الإجراءات الرئاسية المفاجئة. وأعربت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي عن قلق الإدارة الأميركية من تطورات الاحداث في تونس. وأشارت خلال مؤتمر صحافي، أمس، إلى أن الإدارة الأميركية {تساند التونسيين وتتواصل مع القادة السياسيين على أعلى المستويات لمعرفة مزيد من التفاصيل حول الوضع الحالي ودعم الجهود للتهدئة والمضي قدماً بما يتوافق مع المبادئ الديمقراطية}.
ورداً على سؤال حول توصيف البعض بالتطورات في تونس بـ{الانقلاب}، اجابت ساكي: {لا يمكن وصف ما حدث بأنه انقلاب، والانقلاب مصطلح له معايير قانونية وهناك الكثير من التطورات التي وقعت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وستقوم وزارة الخارجية بإجراء تحليل قانوني قبل أي قرار بناء على التطورات على الأرض}.
وحث الاتحاد الأوروبي، أمس، الأطراف السياسية الفاعلة في تونس على احترام الدستور، وتجنب الانزلاق إلى العنف، إذ قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية: «نتابع من كثب أحدث التطورات في تونس... وندعو الأطراف كافة إلى احترام الدستور ومؤسساته وسيادة القانون، كما ندعوهم إلى التزام الهدوء، وتجنب اللجوء إلى العنف، حفاظاً على استقرار البلاد».
ومن جهتها، أبدت وزارة الخارجية التركية في بيان «قلقها للغاية» إزاء التطورات الأخيرة في تونس، وعدتها «انقلاباً على الشرعية والنظام الدستوري»، وقالت إنها تأمل في إعادة إرساء الشرعية الديمقراطية في البلاد سريعاً.
واستنكر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، ما سماه «تعليق العملية الديمقراطية في تونس»، وقال أمس: «نرفض تعليق العملية الديمقراطية، وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس الصديقة الشقيقة... ونحن ندين المحاولات الفاقدة للشرعية الدستورية والدعم الشعبي، ونثق أن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذا المسار». ووصف رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، قرارات سعيّد بأنها انقلاب، وأبدى ثقته بأن الشعب سيدافع عن النظام الدستوري والقانون.
بدورها، أعربت الحكومة الألمانية عن «بالغ قلقها» بشأن التفاقم الأخير في الوضع السياسي في تونس. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في برلين، أمس: «نعتقد أنه من المهم الآن العودة بسرعة حقاً إلى النظام الدستوري»، مضيفة أن جميع الأطراف مطالبة بـ«ضمان الامتثال للدستور في تونس وتطبيقه، وهذا يشمل أيضاً الالتزام بحقوق الحريات التي تعد من أهم إنجازات الثورة التونسية».
وأضافت المتحدثة أن الوضع في تونس «يؤكد الحاجة الملحة إلى معالجة الإصلاحات السياسية والاقتصادية بسرعة... وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا عملت جميع الأجهزة الدستورية معاً بشكل بناء»، مؤكدة ضرورة استعادة قدرة البرلمان على العمل بسرعة، وأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السلمية الماضية أظهرت أن «الشعب التونسي يريد الديمقراطية، وأن الديمقراطية ترسخت في تونس منذ 2011».
وبدوره، أكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في تصريح مقتضب، أن بلاده تراقب التطورات في تونس. وقال في مؤتمره الصحافي اليومي عبر الهاتف: «نأمل ألا يهدد شيء استقرار وأمن شعب ذلك البلد».
وفي الجزائر، أكد «حركة مجتمع السلم» (حمس)، أكبر حزب إسلامي في البلاد، أمس، أن ما حدث في تونس يعد «انقلاباً على الدستور، وعلى الإرادة الشعبية للأشقاء التوانسة المعبر عنها في الانتخابات التشريعية السابقة».
وفي ليبيا، أعرب المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، عن تطلعه إلى انطلاق تونس نحو تحقيق أماني شعبها في مستقبل زاهر، بعد قضائهم على أهم عثرة في طريق تطورها. وقال بهذا الخصوص: «نبارك انتفاضة الشعب في تونس ضد زمرة الإخوان الذين أنهكوا تونس ونهبوا مقدراتها»، مشيداً بما قام به الرئيس التونسي، بصفته «استجابة لإرادة الشعب»، على حد تعبيره. وطالب الوحدات العسكرية على الحدود المشتركة مع تونس برفع الجاهزية، ومنع تسلل أي عناصر إرهابية قد تفر من تونس على ضوء الإجراءات الأخيرة لمؤسسة الرئاسة.
وفي المقابل، عد المشري، المحسوب على «جماعة الإخوان»، أن «ما جرى في تونس بمثابة انقلاب».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.