إيران تكثف عمليات «تملك عقارات النظام» في شمال شرقي سوريا

مقتل قائد بـ«الحرس الثوري» في «ظروف غامضة»

القيادي في «الحرس» الإيراني سيد أحمد قريشي قرب قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني
القيادي في «الحرس» الإيراني سيد أحمد قريشي قرب قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني
TT

إيران تكثف عمليات «تملك عقارات النظام» في شمال شرقي سوريا

القيادي في «الحرس» الإيراني سيد أحمد قريشي قرب قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني
القيادي في «الحرس» الإيراني سيد أحمد قريشي قرب قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني

كثفت إيران جهودها للسيطرة على ممتلكات تابعة لموالين للنظام السوري في الرقة (شمال شرقي البلاد)، في وقت أفيد به عن مقتل قائد ميلشيات تابعة لطهران في سوريا، وسط استمرار للغارات الروسية على البادية.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «لا تزال إيران مستمرة بتمددها وتغلغلها ضمن الأراضي السورية دون كلل أو ملل، وذلك عبر وسائل وطرق متعددة تقوم بها الميليشيات التابعة لها من مختلف الجنسيات، وعبر أذرعها المنتشرين في عموم التراب السوري»، حيث أفادت مصادر بأن «الميليشيات الإيرانية، بأوامر من القيادة، عمدت إلى تجنيد شبان ورجال من أبناء الميادين والبوكمال ومناطق أخرى في دير الزور، وأرسلتهم إلى مناطق نفوذ النظام في محافظة الرقة، بغية استملاك العقارات، من أراضٍ ومنازل ومحال تجارية هناك، وهو ما فعلته في الغوطة الشرقية والغربية، حين جندت أشخاصاً محليين من دير الزور، وأرسلتهم إلى هناك، حيث استملكوا عشرات العقارات فيها».
وأضاف «المرصد» أن «المجندين تمكنوا منذ مطلع الشهر الحالي حتى اللحظة من شراء 78 عقاراً على الأقل، بين محال ومنازل وأراضٍ، وذلك في معدان ومحيطها وبلدات وقرى خاضعة للنظام بريف الرقة، حيث قاموا بدفع الأسعار دون أي مساومة تذكر، وطلبوا من أصحاب المكاتب العقارية إطلاعهم على أي عروض بيع تتم في المنطقة».
وكان «المرصد» قد أشار إلى توسع عمليات شراء العقارات في مدينة معضمية الشام التي هُجر أهلها قبل سنوات، وبلدات ومناطق أخرى في الغوطة الغربية، وذلك من قبل تجار وأشخاص من محافظة دير الزور، بأوامر مباشرة من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، كما «جرى شراء عشرات العقارات مؤخراً، على غرار ما تقوم به الشبكة ذاتها في الغوطة الشرقية، وهو الذي يندرج بشكل مباشر تحت بند التغيير الديمغرافي».
وكانت مصادر «المرصد» قد أفادت بأن تجاراً ينحدرون من مدينة الميادين في دير الزور، وهم يتبعون بشكل مباشر إلى ميليشيا «لواء العباس» المحلية الموالية للقوات الإيرانية التي تعمل تحت إمرتها، يواصلون شراء العقارات من الأهالي في عموم مناطق الغوطة الشرقية.
إلى ذلك، قال «المرصد» إن «قيادياً بارزاً في صفوف (الحرس الثوري) الإيراني قد لقي حتفه خلال الساعات الفائتة على الأراضي السورية، وهو من أبرز قيادات لواء فاطميون أيضاً، ويدعى (سيد أحمد قريشي)، وهو إيراني الجنسية يوجد في سوريا منذ عام 2013، وقد شارك في كثير من العمليات العسكرية للجانب الإيراني، برفقة قاسم سليماني القائد السابق لـ(فيلق القدس)». وأضاف: «لا تزال ظروف مقتل قريشي مجهولة حتى اللحظة، فيما إذا كان قد قُتل بالضربة الإسرائيلية الأخيرة على ريف حمص أو بظروف أخرى».
وكان «المرصد السوري» قد وثق في التاسع من الشهر الحالي «مقتل قيادي في (الحرس الثوري) الإيراني، وهو إيراني الجنسية أيضاً، جراء انفجار لغم استهدفه ضمن البادية الشرقية لحمص. ويرجح أن تنظيم داعش هو من قام بزرع اللغم في المنطقة، بصفتها ضمن المناطق التي ينشط فيها بشكل كبير جداً».
وقتل 51 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ضباط، ليلة الجمعة - السبت، في هجوم جديد مفاجئ هو الأوسع من نوعه شنه مقاتلو تنظيم الدولة (داعش) على عدد من المواقع التابعة لقوات النظام في مناطق البادية السورية وسط وشرق البلاد. وقال ناشطون إن مسلحين من تنظيم الدولة (داعش) هاجموا في وقت واحد 4 مواقع عسكرية وقتالية تابعة لقوات النظام والمسلحين الموالين لها في كل من مناطق الشولا وكباجب ببادية دير الزور، وفي منطقة السخنة بريف حمص، وأثريا شرق حماة، وقتل على أثر الهجوم أكثر من 50 عنصراً من قوات النظام، بينهم ضباط.
وأكد مصدر طبي، فضل عدم الكشف عن اسمه، في مشفى مدينة سلمية الوطني شرق حماة، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أنه وصل فجر السبت 13 قتيلاً من قوات النظام والميليشيات الموالية، بينهم ضابط برتبة ملازم أول، كانوا قد قتلوا برصاص أسلحة رشاشة في هجوم على موقع تابع لقوات النظام في منطقة البيار القريب من بادية أثريا شرق حماة شنه مسلحون يتبعون لتنظيم داعش.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.