النرويج تحيي الذكرى العاشرة لضحايا الهجوم الإرهابي الأكثر دموية بعد الحرب

نفّذه متطرف يميني وأوقع 77 قتيلاً في حينه

الأميرة النرويجية إنغريد ألكسندرا تشارك في حفل تأبين بكاتدرائية أوسلو أمس بمناسبة الذكرى العاشرة للهجمات الإرهابية عام 2011 (د.ب.أ)
الأميرة النرويجية إنغريد ألكسندرا تشارك في حفل تأبين بكاتدرائية أوسلو أمس بمناسبة الذكرى العاشرة للهجمات الإرهابية عام 2011 (د.ب.أ)
TT

النرويج تحيي الذكرى العاشرة لضحايا الهجوم الإرهابي الأكثر دموية بعد الحرب

الأميرة النرويجية إنغريد ألكسندرا تشارك في حفل تأبين بكاتدرائية أوسلو أمس بمناسبة الذكرى العاشرة للهجمات الإرهابية عام 2011 (د.ب.أ)
الأميرة النرويجية إنغريد ألكسندرا تشارك في حفل تأبين بكاتدرائية أوسلو أمس بمناسبة الذكرى العاشرة للهجمات الإرهابية عام 2011 (د.ب.أ)

قرعت الكنائس أجراسها في جميع أنحاء البلاد في وقت واحد في النرويج، ظهر أمس (الخميس)، مع إحياء ذكرى ضحايا هجوم مزدوج نفّذه متطرف يميني وأوقع 77 قتيلاً قبل عشر سنوات، ويعد من الحِقَب المؤلمة والأكثر دموية في تاريخ البلاد ما بعد الحرب.
وبقيت المملكة الإسكندنافية المزدهرة والمسالمة، بمنأى نسبياً عن أعمال العنف حتى 22 يوليو (تموز) 2011، حين أقدم أنديرس بيرينغ بريفيك، متنكراً بزي شرطي على تفجير قنبلة قرب مقر الحكومة في أوسلو، مودياً بثمانية أشخاص. وانتقل بعدها إلى جزيرة أوتويا، حيث فتح النيران على مدى ساعة وربع الساعة مستهدفاً نحو 600 مشارك في المخيم الصيفي لرابطة الشبيبة العمالية، ومتسبباً بمقتل 69 شخصاً غالبيتهم فتية وشبان.
وقال رئيس حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي كان رئيساً للوزراء حين وقوع المأساة، وتعهّد على أثرها العمل على إرساء «مزيد من الديمقراطية» و«مزيد من الإنسانية»، في كلمة بكاتدرائية أوسلو، أمس: «قبل عشر سنوات، كان ردنا على الكراهية هو المحبّة».
وأضاف أمام جمع ضمّ الثنائي الملكي ووزراء وناجين وأفراداً من عائلات الضحايا: «لكن الكراهية ما زالت موجودة هنا». واعتبر أن بريفيك هو واحد من أولئك «الذين يعتقدون أن لديهم الحق في القتل من أجل تحقيق أهدافهم السياسية، لا يهمّ إن كانوا من اليمين أو اليسار على المستوى السياسي، وسواء كانوا يعتبرون أنفسهم مسيحيين أم مسلمين». ورأى أنّ «هؤلاء» لديهم «قواسم مشتركة مع بعضهم البعض أكثر مما لديهم معنا، نحن الذين نحترم قواعد اللعبة الديمقراطية». وتنظم منذ أمس مراسم عدة على أن يُختتم النهار الطويل بأمسية موسيقية يتخللها خطاب للملك. تستعيد الناجية أستريد ايدي هوم، التي تقود حالياً رابطة الشبيبة العمالية، تجربتها. وتقول: «كنتُ في السادسة عشر من عمري وارتبكت بشأن أي مراسم دفن يتعيّن علي حضورها في غضون أسبوعين». وتضيف: «إنه وجع مزدوج، عندما تخسر الأصدقاء وأنت في السادسة عشرة من العمر إذ كانت تجربة جديدة بالنسبة لي، وعندما تفكر اليوم بعدما تجاوزت العشرينات فيما كانوا سيصيرون عليه والوظائف التي ربما سيحصلون عليها والأطفال وما إذا كانوا سيتزوجون». وبعد عشر سنوات على فرارهم من رصاص بريفيك، يعتبر العديد من الناجين من مذبحة أوتويا أن بلادهم لم تحاسب بعد آيديولوجية اليمين المتطرف التي دفعته إلى فعلته.
قضت المحكمة عام 2012 بسجن بريفيك 21 عاماً، في عقوبة قابلة للتمديد إلى أجل غير محدد، ما سيجعله يمضي حياته خلف القضبان.
لكن فعلته لم تنتهِ عند حدود النرويج، إذ شكّل نموذجاً دفع لارتكاب جرائم مماثلة، أبرزها الهجوم الدموي على مسجدي كرايست تشيرش في نيوزيلندا، في عام 2019.
ونبّهت أجهزة الاستخبارات النرويجية هذا الأسبوع إلى أن «أفكار اليمين المتطرف التي كانت الدافع وراء الهجوم ما زالت تشكّل قوة محرّكة لمتطرفي اليمين على المستويين الوطني والعالمي، وشكلت عاملاً مؤثراً لشن هجمات إرهابية عدة خلال السنوات العشر الأخيرة». وبعدما وُجهت انتقادات حادة إليها لناحية عدم جهوزيتها للتعامل مع الهجوم آنذاك، استُنفرت الشرطة النرويجية مع كامل عتادها العسكري تزامناً مع إحياء الذكرى.
قبل يومين من الذكرى، تعرّض الثلاثاء نصب تكريمي لبنيامين هيرمانسن، وهو أول ضحية لجريمة قتل عنصرية ارتكبها النازيون الجدد عام 2001، للتخريب مع كتابة عبارة «بريفيك كان على حق».
وأعربت رئيسة الوزراء المحافظة إرنا سولبيرغ عن «غضبها وصدمتها» مما جرى. وقالت الخميس خلال مراسم في مقر رئاسة الوزراء «لا يمكن ترك الكراهية من دون رد». وبسبب تفشّي فيروس «كورونا»، إضافة إلى خلافات إدارية، لم يتم الانتهاء من تشييد النصب الوطني لضحايا بريفيك، الذي كان يؤمل أن يدشّن خلال أحياء الذكرى العاشرة في البحيرة المحيطة بجزيرة أوتويا.
رغم مرور عقد من الزمن، لم تندمل الجراح بعد. وفقاً لدراسة نشرها مؤخراً المركز الوطني حول الاضطراب وصدمات ما بعد العنف، فإن ثلث الناجين من مجزرة أوتويا عانوا، العام الماضي، من مشكلات جدية بينها اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب والصداع.
وتقول مديرة الأبحاث غريت ديب: «توقعنا أن يظل البعض يعاني، لكن ليس إلى هذه الدرجة». تدرك أستريد أن استعادة حياتها السابقة لم تعد ممكنة. وتقول: «من الواضح أنه عندما تختبر أمراً مماثلاً، لا تعود الشخص الذي كنت عليه سابقاً». وتضيف: «أعاني من صعوبة في النوم ومن الخوف. أعتقد أنني سأضطر إلى العيش مع ذلك طيلة حياتي». ولعلّ ما يزيد الطين بلّة هو تلقي العديد من الناجين تهديدات ورسائل كراهية. وتشرح إيلان لاسترانج، التي فرّت من أوتويا سباحة عند بدء إطلاق الرصاص: «أعرف أن أحداً ما حاول قتلي بسبب قناعاتي». وتضيف: «إذا ما أخبرني أحدهم اليوم أنه يريد موتي، فسآخذ ذلك بالتأكيد على محمل الجد حتى لو لم يكن التهديد حقيقياً».


مقالات ذات صلة

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.