أولمبياد طوكيو: هل تعوّض التكنولوجيا غياب الجماهير؟

ملعب سيستضيف منافسات كرة السلة خلال أولمبياد طوكيو (أ.ف.ب)
ملعب سيستضيف منافسات كرة السلة خلال أولمبياد طوكيو (أ.ف.ب)
TT

أولمبياد طوكيو: هل تعوّض التكنولوجيا غياب الجماهير؟

ملعب سيستضيف منافسات كرة السلة خلال أولمبياد طوكيو (أ.ف.ب)
ملعب سيستضيف منافسات كرة السلة خلال أولمبياد طوكيو (أ.ف.ب)

مع الافتتاح الرسمي لدورة الألعاب الأولمبية في طوكيو الجمعة خلف أبواب مغلقة بشكل شبه كامل جراء وباء «كورونا»، سيكون اعتماد المشاهدين أكثر من أي وقت مضى على تطوّر تكنولوجيات البث ليتمكنوا من عيش الحدث.
يقول يانيس إكسارخوس، الرئيس التنفيذي لشركة «أو بي أس» (خدمات البث الأولمبية) المنوطة بتصوير وبث كل المنافسات الأولمبية منذ عام 2008، إنه بعد تأجيل الألعاب عاماً كاملاً جراء الوباء «تعهدنا بعدم تقليل سعة ونوعية تغطيتنا»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
قطع البث الأولمبي شوطاً طويلاً منذ أولى التجارب التلفزيونية في برلين عام 1936. مع ثلاث كاميرات تلتقط لقطات للجمهور الموجود على بعد أميال قليلة.
لكن فرق «أو بي إس» تستعد خلال الأولمبياد الحالي لتصوير نحو 9500 ساعة من اللقطات، أي 30 في المائة أكثر من ريو 2016، وستكون متاحة للقنوات التلفزيونية في كل أنحاء العالم بعدما حصلت على حقوق البث. لذا فإنها تعد المشاهدين بتجربة فريدة من خلال مختلف الابتكارات التكنولوجية.
ومن بين تلك الابتكارات، يستشهد إكسارخوس بتقنية «التتبع ثلاثي الأبعاد» للرياضي، وهو نظام يجمع مشاهد ملتقطة من كاميرات عدة باستخدام الذكاء الصناعي للتمكن من رؤية حركات الرياضين من مختلف الزوايا.
ويوضح إكسارخوس أنه «بعد ثوانٍ قليلة من سباق 100 متر، يمكنك إعادة تكوين السباق بالكامل في صورة ثلاثية الأبعاد وعلى سبيل المثال تحديد ذروة سرعة الرياضيين، وهي طريقة جيدة ليرى المشاهدون خلف الكواليس تلك العروض الرائعة».
وللمرة الأولى، سيتم تصوير الألعاب بالكامل وإتاحتها للقنوات بدقة عرض «K4»، وسيكون للمشاهدين اليابانيين الذين يمتلكون تلفزيوناً أكثر تطوراً إمكانية مشاهدة بعض المنافسات بدقة «8K»، وهي دقة أعلى بأربع مرات من الذي تستخدمه قناة «إن إتش كي» اليابانية الرائدة عالمياً في هذا المجال منذ عام 1995.

ويوضح تاكايوكي ياماشيتا من مركز الأبحاث التكنولوجية التابع لـ«إن إتش كي» أن «إحدى نقاط القوة في K8 هي أنها تعرض تفاصيل حركة الأجسام على الشاشة بطريقة لا مثيل لها»، مشيراً بشكل خاص إلى الحركة البطيئة عالية الجودة من خلال كاميرات طوّرت مؤخراً».
لكن مدير قسم الرياضة في «فرانس تليفيزيون» لوران - إريك لو لاي اعتبر أن «السباق لا ينبغي أن يكون على دقة العرض»، قبل أن يستحضر حداثة القناة الخاصة بهذه الألعاب، وهي منصة الواقع الافتراضي على خليج طوكيو.
وأشار إلى أنه سيتم «إنشاء فقاعة زجاجية افتراضية، مع ديكور يظهر في الخلفية أجمل المباني في طوكيو. سيكون هناك الكثير من العمل لإحياء هذه المنصة».
وللتعويض عن غياب المشجعين في الملاعب، أنشأت «أو بي إس» تسجيلات صوتية من ضوضاء الجماهير في الألعاب السابقة لتتكيف مع كل رياضة، وسيتم بثها في أماكن المنافسات.

وسيتمكن الرياضيون أيضاً تلقي التشجيع وسماع الهتافات من خلال شاشات عرض لمشاهد فيديو (سيلفي) مرسلة من كل أنحاء العالم، والتواصل عن طريق الفيديو مع أحبائهم بمجرد انتهاء مسابقاتهم.
أجبرت الإجراءات الصحية الصارمة الناقلين الوطنيين، الذين توفر لهم «أو بي إس» خدمة البث، على إرسال عدد أقل من الموظفين إلى اليابان، ليقوموا بجزء من الأعمال التقنية كالإنتاج مثلاً، من بلدانهم.

وبتحسين نظامها كغالبية الناقلين، أرسلت «فرانس تليفيزيون» 180 موظفاً إلى طوكيو، في مقابل 210 خلال أولمبياد ريو 2016، وهو تغيير بات ممكناً بفضل اعتماد «أو بي إس» على تقنيات «أي بي» (بروتوكول الإنترنت) و«كلاود» (السحابة)، مما يتيح معالجة الملفات عن بُعد.
لكن «من المهم جداً بالنسبة لنا أن يبقى جزء من الفريق في الموقع، لا سيما الجانب التحريري والتعليق على المنافسات»، بحسب ما يقول لو لاي الذي لفت إلى إرسال أكثر من ثلاثين صحافياً ونحو أربعين مستشاراً رياضياً.
ستُجرى مقابلات مع رياضيين فرنسيين في اليابان، بحسب لو لاي الذي يلفت إلى أنه «من المهم للمشاهدين الفرنسيين الوجود هناك، بدلاً من الوجود في باريس باستخدام سكايب مؤطر بشكل سيئ للرياضيين».
من جهته، يعتبر إكسارخوس أن «التكنولوجيا يجب أن تكون في خدمة السرد القصصي. هذه إحدى العبارات الأساسية لدينا: نحن نحب التكنولوجيا، ولكن يجب استخدامها لسرد قصص أفضل الرياضيين في العالم».


مقالات ذات صلة

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية (نيوم)

«نيوم» السعودية و«سامسونغ سي آند تي» تشكلان أكبر تحالف عالمي لتطوير تقنيات البناء

أبرمت شركة «نيوم» المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، اتفاقية تأسيس مشروع مشترك مع «سامسونغ آند تي» باستثمار يتجاوز 1.3 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (نيوم)
الخليج جانب من المشاركين من الوزراء والسفراء والخبراء المعنيّين (مجلس التعاون)

بمشاركة دوليّة... ملتقى في الرياض يناقش الدبلوماسية الرقمية والتحالفات

استضافت «منظمة التعاون الرقمي»، الثلاثاء، الدورة الرابعة من «الملتقى الدبلوماسي»، بالتعاون مع أمانة مجلس التعاون الخليجي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».