«كورونا» يخطف المفكر المغربي محمد سبيلا

اتحاد الكتّاب ينعى أحد رواد الحداثة الفكرية في العالم العربي

محمد سبيلا
محمد سبيلا
TT

«كورونا» يخطف المفكر المغربي محمد سبيلا

محمد سبيلا
محمد سبيلا

توفي الليلة قبل الماضية في الرباط المفكر المغربي محمد سبيلا، متأثراً بإصابته بفيروس «كورونا»، عن عمر يناهز 79 عاماً.
وأجمعت ردود فعل الكتاب والمثقفين المغاربة على أن وفاة سبيلا خسارة كبيرة للمشهد الثقافي المغربي، بشكل يؤكد قيمته الفكرية وإسهاماته المهمة على مستوى الجامعة المغربية.
ونعى اتحاد كتاب المغرب المفكر الراحل الذي عرف «بحضوره الفكري والفلسفي والتنويري والعقلاني، في المغرب والعالم العربي، ما تعكسه مؤلفاته ومصنفاته العديدة والمؤثرة والمضيئة للعديد من القضايا الفكرية والفلسفية، فضلاً عن ترجماته الرصينة لمجموعة من الكتب والنصوص الفكرية والفلسفية والمفاهيمية المرجعية الأساسية، بمثل ما ساهم في التأليف المدرسي والجامعي، فضلاً عن اشتغاله على مجموعة من المواضيع السوسيولوجية والسيكولوجية الأنثروبولوجية والفلسفية، وغيرها من أنواع الحضور والإسهام الكبيرين لفقيد الفكر والفلسفة بالعالم العربي».
واعتباراً لهذا الحضور الكبير وغيره؛ يضيف بيان اتحاد كتاب المغرب: «عد الفقيد من أبرز المفكرين والباحثين والفلاسفة وأحد رواد الحداثة الفكرية في المغرب والعالم العربي، ومن مجددي الدرس الفلسفي والفكري في الجامعة المغربية، وهو إلى جانب ذلك، عرف، رحمه الله، بإشرافه على تخريج أجيال جديدة من المفكرين والفلاسفة الجدد بالمغرب».
وينتمي سبيلا إلى رعيل من المفكرين والأكاديميين الذين ارتبطت لديهم الثقافة والفكر بالنضال من أجل التحرر والتحديث والديمقراطية وتحقيق نهضة وطنية شاملة. وهو أيضاً ممن صدروا في كتاباتهم الفكرية عن هاجس البحث عن آفاق الحداثة، والدفاع عن ثوابتها، والسعي إلى إشعاع مكوناتها وروافدها الخصيبة، لذلك جاء إنتاجه الفكري والفلسفي، تحليلاً وتأريخاً وترجمةً، متصلاً على نحو وطيد بهذا الأفق الفكري.
وتجلت إسهامات سبيلا العميقة في «تبديد التباسات الفكر العربي بصدد الفلسفة الحديثة والمعاصرة؛ سواء بالتأليف، وبالخوض في النقاش العام، والممارسة السياسية».
ولد سبيلا في الدار البيضاء سنة 1942، وتابع دراساته الفلسفية في جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة السوربون في باريس، قبل أن يشتغل أستاذاً للفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب بالرباط، ويشغل منصب رئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس بين عامي 1972 و1980، ويترأس «الجمعية الفلسفية المغربية» بين عامي 1994 و2006.
ونشر سبيلا كثيراً من الدراسات الفلسفية والأبحاث، في مجموعة من الدوريات والمجلات العربية والغربية، وأسهم في تحرير مجلة «المشروع»، وإصدار مجلة «مدارات فلسفية»؛ فيما توزع إنتاجه بين البحث الفكري والفلسفي والترجمة.
ومن أهم مؤلفات سبيلا: «مدارات الحداثة» (1987)، و«الآيديولوجيا: نحو نظرة تكاملية» (1992)، و«الأصولية والحداثة» (1998)، و«المغرب في مواجهة الحداثة» (1999)، و«للسياسة بالسياسة» (2000)، و«أمشاج» (2000)، و«الحداثة وما بعد الحداثة» (2000)، و«دفاعاً عن العقل والحداثة» (2002)، و«زمن العولمة» (2005)، و«حوارات في الثقافة والسياسة» (2006)، و«في الشرط الفلسفي المعاصر» (2007)، و«مخاضات الحداثة» (2007)، و«الأسس الفكرية لثقافة حقوق الإنسان» (2010)، و«في تحولات المجتمع المغربي» (2011).
ومن أهم ترجمات الراحل: «الفلسفة بين العلم والآيديولوجيا» للوي ألتوسير (1974)، و«التقنية - الحقيقة - الوجود» لمارتن هايدغر (1984)، و«التحليل النفسي» لبول لوران أسون (1985)، و«نظام الخطاب» لميشال فوكو (1986)، و«التحليل النفسي» لكاترين كليمان (2000).
وكتبت عن سبيلا؛ الذي يوصف بـ«المفكر القلق الذي يجد ضالته في التفكير في الحداثة»، والذي كانت له، أيضاً، مساهمات في التأليف المدرسي والجامعي، أبحاث ومؤلفات تناولت تجربته في الساحات الثقافية والفكرية المغربية والعربية، على مدى أكثر من نصف قرن، وذلك منذ اختياره دراسة الفلسفة وتدريسها والنضال من أجل تلقينها في الجامعة، حيث جعل من الحداثة مجالاً استأثر بدراسته ورصد أثرها على الوعي العربي، متسائلاً عن علاقة الحداثة بالتراث باستعمال نظرية نقدية صرفة، كما اختار الثقافة دون أن ينعزل عن السياسة وخباياها، وذلك ما نقرأ في «مسار مثقف حداثي... حوارات مع محمد سبيلا في الثقافة والسياسة» للباحث محمد الأندلسي، لدى تناوله مسار وتجربة هذا الرجل الذي «اشتغل على التقليد والحداثة وإشكالاتها العويصة كموطن داء المجتمعات العربية التي لم تستطع لحد اللحظة إيجاد التوليفة المناسبة للخروج من زمن الانحطاط، وعرّف القارئ العربي على أحدث منتجات الفكر الإنساني المعاصر من خلال ترجمات كلاسيكياته في الفلسفة وعلم النفس والإبستيمولوجيا».
وحظي سبيلا بالتقدير والتكريم داخل وخارج المغرب، لإسهاماته في الحقل الفلسفي، بينها تكريمه، في 2017، ضمن فعاليات «موسم أصيلة الثقافي الدولي»، في دورته الـ39 تحت عنوان: «الدرس الفلسفي وسؤال الحداثة»، ضمن فقرة «خيمة الإبداع»؛ إذ جرى في هذا التكريم تسليط الضوء مجدداً على أعمال مفكر مغربي مرموق، وأستاذ لأجيال من الطلبة والباحثين، طبع بجهوده التربوية واجتهاداته الفكرية والفلسفية، مرحلة أساسية من مراحل المغرب المعاصر، الشيء الذي جعل من الاحتفاء به في «أصيلة» «تكريماً لجيل من الأعلام المغاربة في حقل الفلسفة، ولقيم المواطنة والعقلانية ونشدان الحداثة، التي أسست للمغرب المعاصر، وفي تكريمها والوفاء لها وفاء لهذا الوطن وإعلاء من قيم الانتماء إليه».



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.