تزايد الضغوط على الحكومة الجزائرية بعد تجدد الاحتجاجات في الجنوب

جانب من المظاهرات المطالبة بالتوظيف وتحسين ظروف العيش وسط العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بالتوظيف وتحسين ظروف العيش وسط العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)
TT

تزايد الضغوط على الحكومة الجزائرية بعد تجدد الاحتجاجات في الجنوب

جانب من المظاهرات المطالبة بالتوظيف وتحسين ظروف العيش وسط العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بالتوظيف وتحسين ظروف العيش وسط العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)

طلب رئيس الوزراء الجزائري الجديد أيمن بن عبد الرحمن، من بعض أعضاء طاقمه الذهاب إلى مناطق الجنوب، حيث تتزايد الاحتجاجات ضد سوء المعيشة، والتي تجددت أول من أمس، خصوصاً في محافظة ورقلة التي تحتضن حقول النفط. وفي غضون ذلك، يُرتقب أن يؤدي وزراء العمل والرياضة والسكن زيارات إلى محافظات الصحراء، بعد عيد الأضحى، في محاولة لتهدئة غضب السكان المحليين.
ونظم عدد كبير من العاطلين عن العمل، أول من أمس، مظاهرة بمدينة ورقلة، ورفعوا شعارات تطالب المسؤولين المحليين وفي الجزائر العاصمة، بحل مشكلة البطالة، التي بلغت مستويات كبيرة في أهم محافظات الجنوب، مثل أدرار وتمنراست وبسكرة والوادي.
وقال المحتجون، الذين تجمعوا في الساحة العامة بوسط ورقلة، إن «العدالة الاجتماعية غائبة في مناطقنا المهمشة»، معتبرين أنْ «لا أحد يسمع لنداءاتنا». كما عبّروا عن استيائهم من «الفساد في مديريات الشركات والإدارة المحلية ووكالات التشغيل»، التي اتهموا مسؤوليها بـ«تفضيل توظيف الأشخاص من شمال البلاد في شركات النفط، والمؤسسات المتفرعة عنها، بدل اليد العاملة المحلية»، بينما هي لا تقل كفاءة، حسبهم.
وأصدرت السلطات في 2005 قراراً يفرض على الشركات إعطاء الأولوية لأبناء المنطقة في التوظيف، واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تدريبهم، غير أنه لم يطبق أبداً. كما طالب المحتجون بإطلاق سراح متظاهرين ضد سوء المعيشة، جرى اعتقالهم الأسبوع الماضي خلال مواجهات مع رجال الأمن.
وتعرف مناطق الجنوب ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة خلال شهر يوليو (تموز) الجاري، كما تشهد انقطاعاً متكرراً للتيار الكهربائي، وهو ما يزيد من معاناة السكان ويثير غضبهم.
ودعا عدد من الأحزاب الحكومة إلى التواصل مع المتظاهرين والحوار معهم، وبحث مطالبهم في أقرب وقت، فيما يتهم المحتجون وسائل الإعلام بـ«التعتيم» على المظاهرات التي اندلعت منذ 10 أيام.
وقال رئيس «حركة البناء الوطني» الإسلامية، عبد القادر بن قرينة، في بيان مخاطباً السلطات: «إذا أردتم حلاً في ورقلة وباقي ولايات الجنوب، فاذهبوا إليهم برسالة طمأنة وأمان، وليس برسالة تخويف وتخوين. اذهبوا إليهم بحلول وحقائب مملوءة بالمشاريع، ولا تذهبوا إليهم بالعصيّ وبخراطيم المياه. مدّوا لهم يد المحبة وستجدوا عندهم وجه الولاء».
وتم أول من أمس، اعتقال ناشط بارز في اليزي (جنوب شرق)، على أثر نشره فيديو يهاجم فيه بحدة رئيس البلاد عبد المجيد تبون، والحكومة والمسؤولين المحليين.
وجاء في دراسة لـ«مركز كارنيغي للأبحاث حول السلام»، حول التذمر الشعبي في الجنوب، نشرها بموقعه في مايو (أيار) الماضي بمناسبة مظاهرات بورقلة أن المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، الواقعة في وسط وجنوب الجزائر، «نجت ربما من تداعيات الحرب الأهلية في التسعينات، لكنها عانت من الإهمال الحكومي على امتداد عقود من الزمن. كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة الفقر في أوساط سكّان الصحراء الكبرى هي ضعف نسبتها لدى سكّان المنطقة الساحلية، وذلك بسبب بُعد الصحراء عن العاصمة، حسبها، «ما أدّى إلى تفاوت جغرافي ناجم عن إرث الماضي الاستعماري، والذي استمر بعد نيل البلاد استقلالها في عام 1962». مؤكدةً أن «اختلال التوازن يبدو على نحو أكثر وضوحاً في حالة المناطق الصحراوية الغنيّة بالموارد، حيث تعمد الحكومة إلى إنفاق مبالغ كبيرة بغرض استخراج موارد تغذّي الاقتصاد الوطني، لكنها نادراً ما تحوّل جزءاً من الإيرادات، التي تتحقق من هذه الموارد إلى المجتمعات المحلية».
وتشكّل ورقلة، حسب الدراسة، خير مثال على ذلك، حيث لا تزال تعاني من الفقر ونقص التنمية، ويشكو عدد كبير من أبنائها من أنهم «محتقرون في بلاد البترول».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.