مقترح ترسيم الدوائر الانتخابية يثير رفض سكان غرب ليبيا

بحجة أنه «لا يخدم ترسيخ مبدأ سيادة القانون والمواطنة»

عقيلة صالح خلال لقائه رئيس مفوضية الانتخابات (مجلس النواب)
عقيلة صالح خلال لقائه رئيس مفوضية الانتخابات (مجلس النواب)
TT

مقترح ترسيم الدوائر الانتخابية يثير رفض سكان غرب ليبيا

عقيلة صالح خلال لقائه رئيس مفوضية الانتخابات (مجلس النواب)
عقيلة صالح خلال لقائه رئيس مفوضية الانتخابات (مجلس النواب)

أثار مقترح مشروع قانون لترسيم الدوائر الانتخابية في ليبيا حالة من الغضب والرفض في بعض مدن الغرب، في وقت أعلنت فيه المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أن 40571 مواطناً سجلوا في منظومة تسجيل الناخبين حتى مساء أول من أمس. ولم يتبق إلا 13 يوماً على موعد إغلاق منظومة تسجيل الناخبين، مما دفع نشطاء لمطالبة المواطنين بسرعة التسجيل لضمان حقهم في التصويت، والحفاظ على أرقامهم الوطنية من السرقة من قبل مستهدفي التزوير.
وقال أبو بكر أحمد سعيد، عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة، (غرب)، إن مقترح رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، بشأن توزيع الدوائر الانتخابية «بعيد كل البعد عن المساواة والعدالة، ولا يخدم ترسيخ مبدأ سيادة القانون والمواطنة... وترهونة لا تطالب إلا بحقوقها الدستورية والقانونية كباقي المدن». وأضاف سعيد موضحا: «هذا الموضوع يحتاج لأن يمرر من قبل مجلس النواب بالموافقة عليه بمجموع 120 صوتاً، فلماذا لم يُبق على نفس التقسيم السابق رغم عدم عدالته؟ ألم يكن من الأفضل ترك هذه المسألة الحرجة للمرحلة الدائمة، أي ما بعد الاستفتاء على الدستور؟».
ويبدو أن حالة الرفض التي أبدتها ترهونة ستمتد إلى مدن أخرى، بحسب سياسيين ليبيين، إذ إن كل منطقة ستطالب بعدد مقاعد أكبر من جارتها، بحسبة التعداد السكاني.
والقانون المقترح لم ير النور بعد، ولم تعلن عنه المفوضية العليا، في حين نُقل عن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تأكيده خلال لقائه رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، الأسبوع الماضي على شروع مجلس النواب في تجهيز قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب، بالإضافة إلى توزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد للوفاء بالاستحقاق الانتخابي في موعده. وجاء التحفظ على مقترح القانون، وفقاً لمجلس حكماء وأعيان ونواب ترهونة، لكونه خصص 4 مقاعد فقط للمدينة، ولم يراع تعدادها السكاني البالغ أكثر من 246 ألف نسمة، في حين خصص ضعف ذلك لمدن أقل عدداً منها، وهو ما عده سعيد بـ«قمة الظلم». لكن «المفوضية» عبرت عن انزعاجها مما سمته «محاولات حملات مغرضة» للنيل من سمعتها، وعرقلة جهودها «الرامية لنشر ثقافة الديمقراطية».
وحذرت المفوضية في بيان أول من أمس من أن هذه الحملة «تضعها في مخاطر تناظر العمل الإرهابي، لافتة إلى أنها «تلتزم بالمبادئ والمعايير المتعارف عليها دوليا في تنفيذ العملية الانتخابية».
وقالت مكونات ترهونة السياسية والاجتماعية في بيانها: «اطّلعنا على ما قدمه رئيس المفوضية إلى مجلس النواب، تحت اسم مشروع قانون ترسيم الدوائر الانتخابية، وتوزيع المقاعد الخاصة بانتخاب مجلس النواب، ووجدنا أنه جاء صادماً ومخيباً للآمال، رغم تقديم البيانات المؤيدة لحقنا كغيرنا من المناطق في عدد المقاعد الانتخابية، مما يجعلنا نرفض بخس حقنا في تخصيص عدد من المقاعد، لا يتناسب وحجم الكتلة البشرية».
وهددت مكونات ترهونة بمقاطعة الاستحقاق الانتخابي المنتظر نهاية العام، واللجوء إلى القضاء الليبي لنيل حقوقها المدنية الدستورية، ونبهت رئيس المفوضية إلى أن مشروعه المقدم لمجلس النواب «مليء بالمغالطات والعيوب الظاهرة فيه... ويدفعنا إلى رفضه شكلاً وموضوعاً، ونحن نحمل السائح مسؤولية القيام بواجباته المنصوص عليها في التشريعات النافذة، والذي تلزمه بتطبيق عدالة المعايير على كل المناطق، وفي حالة عدم التزامه بذلك فإن ترهونة، التي تتعرض للتهميش والتغييب، سيكون لها موقف مغاير».
من جهته، قال السائح في تصريح إعلامي إن عملية تحديث سجل الناخبين تستهدف كل مواطن لم يسجل في العمليات الانتخابية السابقة، موضحا أن من تم تسجيل اسمه في الانتخابات السابقة لا داعي لأن يسجل مرة أخرى. ولفت إلى أن كل ناخب لم يبادر لتسلم بطاقة الانتخاب «لن يتمكن من المشاركة في العملية الانتخابية، وكل من تم تسجيل اسمه في الانتخابات السابقة يستطيع أن يشارك في الانتخابات المقبلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.