«الشاباك» يعيد تقييم السنوار: أكثر تشدداً ولا يمكن التنبؤ بقراراته

دراسة شارك فيها خبراء لغة جسد وصحة

رئيس حركة {حماس} في قطاع غزة يحيى السنوار (أ.ف.ب)
رئيس حركة {حماس} في قطاع غزة يحيى السنوار (أ.ف.ب)
TT

«الشاباك» يعيد تقييم السنوار: أكثر تشدداً ولا يمكن التنبؤ بقراراته

رئيس حركة {حماس} في قطاع غزة يحيى السنوار (أ.ف.ب)
رئيس حركة {حماس} في قطاع غزة يحيى السنوار (أ.ف.ب)

ذكرت مصادر إعلامية في تل أبيب، أمس (الاثنين)، أن جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، والمنظومة الأمنية والعسكرية عموماً في إسرائيل، أخذت تعيد تقييمها لشخصية رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار. فبعد أن كانت تعده «قائداً واقعياً يضع نصب عينيه تحسين وضع السكان المعيشي، أصبح منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة قائداً متشدداً متطرفاً تقرب من قادة الجناح العسكري».
وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، في تقرير لها أمس، إن مجموعة من خبراء الجيش والشاباك، بالإضافة إلى متخصصين في الصحة العقلية وخبراء في لغة الجسد وتحليل الكلام، أعدوا دراسة بينت أن «السنوار مر بتحول جدي في سياسته بعد هذه الحرب، وأن التحول يجعله شخصية خطيرة بالنسبة لإسرائيل، ومن الضروري اتخاذ قرارات بشأن الاستمرار في التعامل مع حركة حماس بغزة».
ووفقاً لهذا التقييم، فإن «سلوك السنوار في الأشهر الأخيرة يختلف عما كان متعارفاً عليه في إسرائيل، إذ استبدل بالبراغماتية قرارات متسرعة، ولم يعد يتمسك بحلول وسط، وتخلى عن التواضع النسبي، ولم يعد ممكناً التنبؤ بقراراته ببساطة. وفي جهاز (الدفاع) حتى أيام قليلة، كان محمد الضيف هو الشخصية الأخطر، قياساً بيحيى السنوار، لكن الأمر اليوم لم يعد واضحاً». وقال مصدر أمني إنه «في صباح اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لاحظوا في إسرائيل أن هناك شيئاً مختلفاً في سلوك السنوار. وظهوره في شوارع غزة وهو يصافح السكان دفع باتجاه هذه الملاحظة: الطريقة التي كان يمشي بها في الشوارع، ومصافحة السكان، والاجتماع معهم ومع العشائر، والطريقة التي يسمح بها لهم بلمسه وتعليق صوره وأداء نوع من الطقوس التي تظهر الإعجاب به، شيء لم يكن موجوداً من قبل؛ إنه يحول نفسه إلى شخصية روحية، ويحاول خلق أساطير حوله، والتحدث عن نفسه كأن الله اختاره ليقاتل من أجل المسلمين ومن أجل القدس». وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن التغيير الذي حصل مع السنوار كان قبل شهرين من العملية العسكرية الأخيرة، ولذلك لم يكن التغيير مرتبطاً بإسرائيل إطلاقاً، على الأقل ليس بشكل مباشر، كما تقول الصحيفة.
وأرجعت التقديرات الإسرائيلية هذا التغيير الحاصل إلى انتخابات قيادة حركة حماس التي جعلت السنوار يواجه بشكل مفاجئ خصماً عنيداً، هو نزار عوض الله الذي يوصف لدى الأمن الإسرائيلي بأنه «متطرف»، وينتمي إلى الجيل المؤسس لحركة حماس، وكاد أن يكون زعيماً لـ«حماس» بغزة، لكن السنوار في جولة رابعة حسم الفوز لصالحه. وقال المسؤول الأمني الإسرائيلي معقباً على ذلك: «إن السنوار أدرك أنه كان سيدفع الثمن الذي اختاره بالمضي قدماً في التسوية (التهدئة)، وفهم أن الانتقادات الموجهة إليه بذهابه للمال القطري والمساعدات المالية قدمته بصفته شخصاً تخلى عن الخيار العسكري».
وجاء في التقرير الإسرائيلي أن «السنوار قرر الاصطفاف إلى جانب الذراع العسكرية لحركة حماس، ودخل الحرب ضد إسرائيل بوعي، وحاول كسب دعم أكبر في أوساط شعبه وشبابه في غزة. والطريقة التي انتهت بها جولة القتال شكلت مستقبل السنوار بشكل مختلف، وبدأ يتمتع بخصائص شخص يعتقد أنه اختير لقيادة العرب في العالم»، على حد تعبير التقرير.
وقال مصدر أمني: «لقد حاول السنوار أن يقول للمجتمعين في مصر إن كل شيء يمر من خلاله فقط، وإنه زعيم ذو أهمية دولية مثلهم تماماً». ويقول مصدر آخر إن كل هذه الأمور تشير إلى أن «السنوار أصبح قائداً غير مستقر، لا يمكن التنبؤ بقراراته، وهذا يتطلب من إسرائيل دراسة الخطوات المستقبلية. والطريقة التي يتصرف بها تتطلب منا اتخاذ القرارات بالسماح له بأن يكون الشخصية التي يمكن أن تجلس مع الوسطاء في موضوع التسوية (التهدئة)، أو فيما إذا كان هو الرقم الذي يمكن أن ندعه يستمر في حيازة كثير من الأسلحة ويهددنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».