السودان يرفض الملء الثاني لـ {سد النهضة}... ويدعو إثيوبيا للتفاوض

TT

السودان يرفض الملء الثاني لـ {سد النهضة}... ويدعو إثيوبيا للتفاوض

أعلن السودان أن التوصل إلى «اتفاق قانوني ملزم بشأن النهضة ما زال قائماً»، وأن «الوقت لم يفُت بعد» لتحقيق ذلك، وجدد تمسكه بموقفه الرافض للإجراءات الإثيوبية الأحادية، المتعلقة بملء وتشغيل سد النهضة، داعياً إثيوبيا للتفاوض «بنية حسنة» وفقاً للعلاقات التاريخية بين البلدين، وذلك بعد ساعات من إعلان إثيوبيا إكمال عملية الملء الثاني للسد الضخم، الذي أبلغت السودان ومصر بشأنه في الخامس من يونيو (حزيران) الماضي، وهو الأمر الذي اعتبره السودان ومصر خرقاً لإعلان المبادئ، الموقع بين رؤساء الدول الثلاث، وللقوانين والأعراف الدولية التي تحكم الأنهار العابرة للحدود.
وقالت وزارة الري والموارد المائية السودانية في بيان موجز، تعليقاً على الإعلان الإثيوبي باكتمال ملء سد النهضة لهذا الموسم في إجراء أحادي للعام الثاني على التوالي، إن السودان «يجدد موقفه الثابت الرافض للإجراءات أحادية الجانب من قبل إثيوبيا، وسياسات فرض الأمر الواقع، وتجاهل المصالح المشروعة، والمخاوف الجدية لشركائها في النهر».
وأكدت «الري» السودانية أن البديل الأفضل للنهج الإثيوبي هو «مواصلة التفاوض بنية حسنة من أجل التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم وشامل، يحافظ على مصالح كل الأطراف، ويخاطب مخاوفها، وبالذات فيما يتعلق بالتشغيل الآمن لسد (الروصيرص)»، مشدداً على أن التصرفات الأحادية «لن تؤدي إلا إلى الإضرار بالعلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين، والشعبين الشقيقين».
ووفقاً للنشرة الصحافية، فإن وزارة الري والموارد المائية السودانية، شددت على قناعتها بأن «الوقت لم يفُت بعد للتوصل إلى الاتفاق المرجو»، الذي وصفته بأنه «ضروري جداً وممكن ومتاح، إذا توفرت الإرادة السياسية».
في سياق ذلك، طمأنت الوزارة المواطنين بأنها اتخذت الإجراءات التحسبية والفنية والإدارية للحد من الآثار السلبية الفعلية والمحتملة للملء الأحادي للعام الثاني على التوالي، وأشارت إلى ما سمّته «كلفة اقتصادية واجتماعية باهظة، وعنتاً بالغاً تكبده مواطنونا في عجز إمدادات الكهرباء، وإمدادات مياه الشرب»، نتج عن الملء الأحادي للسد الإثيوبي. وقالت بهذا الخصوص: «لولا التحوطات الفنية بتغيير نظم التشغيل فى خزاني الروصيرص وجبل أولياء، لكانت النتائج كارثية لجهة توفير المناسيب المطلوبة لمحطات مياه الشرب، ولتوليد الكهرباء».
وأعلنت إثيوبيا أمس، اكتمال التعبئة الثانية لسد النهضة، وبث التلفزيون الرسمي صوراً لمستوى المياه عند السد، معتبرة العملية «نصراً وطنياً»، احتفلت فيه بالأغاني والأناشيد الوطنية، مؤكدة أن السد بات يخزّن ما يكفي من المياه لبدء إنتاج الطاقة.
وأكد وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، المهندس سيليشي بيقيلي، هذه المعلومات، علماً بأن مسؤولين كانوا قد توقّعوا استكمال المرحلة الثانية في أغسطس (آب) المقبل.
وأعلن سيليشي أنه «تم الانتهاء من السنة الثانية لعملية الملء الثاني لسد النهضة»، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإثيوبية، موضحاً أن التعبئة الثانية لسد النهضة تمّت بنجاح «بفضل الأمطار الغزيرة التي تهطل في البلاد»، مضيفاً أن المياه تتدفق الآن على قمة السد.
وترفض إثيوبيا مقترحاً سودانياً ومصرياً بتوقيع اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة، وتشارك معلومات التشغيل للحفاظ على منشآتها المائية، وضمان استمرار تدفق المياه، وتتمسك بما أطلق عليه «حقها» في إدارة النهر الذي ينبع من أراضيها، وأن تقدم المعلومات اللازمة للسودان دون اتفاق.
ولم تفلح الدول الثلاث، رغم المفاوضات الماراثونية التي استمرت نحو عقد زماني، وتم خلالها توقيع إعلان المبادئ بين الدول الثلاث، في الوصول إلى حل يرضي الأطراف الثلاثة مجتمعة. وقد توصلت وساطة الاتحاد الأفريقي بين البلدان الثلاثة إلى طريق مسدودة، ما دفع مصر والسودان للجوء إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الذي عقد جلسته بشأن الطلب السوداني - المصري في الثامن من يوليو (تموز) الجاري، الذي قرر في بيان إعادة مفاوضات للاتحاد الأفريقي، وإتاحة دور للمراقبين والشركاء الدوليين للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم، يستجيب لاحتياجات كل من السودان ومصر، وإثيوبيا.
وقالت الخرطوم في وقت سابق، إن الملء الأحادي لسد النهضة يلحق أضراراً بنحو 20 مليون مواطن يقطنون ضفاف النهر، وإن منشآته المائية وعلى وجه الخصوص سد الروصيرص، الذي يبعد عن سد النهضة نحو 100 كيلومتر، عرضة لمخاطر جمة بسبب الملء الأحادي، مؤكدة أن احتمالات العطش والفيضان بسبب التشغيل الأحادي محتملة وممكنة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.