داريو تشيكيني يحمل مهنة توارثتها عائلته على مدى 250 عاماً إلى دبي

«كارنا» مطعم متخصص باللحوم يروي قصة ثمانية أجيال إيطالية

TT

داريو تشيكيني يحمل مهنة توارثتها عائلته على مدى 250 عاماً إلى دبي

استطاعت دبي أن تحتل مكانة متصدرة في عالم الطعام على مدى السنوات العشر الماضية؛ فهي تعدّ اليوم مغناطيساً للمطاعم الشهيرة ذائعة الصيت حول العالم؛ مما جعلها على خريطة أهم المدن التي تقدم جميع المطابخ في قالب من الجودة العالية وبخدمة لا يمكن مقارنتها بأي مدينة أخرى.
والتحق مطعم «كارنا» الإيطالي بقافلة المطاعم العالمية التي اختارت دبي بيتاً ثانياً لها، فجاء صاحبه الجزار الإيطالي الشهير داريو تشيكيني من قرية صغيرة في توسكانا، وهو ينحدر من عائلة عملت في مجال اللحوم منذ 250 عاماً، جاء إلى دبي لينقل مهنة توارثتها ثمانية أجيال أباً عن جد.
يحمل مطعم «كارنا» توقيع شركة «بيشوب ديزاينز» Bishop Designs ويجمع بين عناصر الديكور الحديث والألوان الترابية اللافتة. إلى اليسار في المطعم ركن كبير يشبه المسرح بتفاصيل ألوانه الحمراء الداكنة. وإلى اليمين رُكن للبيع بالتجزئة لأصناف التوابل والصلصات من ابتكار داريو شخصياً. تكتمل التجربة المميّزة مع الأجواء الدافئة بفضل الأحجار الخضراء والمقاعد الخضراء المخملية. وتتدلّى من السقف ثريّات موزّعة بشكل هندسي مستقيم، في حين تلفت التفاصيل باللون الذهبي الوردي الأنظار في أنحاء المطعم.
داريو ينتمي إلى الجيل الثامن لعائلة تشيكيني، ويفتخر كونه عمل في هذا المجال ولمع اسمه في إيطاليا، واليوم قرر أن ينقل خبرته إلى دبي فاختار فندق «إس إل إس» التابع لفنادق وشقق SLS العالمية، التابعة لمجموعة «أكور» Accor الرائدة عالمياً في مجال الضيافة، ليكون مقر مطعمه «كارنا» من «داريو تشيكيني» Carna by Dario Cecchini في الطابق الرابع والسبعين؛ وبهذا يكون هذا المقر الثاني للمطعم خارج إيطاليا بعد النجاح الذي حقّقه «كارنا» في فندق «إس إل إس باها مار» SLS Baha Mar.
في مقابلة لـ«الشرق الأوسط» مع داريو تشيكيني يقول، إنه سعيد جداً كونه يسكن حالياً في دبي، ويشعر بأنه حقق حلمه في قلب مدينة نابضة بالحياة كما يشعر بأنه محاط بأشخاص يمدونه بالشجاعة والفرح والدفء. وتابع تشيكيني «(كارنا) ليس مجرد مطعم، إنه قصة نجاح ويروي تفاصيل الحكاية والعائلة التي أتشرف كوني أنتمي إليها».
وعن سؤاله عن اختياره لمدينة دبي لافتتاح مطعمه فيها، قال تشيكيني، إن مطعم «كارنا» رائع ويقع في فندق رائع في مدينة نابضة بالحياة بشكل استثنائي. ولهذا السبب اختار دبي، بالإضافة إلى فضوله لخوض تجربة جديدة؛ إذ يشعر بتوافق كبير وبطاقة كبيرة في دبي. وتابع «لقد شعرت بتلك الطاقة الإيجابية الرائعة منذ يوم اليوم للافتتاح في دبي».
وعن تجربة العمل مع العمل العرب وعن اختلاف ذوقهم وذائقتهم عن الإيطاليين، يقول داريو «أجد أنه من السهل جداً تكوين علاقة مريحة مع الزبائن العرب، وأعتقد أننا نتفق بشكل كبير. أحب الروح التي تجمعنا ولا أجد فارقاً كبيراً بين تفضيلاتهم وتفضيلاتنا الإيطالية».
وبالحديث عن الجزء الأكثر طلباً للحم، يقول تشيكيني «بالنسبة لي كجزار، أعشق (بوليتو ميستو)، وتعني اللحم المسلوق المخلوط. وأعشق أسياخ لحم البقر، وأيضاً شرائح اللحم الرائعة».
هناك نسبة قليلة من الجزارين الذين لاقوا شهرة عالمية أمثال الجزار التركي نوسريت، وهذا ما يطرح السؤال عن السبب، وبحسب داريو إن وضعه يختلف قليلاً لأنه ينحدر من عائلة ذات خبرة وتقاليد طويلة في الجزارة. فهو ينتمي إلى الجيل الثامن من عائلة من الجزارين. وعمل في مجال الجزارة منذ 46 عاماً، وفي كل يوم من تلك الأيام سعى إلى بذل قصارى جهده لتطوير نفسه وعمله.
وعن قطعة اللحم المفضلة لديه فهي رُكب البقر أو مفاصل لحم البقر؛ لأنها من القطع التي لم يرغب أحد في شرائها من متجر الجزارة الذي تملكه العائلة في إيطاليا. وتابع «ولهذا السبب كانت جدتي إيلينا تهتم بتلك القطع تحديداً، وكانت ماهرة بشكل خاص في تحضيرها بأروع الطرق، وحوّلتها إلى سلطة لحم بقري مسلوقة رائعة المذاق عن طريق غلي مفاصل لحم البقر مع الجزر والكرفس والبصل ثم تقديم اللحم الدافئ مع قطع الخضراوات الطازجة مع الجزر والكرفس والبصل الطازج، مع لمسة من أجود أنواع زيت الزيتون البكر الممتاز».
ويرى داريو تشيكيني أن أفضل طريقة لتناول اللحم عالي الجودة هي الاستمتاع سوياً بطبق رائع حول طاولة كبيرة. فبرأيه هذه طريقة جيدة في احترام الحيوان وتكريم الذبيحة التي نقدمها. بهذه الطريقة نكرّم الحيوان الذي يغذي حياتنا. مضيفاً «إن كل واحد منا جزء من الدائرة الأبدية للولادة والموت في هذه الدائرة الأبدية للحياة».
وعن سؤاله عما إذا كان يشعر بالقلق على مستقبل أكل اللحوم مع ظهور عدد من الأشخاص الذين تحولوا إلى نباتيين أو للاتجاه لأسباب صديقة للبيئة، يقول تشيكيني «نحن أبناء النهضة (التوسكانية)، وأثناء عصر النهضة، كان أهم شيء هو التفكير الحر. لذلك؛ لدي احترام كبير لأولئك الذين يختارون عدم تناول اللحوم. وبالنسبة لأي شخص يتخذ خيارات مختلفة عن اختياراتي، فأنا آكل لحوم، والاختلاف لا يفسد للود قضية. وبالمثل، أطالبه بالقدر نفسه من الاحترام تجاهي. ومع ذلك، ليس من قبيل المصادفة أنه في المطعمين اللذين أملكهما في بانزانو، هناك قائمة من قوائم اللحوم الثابتة، وهناك أيضاً قائمة نباتية مقابلة لها بالأهمية الغذائية نفسها؛ لأن شعاري دائماً هو اللحم البقري أو الخضراوات».

- من هو داريو تشيكيني؟
داريو تشيكيني، جزار حائز جوائز تقديرية، ابتكر فكرة مطعم و«ستيك هاوس» «كارنا»، وهو ينحدر من عائلة من الجزارين على امتداد ثمانية أجيال، من قرية بانزانو في منطقة كيانتي في إقليم توسكانا الإيطالي.
بعد تسلمه نشاط والده، اكتشف داريو رسالته في هذه الحياة، ألا وهي حماية فنّ القصابة إيماناً منه بأن جميع قطع اللحوم قابلة للاستعمال إذا تم طهيها بشكل صحيح؛ ما يقلل من الهدر ويعزز الاستدامة. تناقلت الأجيال هذه التقاليد والحرفيّة والأصالة في تحضير اللحوم، والتي تُشكّل محور مفهوم مطعم «كارنا». طوال مسيرته المهنيّة التي امتدت لأكثر من 43 عاماً، تعلّم تشيكيني أنّ قطعة اللحم يُمكن تحضيرها بطرق عدّة.

- قائمة الطعام في «كارنا»
تشتهر قائمة المأكولات في «كارنا» بأجود أنواع اللحوم والستيك مع التركيز على المكوّنات الطازجة والطبيعية. انطلاقاً من خبرة تشيكيني الغنيّة وحسّه الفني، يُكرّم مطعم «كارنا» تقاليد وتراث المجتمع الذي ينتمي إليه داريو، ولا سيّما الحفاظ على فنّ القصابة، بحيث تُستخدم كل قطع اللحم في تحضير الطعام، من دون هدر أي منها.
المقبّلات المجهّزة كطعام منزلي هي من بين أشهر الأطباق في «كارنا» والتي يشتهر بها تشيكيني، بدءاً من طبق «سوشي كيانتي» Sushi Chianti مع صلصة الترتار وزيت الزيتون. هذا الطبق، على بساطته، يبقى محفورا في الذاكرة، إضافة إلى طبق The Bistecca alla Fiorentina، وهو أوّل طبق ستيك اشتهر به داريو تشيكيني. وأخيراً يُمكن طلب طبق من Bollito Cart، وهو عبارة عن عربة من اللحم المغلي، تُقدّم إلى الضيف إلى جانب مائدتهم.
يُقدّم مطعم «كارنا» أيضاً ثمار البحر الطازجة مثل المحار والسلطعون وطبق Fit for a King الكبير الذي يشمل ثمار البحر والمحاريات، إلى جانب قائمة عالمية ومتنوّعة من مشروب العنب.
يشمل المطعم غرفة لتعتيق اللحوم، حيث يستعرض أجود أنواع اللحوم، إلى جانب قاعة طعام خاصّة مناسبة للّقاءات الصغيرة. يستقبل مطعم «كارنا” الضيوف يوميّا من الساعة السابعة مساءً حتّى الواحدة بعد منتصف الليل.

- وصفة طبق ARROSTO FIORENTINO
(لحم بقري مشوي على الطريقة الفلورنسية) – يكفي 8 إلى 10 أشخاص على طريقة داريو تشيكيني.
ستحتاج إلى قطع جيدة من اللحم البقري المشوي لهذا الطبق. وأوصي بقطعة مستديرة للشواء زنة 2 إلى 2.5 كجم.
سخّني الفرن لأعلى درجة حرارة، وعندما يكون الفرن ساخناً جداً، ضعي اللحم في مقلاة عالية الجوانب وضعيها في الفرن.
اتركيها للطهي لمدة 20 دقيقة دون فتح الفرن. اعتماداً على وزن اللحم، قد يختلف وقت الطهي قليلاً.
في غضون ذلك، اقطعي حفنة كبيرة من أوراق «المريمية» الطازجة وحفنة صغيرة من «الروزميري» الطازج وقليلاً من الملح. بمجرد تقطيع المكونات جيداً، امزجيها بجرعة معقولة من زيت الزيتون (كوب واحد من زيت الزيتون لكل كيلوغرام من اللحم البقري).
أخرجي اللحم المشوي من الفرن، واسكبي فوقه الصلصة التي أعددتِها للتو. قومي بتغطية صينية الشواء (ورق الألمنيوم ستعمل بشكل جيد)، واتركيها لمدة نصف ساعة، مع النقع، مما يسمح للنكهات بالظهور. لا ترجعي الطبق إلى الفرن؛ لذلك سيبقى التتبيل طازجاً وغير مطبوخ. قطّعي اللحم المشوي إلى شرائح رقيقة، وقدميها مع صلصة النقيع.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.