حروب قبلية دامية على مناجم الذهب في السودان

الحكومة تدفع بتعزيزات عسكرية لوقف الاقتتال

TT

حروب قبلية دامية على مناجم الذهب في السودان

تسبب نزاع حول منجم لتعدين «الذهب» بولاية جنوب كردفان (جنوب غربي السودان) في اندلاع قتال مسلح بين مجموعتين من القبائل في محافظة قدير، أدى إلى وقوع قتلى وجرحى، ونزوح الآلاف من المنطقة، ما حدا بالحكومة المركزية في الخرطوم إلى التدخل، وإرسال قوات عسكرية من كتيبتين من الجيش وقوات الدعم السريع والشرطة، للفصل بين الأطراف المتصارعة، وضبط الأمن. وقال حاكم الولاية، حامد البشير، إنه لا توجد إحصائية دقيقة لدى الجهات المختصة عن أعداد القتلى بسبب الثقافة القبلية السائدة لدى بعض القبائل في التستر على قتلاها بغرض الثأر لهم. وكانت حكومة الولاية قد فرضت، الأسبوع الماضي، حالة الطوارئ القصوى في 5 محافظات، وهي: كلوقي وتلودي والليري وهبيلا وأبو جبيهة، إثر تمدد المناوشات بدخول أطراف من قبائل أخرى سعت إلى تأجيج الصراعات القديمة حول المراعي.
وأقر الحاكم، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، بأن ظاهرة البحث والتنقيب الأهلي عن الذهب هي اللاعب الأساسي في الصراعات بين القبائل، مشيراً إلى أن الصراع الحالي بدأ بخلاف حول حفر بئر للماء بالقرب من منطقة تعدين للذهب، وتطور إلى صراع مسلح بين بطون بعض القبائل.
وأضاف أن «التعدين عن الذهب أزهق كثيرًا من الأرواح»، مؤكداً أنه «نعمل على إنشاء مشروع مصنع للتعدين الحديث تمتلكه حكومة الولاية للسيطرة على النزاعات التي يتسبب فيها الصراع على الموارد».
وكشف البشير عن امتلاك المواطنين أسلحة ثقيلة حديثة، منها قذائف «آر بي جي» وقنابل «القرنوف»، وأسلحة أخرى أكثر تطوراً لا يملكها إلا الجيش.
وقال حاكم الولاية إن زعماء القبائل والعشائر وقادة الإدارات الأهلية، إلى جانب التحركات المكثفة لحكومة الولاية والحكومة في الخرطوم، تقدموا بمبادرات للصلح، لكنها فشلت في تسوية النزاع ووقف العنف بسبب مطالبة بعض القبائل بطرد قبائل أخرى من المنطقة، وهو أمر لن تستجيب له الحكومة، وترفضه بشدة، على حد تعبيره.
وأشار البشير إلى أن الحكومة نشرت قوات كبيرة في المداخل الرئيسية لعدد من مناطق الولاية لتطبيق القانون بصرامة، والعمل على نزع السلاح بالقوة في أسرع وقت ممكن من أيدي المواطنين حتى لا تجدد الاشتباكات المسلحة بين القبائل، وتجنب وقوع مزيد من القتلى وسط السكان. وأكد حاكم ولاية جنوب كردفان أن المساعي التي بذلتها أطراف كثيرة نجحت في وقف العدائيات في محافظة قدير تمهيداً للتوقيع على وثيقة صلح تضمن التعايش السلمي عقب عطلة عيد الأضحى المبارك، لوضع حد نهائي للصراعات المسلحة في المنطقة.
ونفى الحاكم بشدة الاتهامات التي توجه إلى حكومته بالتدخل إلى جانب أي طرف في النزاعات القبلية، قائلاً: «نقف على مسافة واحدة من جميع المكونات في الولاية»، لكنه اتهم مجموعات من نظام الرئيس المعزول عمر البشير بالتورط في خلق وتأجيج القتال بين القبائل.
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد أرسل وفداً وزارياً رفيعاً للولاية للوقوف على الأحداث الأمنية، موجهاً بفرض هيبة الدولة، والقبض على المتفلتين وتقديمهم للمحاكمة فوراً. وشهدت عاصمة الولاية «كادوقلي» في الأيام الماضية صداماً بين قبلتين، راح ضحيته عدد من المواطنين، إلا أن جهود الوساطة أفلحت في تهدئة الأمر وإخماده قبل أن يتطور. وساهم الصراع الأخير في تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية بسبب حالات النزوح الواسعة للمواطنين في ولاية تجاوز مستوى الفقر فيها 80 في المائة. وتسيطر الحركة الشعبية شمال - فصيل عبد العزيز الحلو التي تدير معها الحكومة الانتقالية في الخرطوم مباحثات من أجل التوقيع على اتفاق سلام على 3 محافظات بولاية جنوب كردفان، إلى جانب سيطرتها بالكامل على مدينة كاودا، المعقل الرئيسي للحركة المسلحة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.