تحتل قلب ساحة خدمة الصحة العامة في بريطانيا «خدمة الصحة الوطنية» NHS، ويشير هذا المسمى إلى مؤسسة تلعب دور المظلة الجامعة لأنظمة الرعاية الصحية والطبية المموّلة حكومياً في البلاد.
أسست «الخدمة»، التي تموّلها الضرائب العامة، عام 1948 بعد سنوات قليلة من نهاية الحرب العالمية الثانية. وهي تضم 3 أنظمة تحت مسماها الرسمي في 3 من أقاليم المملكة المتحدة الأربعة، هي؛ خدمة الصحة الوطنية لإنجلترا، وخدمة الصحة الوطنية لأسكوتلندا، وخدمة الصحة الوطنية لويلز. أما الإقليم الرابع، أي آيرلندا الشمالية، فقد أسست خدمته بصورة منفصلة.
كما سبقت الإشارة، أسست الحكومة العمالية برئاسة كليمنت آتلي «الخدمة» بعد الحرب. وكان العمال قد حققوا فوزاً ساحقاً على حزب المحافظين بزعامة وينستون تشرشل، رئيس الوزراء وأحد أبطال الحرب. وعكس تصويت الناخبين الكثيف لهم حاجة البلاد الماسة إلى الإعمار وإعادة البناء والتأهيل الاجتماعي وتأمين شبكة أمان صحي بعد حرب طاحنة كانت تكلفة الانتصار فيها باهظة بشرياً ومالياً واجتماعياً وعمرانياً. وحقاً، جاء تأسيس «الخدمة» ضمن جملة من الإجراءات والسياسات الاشتراكية التي التزم بها الزعيم العمالي وقيادات حزبه، في طليعتها التأميم ودولة الضمانات الاجتماعية والتطبيب والتعليم المجاني.
وبما يخص القطاع الصحي – الطبي بالذات، قامت فكرة تأسيس «خدمة الصحة الوطنية» على مبادئ أساسية، هي أن تكون شاملة، وعامة، ومجانية الغاية، ومستندة إلى الحاجة، لا القدرة على الدفع. ويستفيد منها المقيمون على الأراضي البريطانية، باستثناء علاج الأسنان والعناية البصرية. ومن ناحية ثانية، يدفع المرضى المشمولون بـ«الخدمة» بدل وصفات طبية (دوائية)، ولكن يستثنى من الدفع مَن تجاوزوا سن الستين وبعض مستحقي التعويضات الحكومية.
عودة إلى بنية الأجهزة الإقليمية الأربعة لـ«الخدمة»، فإن كلاً منها يعمل بصفة مستقلة عن الأجهزة الأخرى، وكل منها يخضع لسياسة حكومته الإقليمية، التي هي الحكومة الأسكوتلندية، والحكومة الويلزية، والسلطة التنفيذية لآيرلندا الشمالية، والحكومة البريطانية (فيما يخص إنجلترا). ووفق إحصائيات 2015 - 2016 يعمل في «خدمة الصحة الوطنية» نحو 1.6 مليون شخص، وتقدر قيمة ميزانيتها الإجمالية بـ136.7 مليار جنيه إسترليني. من ناحية ثانية، بلغ عدد الممرضات العاملات في «الخدمة» عام 2017 نحو 691 ألف ممرض وممرضة، بتراجع 1783 عن العام السابق، وكان هذا أول تراجع منذ عام 2008. أما على صعيد معالجة المرضى، فإن مرافق «الخدمة» تستقبل مليون مريض كل 24 ساعة. وبجهاز عاملين يقارب مليوناً و700 ألف، تعد «الخدمة» خامس أكبر هيئة موظِّفة في العالم، وهي أكبر هيئة حكومية غير عسكرية في العالم.
أخيراً، تجدر الإشارة إلى أن ملكة بريطانيا، الملكة إليزابيث الثانية، قدّرت «خدمة الصحة الوطنية» في مناسبة الذكرى السنوية الثالثة والسبعين لتأسيسها وسام «صليب جورج» وهو أرفع وسام بريطاني يمنح خارج نطاق تقدير البسالة في الحروب أمام عدو. وجاء هذا التقدير الملكي بعدما وجدت «الخدمة» نفسها على امتداد 18 شهراً في حرب ضروس تخوضها ضد فيروس «كوفيد 19».
8:2 دقيقة
إضاءة على «خدمة الصحة الوطنية» في بريطانيا
https://aawsat.com/home/article/3084206/%D8%A5%D8%B6%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%C2%AB%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7
إضاءة على «خدمة الصحة الوطنية» في بريطانيا
إضاءة على «خدمة الصحة الوطنية» في بريطانيا
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة