ما سبب عدم توفر لقاحات لـ«كورونا» مخصصة للأطفال حتى الآن؟

أطفال يرتدون الأقنعة الواقية للحماية من فيروس كورونا (أرشيفية-رويترز)
أطفال يرتدون الأقنعة الواقية للحماية من فيروس كورونا (أرشيفية-رويترز)
TT
20

ما سبب عدم توفر لقاحات لـ«كورونا» مخصصة للأطفال حتى الآن؟

أطفال يرتدون الأقنعة الواقية للحماية من فيروس كورونا (أرشيفية-رويترز)
أطفال يرتدون الأقنعة الواقية للحماية من فيروس كورونا (أرشيفية-رويترز)

يمكن للأميركيين الذين يبلغون من العمر 12 عاماً أو أكثر الحصول على لقاحات «كورونا» المتوفرة في البلاد، لكن الأطفال الأصغر سناً ما زالوا ينتظرون.
مع اقتراب العديد من المدارس في جميع أنحاء الولايات المتحدة من إعادة فتح أبوابها في فصل الخريف، لا تزال شركتا الأدوية «فايزر» و«موديرنا» تجريان تجارب إكلينيكية لمعرفة كيفية عمل لقاحات مضادة لفيروس «كورونا» مخصصة للأطفال دون سن 12 عاماً. وتدرس الشركتان ما إذا كانت اللقاحات آمنة وما هي الجرعة المناسبة، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

وفي الوقت نفسه، تشهد جميع الولايات تقريباً ارتفاعاً في عدد الحالات، حيث يؤكد الأطباء أن عدد المرضى الأصغر سناً والأكثر مرضاً يزداد عن ذلك المسجَّل في الشتاء.
وأدى الارتفاع المفاجئ في الحالات إلى تساؤل الآباء عند الموعد الذي قم يتم فيه إنتاج لقاحات مخصصة لأطفالهم.

والجواب هو أن الأمر سيستغرق شهوراً، إن لم يكن أطول، حيث إن الموضوع ليس بسيطاً، مثل إعطاء جرعات للبالغين.
قال الدكتور تشيب والتر، طبيب الأطفال في جامعة ديوك والباحث في تجارب «فايزر»: «أتفهّم قلق الوالدين ورغبتهم في تلقيح أطفالهم، لكن علينا التأكد من أننا نقوم بأفضل الأشياء وأكثرها أماناً للأطفال».

* متى يمكننا تطعيم الأطفال دون سن 12 عاماً؟

تضمّ دراسة لقاح شركة «فايزر» أكثر من 4 آلاف و600 طفل في ثلاث فئات عمرية: من 5 إلى 11 عاماً؛ 2 - 5 سنوات؛ والأطفال من سن 6 أشهر حتى سن عامين.
ويمكن أن تأتي البيانات الخاصة بالأطفال من سن 5 إلى 11 عاماً في وقت ما في شهر سبتمبر (أيلول)، واعتماداً على النتائج، أخبرت الشركة شبكة «سي إن إن» أنها قد تطلب من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» السماح باستخدام اللقاح في حالات الطوارئ بالشهر ذاته.
وقد تصل البيانات الخاصة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام بعد فترة وجيزة. بالنسبة للأطفال الأصغر سناً، قالت شركة «فايزر» إنها من المحتمل أن تحصل على البيانات في أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني)، وبعد ذلك بوقت قصير تطلب من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» الإذن بالاستخدام في حالات الطوارئ.
ويمكن أن تستغرق عملية قبول الاستخدام الطارئ من قبل «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» عدة أسابيع، مما يعني أن لقاح الأطفال الصغار لن يكون متاحاً على الأرجح حتى أواخر الخريف أو ربما العام المقبل.

وهناك سبب آخر لتحرك اللقاح ببطء: تريد الشركات التأكد من أنه لا يجعل الأطفال الذين يصابون بـ«كورونا» أكثر مرضاً، وهو سيناريو يسمى تعزيز المناعة.
وقال الدكتور بيتر هوتيز، اختصاصي اللقاحات وعميد المدرسة الوطنية لطب المناطق الحارة في كلية بايلور للطب، إن هذا يعتمد على ما حدث في الستينات مع لقاح كان من المفترض أن يحارب عدوى الفيروس المخلوي التنفسي.
وتابع: «لقد تسببت اللقاحات في ظاهرة تعزيز المناعة التي جعلت المرض في الواقع أسوأ، لذا أعتقد أن هذا سيكون أحد الاعتبارات - التأكد من عدم حدوث ذلك».
وأوضح هوتيز أن الشركات تريد أيضاً التأكد من أن اللقاح لا يؤدي إلى تفاقم مرض نادر ولكنه خطير مرتبط بـ«كورونا» يسمى متلازمة الالتهاب متعدد الأنظمة عند الأطفال، الذي أدى في بعض الحالات إلى حدوث اضطرابات عصبية ووفيات.
ومن الأسباب الأخرى المرتبطة بتأخر إنتاج لقاحات للأطفال هو أنه بالنسبة لـ«كوفيد - 19»، كان من الواضح أن كبار السن هم الأكثر تضرراً، لذلك بدأت تجارب اللقاحات معهم.


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».