حماس تتهم السلطة بتنفيذ اعتقالات جماعية لعناصرها في الضفة

بعد أيام من اعتقال حماس قياديًا كبيرًا في فتح بقطاع غزة

حماس تتهم السلطة بتنفيذ اعتقالات جماعية لعناصرها في الضفة
TT

حماس تتهم السلطة بتنفيذ اعتقالات جماعية لعناصرها في الضفة

حماس تتهم السلطة بتنفيذ اعتقالات جماعية لعناصرها في الضفة

اتهمت حركة حماس السلطة الفلسطينية بشن حملة اعتقالات جماعية ضد عناصرها في الضفة الغربية، وطالبت رئيس حكومة التوافق، رامي الحمد الله، بوقف الهجمة ضدها في الضفة الغربية، التي عدتها تأكيدا على استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وقالت حماس إن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، اعتقلت العشرات من عناصرها في الضفة، وطالت طلابا وأكاديميين ومناصرين لها، وهي مستمرة.
وقالت حماس في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن الاعتقالات «تصعيد خطير وتمسك بالتعاون الأمني مع الاحتلال رغم قرارات المجلس المركزي التي جرمت ذلك». وحذرت حماس من استمرار الاستهداف للمقاومة الفلسطينية، داعية السلطة لوقف حملة الاعتقالات والإفراج عن المعتقلين.
وطالبت حماس الفصائل الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها «إزاء العبث الذي تمارسه السلطة، وتنكرها لقرارات المجلس الوطني التي لم يجف حبرها بعد».
ونشرت حماس أسماء 50 على الأقل، اعتقلتهم الأجهزة الأمنية، وأوضحت أن ثمة استدعاءات لعشرات آخرين.
وحمل القيادي في حركة حماس، حسام بدران، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس حكومة التوافق الوطني رامي الحمد الله، المسؤولية الكاملة عن حملة الاعتقالات السياسية التي تستهدف أنصار الحركة في الضفة الغربية المحتلة.
وطالب بدران في بيان، جميع أعضاء المجلس المركزي بإعلان موقف صريح إزاء ما وصفه بـ«استهتار الأجهزة الأمنية بقرارات المجلس المتعلقة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإتمام المصالحة الوطنية».
وقال بدران «إن حملة الاعتقالات ضد أبناء حركة حماس تؤكد أن التنسيق الأمني مع الاحتلال على حاله ومستمر على أعلى المستويات»، وإن «استمرار التنسيق الأمني يثبت أن قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق ليست حقيقية ولا معنى لها».
وربط بدران بين الحملة التي شنتها أجهزة السلطة في الضفة ضد أبناء حماس، وإعلان المخابرات الإسرائيلية أن 80 في المائة من أعمال المقاومة في الضفة قامت بها «حماس». ورأى أن هذه الاعتقالات الجماعية جاءت لتؤكد للاحتلال أن الأجهزة الأمنية تقوم بما هو مطلوب منها، على حد قوله.
وأدان عضو المكتب السياسي في حماس، عزت الرشق، بشدة، استمرار السلطة الفلسطينية في تنفيذ الحملة الأمنية ضد أنصار حركته، وعدّ ذلك خدمة مجانية للاحتلال.
ورأى الرشق في تصريحات مكتوبة أن استمرار الحملة الأمنية ضد المقاومة والأسرى المحررين في الضفة، يجعل من دعوات وقف التنسيق الأمني شعارا بلا معنى.
وأضاف: «حملة الاعتقالات والمداهمات الشرسة التي تشنها السلطة وأجهزتها الأمنية ضد أبناء شعبنا وأنصار حماس في الضفة الغربية وضد الأسرى المحررين لا تخدم إلا العدو الصهيوني، وتؤكد أن قرار المجلس المركزي وقف التنسيق الأمني ما هو إلا ذر للرماد في العيون، ومحاولة لامتصاص الغضب الشعبي على السلطة وأجهزتها الأمنية».
وتابع: «من يقوم باعتقال شرفاء شعبنا يوظف نفسه كعصا غليظة بيد المحتل وحارسا لأمن العدو».
ولم تعقب السلطة على اتهامات حماس.
وجاءت الاعتقالات لعناصر حماس بعد ساعات من تحميل حركة فتح، الحركة الإسلامية المسؤولية عن استمرار احتجاز الأجهزة الأمنية التابعة لها، مدير العلاقات الدولية في حركة فتح في قطاع غزة، مأمون سويدان، الذي تعتقله حماس منذ الخميس الماضي.
وكان جهاز الأمن الداخلي في غزة، طالب سويدان بالحضور بشكل عاجل إلى مقره الرئيسي في مدينة غزة، للتحقيق، ولم يفرج عنه.
وحملت حركة فتح، حماس المسؤولية عن حياة سويدان، وطالبتها بالإفراج عنه فورا. وعدت احتجاز حماس لسويدان «حلقة في سلسلة عملية ترهيب وقمع منظمة، توجهها حماس نحو قيادات الحركة وكوادرها ومناضليها في قطاع غزة».
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مفوض العلاقات الدولية في الحركة، نبيل شعث، إن حركته لن تسمح لحماس بارتكاب الجرائم بحق الفتحاويين تحت مظلة المصالحة. وأضاف شعث: «لا نريد أن يؤدي اعتقال القيادي الفتحاوي مأمون سويدان إلى سلسلة من ردود الفعل، فنحن حريصون على تحقيق المصالحة الوطنية (..) لكن على حماس ألا تعتقد أنها قادرة على تحقيق ما تريد دون الردود عليها».
وأردف: «أعطيت حماس الوقت الكافي للإفراج عن سويدان سالما غير مصاب بأي اعتداء أو تعذيب، وإذا لم تستجب حماس فإن لكل حادث حديثا».
ووصف شعث ما قامت به حماس بالجريمة المرفوضة والمدانة بشدة، والمخالفة لكل القوانين، مشيرا إلى أن سويدان تعرض لمحاولة اغتيال منذ أسابيع، مضيفا: «حماس ادعت أنها قامت باعتقال المجموعة التي اعتدت عليه، ولم يتم معرفة مصير هؤلاء المارقين ومن هم».
وفي إسرائيل، ربطت مصادر أمنية بين اعتقالات عناصر حماس ومكافحة ما سمته «الإرهاب».
وقال مصدر أمني إسرائيلي، إن هذه الاعتقالات جاءت لمنع «أي تصعيد محتمل في الضفة قبيل إجراء الانتخابات الإسرائيلية».
ويرى محللون في إسرائيل أن السلطة تعمل وفق منطق أن الانتخابات الإسرائيلية ستسفر عن تغييرات سياسية مهمة في المشهد في إسرائيل، ما يتيح تغير الوضع القائم حاليا.
ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلي عن مسؤول أمني فلسطيني، تأكيده أن السلطة تسعى للهدوء قبل حدوث تغيير سياسي في إسرائيل يؤدي إلى استئناف المفاوضات وحدوث تحسن كبير على مستوى الصراع.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.