سنوات السينما

سنوات السينما
TT

سنوات السينما

سنوات السينما

Each Dawn I Die ****
‪(1939)‬
لقاء رافت - كاغني ألفريد
إلى جانب عنوانه الثري بإيحاءاته «كل فجر أموت» هو أحد ثلاثة أفلام من إنتاج وورنر في الثلاثينات تجمع بين جيمس كاغني وواقعية أفلام الغانغسترز. كلها مليئة بالشخصيات المتألمة والنقد لمجتمع يتبادل الخير والشر الصراع فيه.
هو الفيلم الثاني بين الثلاثة (الآخران هما: «Angels with Dirty Faces ملائكة بوجوه متسخة» 1938، و«The Roaring Twenties العشرينات المزمجرة» 1939). بعد عشر سنوات عادت وورنر (التي لم تتخلّ عن كاغني تبعاً لعقد طويل الأمد) إلى وضعه في فيلم غانغستر آخر هو White Heat («حرارة بيضاء»، 1949).
في «كل فجر أموت» هو صحافي اسمه فرانك برسالة نشر الحقيقة عن فساد حاكم ولاية وعلاقاته المشبوهة مع الخارجين عن القانون. تُدبّر تهمة ملفّقة بقتل أبرياء وإلقائه في السجن. أمله في إثبات براءته مناط بفتاته التي تحبّه (جين برايان)، لكنّ المسألة شاقّة والعقوبة تمضي. في السجن بيئة جديدة وزمالة مختلفة. أحد الذين يفهمون ثورته المؤلمة رجل عصابات اسمه ستايسي (جورج رافت)، الذي يقضي عقوبة تصل إلى 99 سنة. ينقذ فرانك حياة ستايسي من محاولة قتل فيعرض هذا على فرانك الهرب معه، لكن فرانك يرفض. يعاهده ستايسي النفاذ إلى الشاهد المزوّر وإخراجه من السجن. لكن ستايسي يتلكأ حال يرتاح إلى بيئته الجديدة ولا يعمد لتنفيذ وعده إلّا من بعد أن لاقى فرانك المزيد من الإحباط وفترات السجن المنفرد.
أخرج الفيلم ويليام كايلي، أحد الذين انحسرت عنهم أضواء الحياة والشهرة. هو مخرج متين السرد. حقّق أفلاماً متنوعة من بين أفضلها أفلام عصابات أخرى. مثل كاغني كان مرتبطاً بعقد عمل جيد مع شركة «وورنر»، لكن الشركة لم تعرض عليه إخراج هذا الفيلم إلّا من بعد أن جرّبت إسناد المهمّة إلى مايكل كورتيز. هذا كان قد خطط للإتيان بالممثل جون غارفيلد ليلعب الدور الذي قام به كاغني. عندما لم يتم ذلك أسندت «وورنر» المهمّة لفارسها كايلي الذي فكّر بإدوارد روبنسون قبل أن يستقر الرأي على كاغني.
على عكس كاغني، لم يكن جورج رافت على قائمة «وورنر» من الممثلين. أتت به بعد أن استعرضت عدداً من الممثلين بديلاً له قبل أن تُسند إليه المهمّة لتناصف البطولة مع كاغني. هذا هو الفيلم الوحيد الذي يجمعهما في مسيرة كل منهما الطويلة.
كايلي اشتغل بميزانية محدودة وأسلوب واقعي. لا بطولات زائفة تميد بالرغبة في تسديد مفاد حول الأبرياء الذين يُلقي بهم الفساد السياسي في السجن، ولا لهو عن تقديم شخصية ضابط في السجن ساديّ يسيء معاملة الجميع (وينتهي مقتولاً). الحكاية (مستوحاة من رواية منشورة) لا تخلو من معالجة خيالية، لكن الأسلوب واقعي. على عكس فيلمي كاغني الآخرَين («العشرينات المزمجرة» لراوول وولش و«ملائكة بوجوه متسخة» لمايكل كورتيز)، يوفر كاغني شخصية رجل يقف إلى جانب القانون. إنّه القانون الذي لا يقف إلى جانبه.
كاغني كان قد عُرف في تلك الفترة بأفلام ميوزيكال راقصة وبأفلام بوليسية عنيفة. الشهرة التي غلبت عليه هي أنّه رجل قوي وعنيف ويحسب أعداؤه له ألف حساب. الجديد هنا هو تقديمه صورة مغايرة. أكثر عُرضة للضعف وأكثر إنسانية، وهو أجاد بها (حسب كتاب للمؤرخ هادن غَست) وأحبها. الفيلم له حضور كلاسيكي رائع اليوم، واللقاء بين كاغني ورافت من بين أفضل اللقاءات التي تمّت في تاريخهما وتاريخ السينما.


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز