ربع يهود أميركا يرون إسرائيل دولة «أبارتهايد»... و61 % مع حل الدولتين

استطلاع رأي بمبادرة من «اليهودية الأميركية»

الأمن الإسرائيلي يدفع مسناً فلسطينياً في يطا بالضفة بعيداً عن مركز صحي يجري هدمه (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يدفع مسناً فلسطينياً في يطا بالضفة بعيداً عن مركز صحي يجري هدمه (أ.ف.ب)
TT

ربع يهود أميركا يرون إسرائيل دولة «أبارتهايد»... و61 % مع حل الدولتين

الأمن الإسرائيلي يدفع مسناً فلسطينياً في يطا بالضفة بعيداً عن مركز صحي يجري هدمه (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يدفع مسناً فلسطينياً في يطا بالضفة بعيداً عن مركز صحي يجري هدمه (أ.ف.ب)

أظهر استطلاع جديد للرأي، أن الحرب الأخيرة على قطاع غزة عمقت الخلافات مع يهود الولايات المتحدة، لدرجة أن 38 في المائة يعتبرون سياسة إسرائيل مع الفلسطينيين عنصرية شبيهة بعنصرية البيض ضد السود في أميركا، وقال 25 في المائة إنهم يعتبرون إسرائيل دولة فصل عنصري (أبارتهايد). وأعرب 61 في المائة منهم تأييدهم لحل الدولتين.
وقد جاء هذا الاستطلاع بمبادرة من المنظمة اليهودية الأميركية «جي تي إيه»، التي تضم مجموعة من الديمقراطيين اليهود البارزين، في الفترة من 28 يونيو (حزيران) وحتى 1 يوليو (تموز). وأجري عبر الإنترنت وعبر رسائل نصية، وشمل 800 مستطلع من يهود أميركا (هامش الخطأ الإجمالي فيه تعادل نسبة 3.5). ومن أبرز نتائجه أن هناك ارتفاعا بارزا في نسبة الرافضين للسياسة الإسرائيلية، وحتى نسبة الذين يعتبرون أن إسرائيل فقدت حقها في الوجود. ووافق 22 في المائة على أن «إسرائيل ترتكب سياسة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين». وقال 34 في المائة إن «معاملة إسرائيل للفلسطينيين مماثلة للعنصرية في الولايات المتحدة»، واتفق 25 في المائة مع عبارة «إسرائيل دولة أبارتهايد». وقال 38 في المائة إنهم لا يشعرون بالتعاطف مع إسرائيل (62 في المائة ما زالوا يشعرون بالتعاطف معها).
بين الناخبين الشباب الذين شملهم الاستطلاع، كانت الموافقة على هذه التصريحات أعلى، رغم أن ذلك لا يزال يمثل رأي الأقلية. ووجد الاستطلاع أن 9 في المائة من الناخبين يوافقون على عبارة «ليس لإسرائيل الحق في الوجود». لكن بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما، كانت هذه النسبة 20 في المائة. ووافق ثلث الناخبين الشباب على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، وهو موقف يقول حتى محامو حقوق الإنسان الذين ينتقدون إسرائيل، إنه متطرف. ووافق أكثر من الثلث على أن إسرائيل دولة أبارتهايد.
ورغم أن 90 في المائة من المستطلعة آراؤهم أعربوا عن قلقهم من تزايد معاداة السامية في الولايات المتحدة، رفض الغالبية اعتبار النقد لإسرائيل «لا سامية». وعندما سئلوا عن رأيهم في هجوم الرئيس السابق دونالد ترمب، على اليهود الأميركيين لأنهم منحوا 75 في المائة من أصواتهم لمنافسه جو بايدن، وقال فيه إن «اليهود الذين يصوتون للديمقراطيين ليسوا مخلصين لإسرائيل»، وإن كانوا يتفقون مع قادة المنظمات اليهودية الرئيسية بوصفه تصريحا ضد السامية، رفضت الغالبية العظمى هذه المقولة (77 في المائة)، ووافق عليها فقط 26 في المائة.
واعتبرت القيادات اليهودية في إسرائيل والولايات المتحدة نتائج هذا الاستطلاع بالمجمل «صادمة»، خصوصاً بعد الجهود الكبيرة التي تبذلها المنظمات اليهودية في شمال أميركا، للبرهنة على أن إسرائيل تعتبر عنصرا مركزيا في الهوية اليهودية وأن الانتقادات ضدها تنحرف عادة باتجاه معاد للسامية. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الأربعاء، إن نتائج الاستطلاع تفرض تحديا جديدا للحكومة الإسرائيلية الجديدة، لإصلاح العلاقات مع الجالية اليهودية الأميركية التي أصبحت إلى حد ما معزولة عن إسرائيل خلال 12 عاما من حكم بنيامين نتنياهو، الذي كان مقربا من الحزب الجمهوري ومتطرفين آخرين في السياسة الأميركية.
يذكر أن الاستطلاع بين أن غالبية اليهود الأميركيين يشجعون السلام بين إسرائيل وجيرانها. إذ قال 61 في المائة منهم إنهم يؤيدون حل الدولتين. وفقط 19 في المائة منهم قالوا إنهم يفضلون ضم الضفة الغربية لإسرائيل وحرمان سكانها الفلسطينيين من حق التصويت في الانتخابات العامة، بينما قال 20 في المائة إنهم يفضلون «إقامة دولة واحدة لا يهودية ولا فلسطينية» تشمل إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.
وسئلوا عن رأيهم في تصريحات النواب في الكونغرس كوري بوش، وإلهان عمر، ورشيدة طليب، حول ضرورة قطع المساعدات عن إسرائيل، فأجاب الغالبية العظمى من المشاركين في الاستطلاع (71 في المائة)، إنه من «المهم» تقديم المساعدة المالية لإسرائيل، وقالت أغلبية أصغر حجما (58 في المائة)، إنه سيكون من المناسب تقييد المساعدات لإسرائيل حتى لا تتمكن من إنفاق الأموال الأميركية على المستوطنات. وأيدت الغالبية (62 في المائة) قيام بايدن بعكس سياسة ترمب التي قطع من خلالها المساعدات عن الفلسطينيين.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.