قتلى بقصف جديد لقوات النظام في شمال غربي سوريا

110 أشخاص بينهم 23 طفلاً قتلوا منذ بداية العام

عناصر من «الدفاع المدني» يحملون قتيلاً بعد قصف قوات النظام لريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الدفاع المدني» يحملون قتيلاً بعد قصف قوات النظام لريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى بقصف جديد لقوات النظام في شمال غربي سوريا

عناصر من «الدفاع المدني» يحملون قتيلاً بعد قصف قوات النظام لريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الدفاع المدني» يحملون قتيلاً بعد قصف قوات النظام لريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

قتل ثمانية مدنيين على الأقل بينهم طفلان الخميس جراء قصف صاروخي لقوات النظام على بلدتين في شمال غربي سوريا.
وتتعرض مناطق عدة في إدلب منذ يونيو (حزيران) لقصف متكرر من قوات النظام، فيما ترد الفصائل المقاتلة باستهداف مواقع سيطرة الأخيرة في مناطق محاذية، رغم سريان وقف لإطلاق النار في المنطقة منذ أكثر من عام بموجب اتفاق بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين في مارس (آذار) العام الماضي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مقتل خمسة مدنيين بينهم طفل جراء قصف بقذائف صاروخية استهدف محيط بلدة الفوعة في ريف إدلب الشمالي الشرقي. وأوضح أن غالبية القتلى هم عمال كانوا ينهمكون بتكسير الحجر في محيط مسبح شعبي.
وقتل ثلاثة مدنيين آخرين، بينهم سيدة وطفل، بقصف صاروخي لقوات النظام على بلدة إبلين في ريف إدلب الجنوبي.
وتكرر قوات النظام في الأسابيع الأخيرة قصفها على إدلب. وقتل تسعة مدنيين على الأقل في الثالث من الشهر الحالي، خمسة منهم من عائلة واحدة في إبلين.
وكانت حصيلة القتلى تلك الأكثر دموية منذ دخول وقف إطلاق النار، الذي أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، حيّز التنفيذ في مارس 2020.
وجاء وقف إطلاق النار الذي ما زال صامداً رغم الخروقات، عقب هجوم واسع شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر، دفع نحو مليون شخص إلى النزوح من منازلهم.
وقال «المرصد» إن قوات النظام ارتكبت صباح الخميس «مجزرة» جديدة ضمن منطقة «خفض التصعيد»، راح ضحيتها 5 بينهم طفل على الأقل وذلك باستهدافها منطقة مسبح في محيط بلدة الفوعة بريف إدلب الشمالي الشرقي، بالقذائف الصاروخية، مشيراً إلى أن القتلى هم عمال يعملون بتكسير الحجر».
وأعلن الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» قبل أيام، عن حصيلة الضحايا من جراء هجمات النظام وروسيا المستمرة على مناطق شمال غربي سوريا خلال النصف الأول من العام الحالي 2021. وقال الدفاع المدني السوري في بيان له: «إن الهجمات أسفرت عن مقتل أكثر من 110 أشخاص، من بينهم 23 طفلاً و19 امرأة، إضافة إلى متطوعين من الدفاع المدني، في حين تمكنت الفرق من إنقاذ 296 شخصاً، بينهم 52 طفلاً تحت سن الـ(14)، و11 متطوعاً في الدفاع المدني».
وقال ناشطون في ريف حلب الشمالي إن اثنين من قوات «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة قتلا وجرح آخرون جراء عملية تسلل قامت بها مجموعات تابعة لـ«مجلس منبج العسكري» التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، استهدفت خلالها نقاط عسكرية في قرية الجطل على محور الغندورة بريف منبج شمال حلب، كما أصيب 5 منهم بجراح متفاوتة مما يرشح ارتفاع حصيلة القتلى.
وكانت دارت اشتباكات عنيفة بين «الجيش الوطني السوري» من جهة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة ثانية، الثلاثاء، إثر محاولة تسلل فاشلة لقوات الأخيرة على محور بصلحايا، بريف حلب الشمالي، والخاضعة لمنطقة العمليات التركية «درع الفرات»، شمال سوريا، حيث قتل عدد من عناصر «قسد»، وتدمير مدفع رشاش.
ويذكر أن مناطق التماس بين «الجيش الوطني السوري» وقوات سوريا الديمقراطية في شمال حلب وشرق الفرات، تشهد بشكل مستمر عمليات تسلل لكلا الطرفين على مواقع الآخر، بالإضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي المتبادل بين الطرفين، دون تحقيق أي تقدم، أو تغير في خارطة السيطرة على الأرض.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».