شانون... الرجل الذي صنع عصرنا المعلوماتي

كان شخصية نادرة يصعب إيجاد مثيل لها بين علماء آخرين

كلود شانون
كلود شانون
TT

شانون... الرجل الذي صنع عصرنا المعلوماتي

كلود شانون
كلود شانون

لو سألنا كثيراً من مواطني هذا العصر، في أماكن مختلفة من هذا العالم: من ترونه ممثلاً حقيقياً لعصرنا الرقمي؟ فأظن أن معظم الإجابات ستختار واحداً أو أكثر من الأسماء التالية: بل غيتس، إيلون ماسك، ستيف جوبز، لاري بيج،... إلخ. ليس هؤلاء بمعذورين عن نمطية إجاباتهم لأنهم في النهاية يتلقون خبراتهم من المعلومات السائدة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي تحرص على معاملة هذه الأسماء معاملة النجوم السينمائيين وكبار الكتاب المشهورين. المسألة في نهاية المطاف مسألة دعاية وعلاقات عامة، وسيادة المعلومة المجانية حتى لو كانت غير دقيقة أو تنتمي لفئة الأخبار الزائفة (Fake News) التي صارت معلماً من معالم عصر ما بعد الحقيقة (Post – Truth).
لكن العارفين الحقيقيين بتفاصيل التطور المفاهيمي للأفكار والنظريات التي صارت مصنعات تقنية سائدة في وقتنا الحاضر يعرفون أن صانعي العصر الرقمي إنما كانوا أسماء ربما غلفها النسيان، أو في الأقل لم يعد معظم مستخدمي التقنيات الرقمية المتقدمة من الأجيال الشابة يعرفون عنها شيئًا، ويأتي كلود شانون (Claude Shannon) في مقدمة تلك الأسماء.
يسعى العلم وراء القوانين الأساسية في الطبيعة، وتسعى الرياضيات وراء مبرهنات جديدة تُبنى على مبرهنات قديمة، وتسعى الهندسة لبناء منظومات تفي بالاحتياجات البشرية المستجدة. هذه المساعي الثلاثة متداخلة التأثير فيما بينها، وإن كانت متميزة بذاتها، وثمة حالات نادرة يتمكن فيها شخص بمفرده من تحقيق إنجازات أساسية في الحقول الثلاثة بطريقة متزامنة. كلود شانون أحد هؤلاء النادرين، فقد كان شخصية نادرة يصعب إيجاد مثيل لها بين علماء آخرين.
ولو تجاوزنا حقيقة أن شانون كان الموضوع الأساسي الذي تناوله وثائقي حديث عنوانه «اللاعب مع الوحدات المعلوماتية الصغيرة» (The Bit Player)، وأنه كان شخصاً مثل عمله وفلسفته البحثية مصدر إلهام للمسار المهني الشخصي لكثيرين منا، فإن شانون ليس بالاسم الشائع المعروف بين أوساط الناس، وهو لم ينَلْ جائزة نوبل أبدًا عن أي من منجزاته العلمية الكبيرة، ولم يكن نجماً يحتفي الناس به أينما حل في العالم، مثل ألبرت آينشتاين أو ريتشارد فاينمان؛ فقط ظل شخصاً لا تُسلط الأضواء عليه، سواء قبل مماته عام 2001 أو بعد ذلك التاريخ، لكن هذا الرجل الاستثنائي استطاع قبل نحو سبعين سنة من اليوم، بواسطة مادة بحثية واحدة ذات تأثير ثوري مثّل انعطافة مفصلية في ميدانه، وضع أسس البنية التحتية لكامل قطاع الاتصالات الذي صار عماد العصر المعلوماتي الحديث.
وُلِد شانون في بلدة غايلورد في ولاية ميشيغان الأميركية عام 1916 لأب يعمل رجل أعمال محلي ضمن حدود بلدته، وأم تعمل معلمة. وبعد تخرجه من جامعة ميشيغان بشهادتين جامعيتين: واحدة في الهندسة الكهربائية، والأخرى في الرياضيات، كتب شانون أطروحة ماجستير في معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT)، طبق فيها مبادئ الصياغة الرياضياتية لما يسمى «الجبر البولياني» (Boolean Algebra) في دراسة تحليل وتركيب «الدوائر المفتاحية» (Switching Circuits). وقد مثّلت أطروحة شانون مفصلاً انعطافياً حقيقياً استطاع فيه تحويل تصميم الدوائر الكهربائية من فن حدسي إلى علم حقيقي، وتسود اليوم قناعة راسخة بأن عمل شانون هذا كان بداية الشروع في تطوير تصميم الدوائر الرقمية. ثم شرع شانون عقب ذلك في تركيز بؤرة رؤاه الواعدة نحو هدف أكبر: الاتصال.
الاتصال هو أحد الحاجات البشرية الأساسية، إذ منذ عهد إشارات الدخان، مروراً بالحمام الزاجل، حتى عهد التليفون والتلفاز، سعى البشر دوماً وراء طرائق تمكنهم من الاتصال فيما بينهم لمسافات أطول، بأزمان أسرع ووسائل أكثر موثوقية واعتمادية، لكن هندسة منظومات الاتصال كانت دائماً مقيدة بمحددات الوسائط المادية المشتركة في الاتصال. تساءل شانون: هل ثمة نظرية موحدة كبرى للاتصال؟ وفي رسالة وجهها شانون عام 1939 إلى أستاذهِ المشرف عليه فانيفار بوش (Vannevar Bush)، قام بتأشير النقاط المفصلية لما سماه «الخواص الأساسية للمنظومات العامة لنقل المعلومات». وبعد أن عمل على هذه المعضلة لما يقارب العقد من الزمن، نشر شانون عام 1948 ورقته البحثية التي تعدُّ العمل الأفخم (Masterpiece) بين أعماله، وكانت بعنوان «نظرية رياضياتية للاتصال».
في الكتاب المعنون «عقلٌ لا يهدأ» (A Mind at Play)، المنشور عام 2017، يخبرنا المؤلفان: الصحافي جيمي سوني، والمنظر السياسي روب غودمان، عن سيرة شانون بطريقة شغوفة من منظور القارئ العادي الذي يسعى بجهد حثيث لمعرفة أفكار شانون. الكتاب -كما يخبرنا مؤلفاه في مقدمته- موجه نحو هؤلاء الساعين لمعرفة مزيد من تفاصيل حياة شانون، واهتماماته الكثيرة التي كان لها تأثيرها الكبير في صياغة شكل العصر المعلوماتي الذي نعيشه اليوم.
وقد أنجز مؤلفا هذه السيرة عملاً بحثياً مرهقاً تطلبه هذا الكتاب، وهذا شيء يستشعره القارئ من كم التفاصيل الدقيقة الواردة في الكتاب، حيث يقدم المؤلفان صورة دقيقة للتطور الفكري لشخصية شانون، في سياق يفهم معه القارئ كيف تناغم هذا التطور الشخصي مع انبثاق عصر الحوسبة والاتصالات. نقرأ في الكتاب عن تفاصيل حياة والدَي شانون: كان والده قاضياً لبرهة من الزمن، ثم أصبح رجل أعمال؛ أما والدته، فكانت معلمة لغات ومديرة مدرسة ثانوية. ثم يتناول المؤلفان حياة شانون المدرسية والجامعية والمهنية الأكاديمية التي قادته إلى تطوير علاقات وثقى مع كبار العلماء وقادة عصر المعلومات والحاسوب في عصره: ألبرت آينشتاين، فانيفار بوش، جون فون نيومان، آلان تورنغ،... إلخ، فضلاً عن علماء كبار في معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) ومختبرات بِلْ في نيوجيرسي. وثمة تفصيل كبير تقصّد فيه المؤلفان شرح حيثيات واقعة التقاء شانون مع جون فون نيومان للمرة الأولى في معهد الدراسات المتقدمة عام 1940. والمعروف عن فون نيومان أنه أحد العقول الريادية العملاقة في مضامير كثيرة من البحث العلمي، ومنها تصميم الحاسوب. وقد استمتع شانون كثيراً في إقامته بمعهد الدراسات المتقدّمة، وكانت له جولات نقاشية ممتعة كثيرة مع عالميْن كبيرَيْن في هذا المعهد: الفيزيائي ذائع الصيت ألبرت آينشتاين، والرياضياتي عالم المنطق كورت غودل صاحب مبرهنة اللااكتمال الشهيرة المعروفة باسمه.
الفصل الذي خصصه المؤلفان لشانون أستاذاً قضى كل حياته الأكاديمية في قسمي الرياضيات والهندسة الكهربائية بمعهد ماساتشوستس للتقنية وجدته أمتع فصول الكتاب لسببين: الأول أن شانون طور علاقات أكاديمية وإنسانية راقية مع بعض أفضل العقول العلمية في العالم (منهم نوربرت فينر على سبيل المثال)، والسبب الثاني أن كثيراً من طلبة شانون صاروا علامات مضيئة في التاريخ العلمي والتقني العالمي، ولا بأس من إيراد بعض الأمثلة: عالم الحاسوب ليونارد كلاينروك (Leonard Kleinrock) مؤسس شركة «كوالكوم» لتقنيات الرقائق المصغرة، وإروين جاكوبز (Irwin Jacobs) الرائد في شبكات الإنترنت الأولى المسماة «آربانت لورنس روبرتس» (Lawrence Roberts)، والمنظر المعلوماتي توماس كيلاث (Thomas Kailath).
يقدم سوني وغودمان في أحد فصول الكتاب وصفاً للطريقة التي ساهم بها شانون في حل بعض المعضلات العملية التي واجهت الجيش الأميركي والحكومة الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية، ومنها مثلاً: كيف السبيل للحصول على مواصلات آمنة عصية على الاختراق من قبل جواسيس العدو، حيث طور شانون خلال هذه المرحلة علاقاته مع آلان تورنغ، العالم البريطاني الذي ترأس مجموعة «بليتشلي بارك» لفك الشفرة الألمانية (Enigma). ويمكن القول إن عمل تورنغ في ميدان الحوسبة، مقترناً مع عمل شانون في ميدان نظرية المعلومات، هما العمودان الأساسيان اللذان قام عليهما علم الحاسوب الحديث.
إن ما يؤسف له حقاً أن «العقل الجميل» الذي كان وراء كل منجزات شانون العلمية الرائدة أصابه داء ألزهايمر، وأورده موارد الحتوف في نهاية المطاف عام 2001.
كتاب «عقل لا يهدأ» غير مترجم إلى العربية حتى اليوم، ومن استطاع قراءته (أو حتى قراءة بعض فصوله في أقل تقدير)، فستكون هذه التجربة مصدر خبرة رائعة له، وسيعرف أن صُناع عصرنا المعلوماتي ليسوا مليارديرات من مطوري الأعمال (على شاكلة بل غيتس، وإيلون ماسك وستيف جوبز)، بل هم علماء يجب علينا معرفة شيء عن سيرتهم الفكرية ومنجزاتهم العلمية، وأظن في هذه المعرفة واجباً يسيراً مما يمكن إدراجه تحت عنوان رد الجميل، والاعتراف بفضائل هذه العقول الاستثنائية.


مقالات ذات صلة

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أسواق 2024: الكتب الأكثر مبيعاً... الخاسرون والرابحون

 «من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
«من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
TT

أسواق 2024: الكتب الأكثر مبيعاً... الخاسرون والرابحون

 «من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
«من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر

ككل نهاية سنة ينشر الإعلام الفرنسي قائمة بالكتب والإصدارات التي سجَّلت أقوى المبيعات على مدار السنة. النتائج تُنشر بناءً على أرقام معاهد الإحصاء المختصة، مثل «إيدستا» أو «داتاليب»، ولكن أيضاً انطلاقاً من الأرقام التي أعلنت عنها دور النشر، وهي لا تأخذ بعين الاعتبار القيمة الأدبية للإصدارات، بل النجاح التجاري فقط، حيث يحدث أن نجد في أسفل القائمة كتباً قيّمة لاقت ترحيب النقاد لكنَّ الإقبال الجماهيري عليها كان ضعيفاً.

من هذا المنظور تُوجت دار نشر «ألبان ميشال» هذه السنة «ملكة للمبيعات»، حيث سجلت بفضل غزارة ونوعية الأعمال التي أشرفت على نشرها هذه السنة، أكبر النجاحات. أول هذه الأعمال كانت رواية «من أجل عيون منى» للكاتب والباحث في تاريخ الفن توماس شيسلر، وهي الرواية التي فاقت منذ صدورها كل التوقعات، إذ حازت اهتماماً إعلامياً واسعاً، كما تُرجمت إلى 32 لغة بما فيها العربية، وبيعت بأكثر من 390 ألف نسخة (أرقام خاصة بفرنسا) وهي تروي قصّة «منى»، طفلة في العاشرة تصاب بتوقف تدريجي للبصر، فيقرر جدها معالجتها على طريقته الخاصة بأن يصطحبها في كل أسبوع إلى أكبر متاحف فرنسا لتتأمل روائع الفن العالمي.

«مذكرات» لجوردن بارديلا

من الأعمال الناجحة أيضاً الرواية الرابعة للكاتبة فاليري بيران «تاتا» وهي بوليسية نفسية تروي قصة كوليت، امرأة مختفية تقوم ابنة أختها بالتحقيق في سبب اختفائها لتكتشف أن لخالتها حياة مزدوجة. هذه الرواية بيعت بأكثر من 250 ألف نسخة وهو نفس الإنجاز الذي وصلت إليه رواية «نادل فندق الريتز» للكاتب فيليب كولين، وهي القّصة الحقيقية لفرانك مايير، أشهرا نادل في باريس إبان حقبة النظام الفيشي. «ألبان ميشال» كانت أيضاً المؤسسة التي نشرت السيرة الذاتية لرئيسة وزراء ألمانيا السابقة أنجيلا ميركل بعنوان «الحرية: الذكريات 1954 - 2021» التي تروي فيها مسيرتها السياسية عبر أكثر من 700 صفحة. ورغم أن الكتاب بيع منه نحو 350 ألف نسخة فإن الإنجاز لم يكن في مستوى توقعات وآمال الناشر على اعتبار أنه دفع أكثر من 400 ألف يورو في مزاد علني خاص (حسب مصادر مجلة «لكسبرس») مقابل الحصول على حقوق النشر، ناهيك بمصاريف الترجمة والدعاية والتوزيع، خصوصاً إذا ما قورن بما حققته دار نشر «فايار» مع الطبعة الفرنسية لمذكرات ميشال أوباما مثلاً، التي بيع منها داخل فرنسا 500 ألف نسخة وأكثر من عشرة ملايين في العالم. سنة 2024 أكدت أيضاً صحة الآراء التي ترى أن الجوائز تسهم في الترويج للكتب ورفع المبيعات، فعلى الرغم من الجدل الكبير بخصوص قضية نشر قصّة سعادة عربان البطلة الحقيقية لـ«الحوريات» لكمال داود دون إذنها، فإن الرواية تمكنت من تحقيق نجاح تجاري كبير منذ صدورها في 15 أغسطس (آب)، إذ بيع منها حتى الآن أكثر من 390 ألف نسخة، متبوعة برواية «جاكاراندا» التي يواصل فيها الكاتب غاييل فاي استكشاف إشكالات المنفى والذاكرة والهويات المتعددة من موطنه رواندا. هذه الرواية كانت تنافس «الحوريات» على جائزة «غونكور» لكنها ختمت السنة بجائزة «رونودو»، وبيع منها أكثر من 250 ألف نسخة، وهي الثانية لفاي بعد ثماني سنوات على صدور عمله الروائي الأول «البلد الصغير». أقل منهما حظاً الكاتبة هيلين غودي، فرغم ترحيب النقاد بعملها وترشحها للقائمة الصغيرة لـ«غونكور» فإن عملها الروائي لم يلقَ الرواج المتوقَّع، حيث لم تَبِعْ من روايتها «الأرخبيل» سوى 4000 نسخة منذ صدورها.

«تاتا» لفاليري بيرن

سنة 2024 تميزت أيضاً بنجاح الكتب السياسية لشخصيات من اليمين المتطرف، أهمها إصدارات تابعة لدار نشر «فايار» التي أصبحت مِلك رجل الأعمال فنسان بولوري المعروف بقربه من تيار اليمين المتطرف. أهم هذه الإصدارات السيرة الذاتية لجوردان برديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، وهي بعنوان «عن ماذا أبحث؟»، حيث لاقت إقبالاً كبيراً وبيع منها 150 ألف نسخة، إضافةً إلى كتاب فيليب دو فيليي، وهو شخصية سياسية محافظة من اليمين المتطرف سجّل كتابه «مبيد الذاكرة» أكثر من 140 ألف نسخة، في الوقت الذي سجلت فيه كتب الشخصيات اليسارية أمثال الرئيس السابق فرانسوا هولاند، وآن هيدالغو، عمدة باريس، فشلاً ذريعاً، حيث بيع من عمل الرئيس السابق 6000 نسخة، و السيدة هيدالغو 250 نسخة فقط.

على أن روايات الجريمة والتشويق تبقى الأكثر شعبية.

على رأس القائمة الرواية البوليسية «حيوان متوحش» للكاتب السويسري جويل ديكير وهي من نوع المغامرات البوليسية، وحازت رواجاً شعبياً كبيراً وبيعت بأكثر من 420 ألف نسخة. تليها الرواية الجديدة لغيوم ميسو «شخص آخر»، وهي من النوع البوليسي أيضاً وبيع منها 390 ألف نسخة.

«فادي الأخ المسروق» لرياض سطوف

ودائماً في عالم الجريمة تَحوَّل الطبيب الشرعي البلجيكي فيليب بوكسو إلى نجم المكتبات الفرانكوفونية بفضل كتب استلهمها من خبرته في تشريح الجثث وأسلوبه المتسم بروح الفكاهة اللاذعة. وقُدرت مبيعات كتابه الأخير «في مواجهة الموت» بـ300 ألف نسخة.

والجديد هذه المرة اقتحام القصص المصوَّرة وسلاسل المانغا بقوة سوق الكتب. حيث نقلت وسائل الإعلام الفرنسية النجاح الساحق الذي سجَّله المؤثر الشاب «أنوكس تاغ» بسلسلة المانغا «الغريزة» أو «أنستا»، (دار نشر «ميشال لافون»)، التي بيع منها 265 ألف نسخة بعد شهرين فقط من صدورها، إضافةً إلى سلسلة الرسوم المصّورة: «أنا فادي... الابن المسروق» للرسّام السوري الفرنسي رياض سطّوف الذي يعد من الأسماء المتعودة على احتلال صدارة قوائم الكتب الأكثر مبيعاً (بيست سيلرز) في فئة القصّص المصورة (بي دي)، فهو معروف بسلسلة «عربي من المستقبل» التي أصدر منها 6 مجلدات، وهي سيرة ذاتية هزلية عن حياته من الطفولة في سوريا وليبيا إلى حياته في المهجر. «عربي من المستقبل» كانت قد حازت بها عدة جوائز منها «الجائزة الكبرى لمهرجان أنغولام» أما السلسلة الجديدة فقد بيع منها أكثر من 350 ألف نسخة.