الجمهوريون يحذرون إيران: أي اتفاق يمكن إبطاله بعد أوباما

البيت الأبيض يتهم أعضاء الكونغرس بتخريب المفاوضات الحالية مع إيران

الجمهوريون يحذرون إيران:  أي اتفاق يمكن إبطاله بعد أوباما
TT

الجمهوريون يحذرون إيران: أي اتفاق يمكن إبطاله بعد أوباما

الجمهوريون يحذرون إيران:  أي اتفاق يمكن إبطاله بعد أوباما

اتهم البيت الأبيض الجمهوريين في الكونغرس بمحاولة تخريب المفاوضات الحالية بين القوى العالمية وإيران حول البرنامج النووي، بعد أن قام 47 عضوا من الحزب الجمهوري بتوجيه رسالة إلى القادة الإيرانيين، مفادها أن أي اتفاق يتم إبرامه مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد يكون اتفاقا «قصير الأجل»، يمكن تغييره وتعديله بعد رحيل الرئيس باراك أوباما من منصبه.
وشدد جوش أرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، أن الرسالة تتعارض بالتأكيد مع الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في المحادثات مع إيران. وقال أرنست: «أود أن أصف هذه الرسالة بأنها ليست سوى الإجراء الأحدث في الاستراتيجية الحزبية الحالية لتقويض هذه المفاوضات وتقويض قدرة الرئيس على إدارة السياسة الخارجية وتعزيز مصالح الأمن القومي لدينا في جميع أنحاء العالم». وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرسالة تلقي بالعراقيل أمام المحادثات وأن الجمهوريين يؤيدون الاندفاع إلى العمل العسكري ضد إيران، وهو ليس في مصلحة الولايات المتحدة. وأكدت إدارة أوباما مرارا أن المفاوضات مع طهران هدفها منع إيران من تصنيع قنبلة نووية. واعترف الرئيس أوباما بالحاجة إلى المزيد من الوقت لاستكمال المفاوضات، وأن التوصل إلى اتفاق هو خيار أكثر فاعلية من الخيارات الأخرى التي تشمل الخيار العسكري لتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية، في حين يتهم الجمهوريون الإدارة الأميركية بإبرام صفقة سيئة من شأنها أن تؤدي إلى إتاحة الفرصة لإيران لتصنيع قنبلة نووية وبدء سباق تسلح نووي في المنطقة، مما يجعل منطقة الشرق الأوسط أكثر خطورة.
وحملت الرسالة المفتوحة التي وقعها 47 عضوا من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين (من إجمالي 54 عضوا جمهوريا بمجلس الشيوخ) تحذيرات للقادة الإيرانيين من التوصل إلى اتفاق لا يوافق عليه الكونغرس. وكان من بين أبرز الموقعين على الرسالة رئيس الغالبية الجمهورية بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، والسيناتور جون ماكين، والسيناتور ماركو روبيو الذي يعد أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة في 2016 عن الحزب الجمهوري، والسيناتور ديفيد فيتر، والسيناتور بيل كاسيدي، بينما لم يشارك السيناتور الجمهوري بوب كروكر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في الرسالة. ويسعى كروكر إلى تقديم مشروع قانون من شأنه أن يدفع بجهود إدارة أوباما للتوصل إلى اتفاق مع إيران يستطيع حصد موافقة الكونغرس.
وقالت الرسالة: «نكتب إليكم لنلفت انتباهكم إلى الصلاحيات في دستورنا، ففي حين يتفاوض الرئيس لعقد الاتفاقات الدولية، فإن الكونغرس يلعب دورا هاما في التصديق عليها، وفي حالة إبرام معاهدة، فإن ذلك يتطلب مصادقة مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين وتصويت أغلبية في مجلس النواب». وتابعت الرسالة: «نحن نعتبر أن أي اتفاق يتعلق ببرنامجكم للسلاح النووي دون أن ينال موافقة الكونغرس وكأنه ليس سوى اتفاق تنفيذي بين الرئيس أوباما وآية الله خامنئي»، في الإشارة إلى المرشد الإيراني.
وحذرت الرسالة من قدرة الكونغرس على أن أي اتفاق قد يكون مؤقتا وإمكانية إلغائه. وقالت: «الرئيس المقبل قد يبطل اتفاقا تنفيذيا من هذا النوع بجرة قلم، كما أن أعضاء الكونغرس الجدد قادرون على تعديل شروطه في أي وقت». ولفت أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون إلى أن ولاية الرئيس أوباما تنتهي في يناير (كانون الثاني) عام 2017 بينما يبقى كثيرون من أعضاء الكونغرس الجمهوريين في مناصبهم لفترة أبعد من ذلك.
وكان وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قد صرح بأن العلاقات الدولية تقوم على الالتزامات والتعهدات الدولية، وليس على أساس القوانين الداخلية في الولايات المتحدة. وشدد على أن أي إلغاء في المستقبل من التزامات الولايات المتحدة، سيكون انتهاكا واضحا للقوانين والتعهدات الدولية، خصوصا أن تلك الالتزامات تتم في إطار قرار مجلس الأمن الدولي وهي نتيجة مفاوضات واتفاق مع 5 دول أخرى من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وقال السيناتور الجمهوري بيل كاسيدي، وهو أحد المدافعين بقوة عن موقف الجمهوريين الرافض للمحادثات مع إيران، في لقاء مع قناة «سي إن إن» الأميركية أن الخطاب لم يكن الغرض منه عرقلة المفاوضات. وأضاف أن الجمهوريين أرسلوا الرسالة بعد تصريحات لعدد من المفاوضين الإيرانيين الذين أعربوا عن الارتباك حول عملية الموافقة على الاتفاقات. وشدد السيناتور كاسيدي على أن إبرام «صفقة جيدة» ستلقى ردا إيجابيا، مشككا في قدرة الإدارة الأميركية على إبرام صفقة جيدة. وقال: «لو كان لدى الكونغرس والشعب الأميركية ثقة في السياسة الخارجية لإدارة أوباما لما أرسلنا هذه الرسالة».
وقبل أسبوعين من انتهاء المدة المحددة للمفاوضات بين القوى الدولية (مجموعة الخمسة زائد واحد) وإيران بحلول 31 من مارس (آذار) الحالي، أعلن الرئيس أوباما، مساء أول من أمس، أنه إذا تعذر التوصل إلى اتفاق مع إيران، فإن بلاده ستغادر طاولة المفاوضات. ومن المرتقب أن يستأنف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، المفاوضات مع ظريف في جنيف يوم 15 مارس المقبل.
وبدوره، هاجم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، رسالة الجمهوريين إلى الإيرانيين ووصفها بأنه صفعة قوية على الوجه للمفاوضات الدبلوماسية للرئيس أوباما.
وقال ريد إنه لم يسبق للكونغرس أن قام بالتدخل بشكل مباشر مع زعماء أجانب يتفاوضون مع الإدارة الأميركية و5 زعماء غربيين آخرين في مفاوضات من شأنها وقف جهود إيران لإنتاج الطاقة النووية للاستخدام العسكري.
وقال ريد: «ليس هذا هو الوقت المناسب للتقليل من الرئيس، وعلينا أن نقوم بنقاش قوي حول السياسية الخارجية، لكن من غير المسبوق لحزب سياسي واحد التدخل بشكل مباشر في مفاوضات دولية بهدف وحيد هو إحراج رئيس الولايات المتحدة». وأكدت السيناتورة الديمقراطية ديان فينشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، أن الرسالة التي وجهها الجمهوريون للقادة الإيرانيين هي «تدخل غير مناسب للغاية وغير مسبوق في حق الرئيس في إدارة الشؤون الخارجية ولا يليق بمجلس الشيوخ». وأضافت: «هذه الرسالة لا تخدم سوى هدف واحد هو تدمير أي مفاوضات جارية للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي في الأيام الأخيرة للمفاوضات».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.