قال حارس مرمى المنتخب الإسباني، أوناي سيمون: «كل مباراة هي مباراة جديدة»، وقد كان محقا تماما في ذلك، فبعد ساعتين من لعب كرة القدم وتسديد المنتخب الإسباني 27 كرة على مرمى منتخب سويسرا، لم تنجح إسبانيا في حسم الأمور، وبالتالي أصبح تحديد المنتخب المتأهل للدور نصف النهائي ليورو 2020 متوقفا على ركلات الترجيح. وقد اعترف حارس المرمى الإسباني بخطئه ضد كرواتيا في دور الستة عشر، قائلا: «لقد عذبت نفسي وشاهدت هذا الهدف ست أو سبع مرات». لكن العذاب هذه المرة كان من نصيب الفريق المنافس، حيث نجح سيمون في التصدي لركلتي جزاء وقيادة منتخب إسبانيا للدور نصف النهائي. ومن المؤكد أن سيمون سيكون أكثر سعادة وهو يعيد مشاهدة لقطات تصديه لركلتي الجزاء أكثر من مرة.
وبمجرد أن أطلق حكم اللقاء صافرة نهاية الشوط الإضافي الثاني، كان النجم السويسري غرانيت تشاكا يقف في منتصف دائرة الملعب بين زملائه ولديهم اعتقاد بأن ضربات الترجيح سوف تبتسم لهم في نهاية المطاف. ولماذا لا ينتابهم هذا الشعور، وهم يلعبون من بداية اللقاء من أجل الوصول إلى ركلات الترجيح؟ وعلاوة على ذلك، فقد فازوا في المباراة السابقة على فرنسا بركلات الترجيح أيضا. لكن ماذا عن إسبانيا؟ حسناً، لقد أضاعت آخر خمس ركلات ترجيح!
والأسوأ من ذلك، أن آخر مرة لعبت فيها إسبانيا في روسيا انتهت بخروجها من البطولة بعد الخسارة بركلات الترجيح، في حين أن سلسلة إهدار ركلات الجزاء الخمسة التي أشرنا إليها بدأت أمام سويسرا في كأس الأمم الأوروبية في نوفمبر الماضي! ففي تلك الليلة أهدر المدافع الإسباني العملاق سيرخيو راموس ركلتي جزاء أمام يان سومر، الرجل الذي تصدى لركلة جزاء من النجم الفرنسي كيليان مبابي في «يورو 2020»، والذي أوقف إسبانيا أيضا في تلك المباراة.
وبالتالي، فإن الحارس السويسري الذي تصدى لما يقرب من ربع ركلات الترجيح التي لعبت ضده، كان يبدو وكأنه سيواصل الصمود حتى النهاية. وما زاد الأمر سوءا للمنتخب الإسباني أن أول لاعب يسدد لمنتخب إسبانيا، وهو سيرخيو بوسكيتس، قد أهدر ركلة الجزاء عندما اصطدمت كرته بالقائم، وهو ما كان يعني أن منتخب إسبانيا قد أهدر آخر ست ركلات ترجيح لعبها في جميع المسابقات. ونجح ماريو غافرانوفيتش في التسجيل ليضع سويسرا في المقدمة ويضع ضغوطا هائلة على منتخب إسبانيا. وهنا جاء الدور على حارس المرمى الإسباني أوناي سيمون، الذي يتميز بالطول الفارع (1.9 متر)، والذي كان يرتدي اللون البرتقالي ويقفز على طول خط المرمى ويبدو من أعلى هذا الملعب ضخما، وبالتالي فمن المؤكد أنه كان يبدو عملاقا لأي لاعب يقف على بُعد 12 ياردة لتسديد ركلة جزاء في مرماه!
وربما كان هذا هو السبب في أن فابيان شير، الذي سدد بقوة أمام فرنسا، قد سدد كرة ضعيفة هذه المرة، وهو الأمر الذي ساعد سيمون على التصدي لها. كما نجح سيمون في التصدي لركلة جزاء أخرى من مانويل أكانجي. ثم شاهد اللاعب السويسري روبين فارغاس وهو يسدد الكرة في العارضة وينهار في البكاء. لكن الأمور لم تنته عند هذا الحد، حيث كان لا يزال يتعين على سيمون الوقوف ومشاهدة زميله في المنتخب الإسباني، ميكيل أويارزابال، وهو يسدد ثاني ركلة جزاء له هذا العام. وفي المرة الأولى، كان سيمون هو من يقف على خط المرمى وفشل في منع أويارزابال من تسجيل الهدف الوحيد في نهائي كأس إسبانيا. لكن المتنافسين بالأمس في أول نهائي من إقليم الباسك في كأس إسبانيا، أصبحا الآن زميلين في منتخب بلادهما، وكان والداهما يجلسان سويا في الرحلة إلى سانت بطرسبورغ لمشاهدة هذه المباراة، وعندما سجل مهاجم ريال سوسيداد ركلة الترجيح توجه مباشرة إلى حارس أتلتيك بلباو للاحتفال معه.
ولم يكن أويارزابال هو وحده من قام بذلك، حيث ركض جميع لاعبي المنتخب الإسباني من منتصف الملعب نحو سيمون بجوار الراية الركنية، وكان سيمون يقف في وسطهم وهو يصرخ فرحا. وإذا كانت نقطة التحول الرئيسية أمام كرواتيا هي تصدي سيمون لهجمة خطيرة نجحت بعدها إسبانيا في العودة للمباراة، فمن المؤكد أن ما قام به سيمون أمام سويسرا كان بمثابة إنجاز أكبر بكثير. لقد امتدح المدير الفني لمنتخب إسبانيا، لويس إنريكي، لاعب التنس العظيم رافائيل نادال ذات مرة واصفا إياه بأنه يملك ذاكرة مثل السمك، أي ينسى بسرعة هائلة أي إخفاق يتعرض له ويبدأ على الفور في العمل من أجل المواجهة التالية، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على سيمون، فهو لا يفكر أبدا فيما مضى ولا يتراجع للخلف، بل يفكر دائما في المستقبل، وهذا هو السبب الذي يجعل أي خطأ يرتكبه وكأنه لم يكن على الإطلاق. فعلى الرغم من الخطأ الفادح الذي ارتكبه سيمون أمام كرواتيا، فإنه استكمل المباراة بتركيز شديد ونجح في نهاية المطاف في قيادة بلاده للوصول إلى الدور التالي. وقال لويس إنريكي عن سيمون: «هذا يُظهر المعدن الذي صُنع منه».
وفور انتهاء مباراة كرواتيا، ألقى سيمون بقميصه على الجماهير. لكن بعد نهاية مباراة سويسرا، ظل محتفظا بقميصه بينما كان ينتظر أن يحصل على جائزة أفضل لاعب في المباراة، وظل يقبل القميص ويقول للجماهير المتحمسة في المدرجات: «هذا من أجلكم». لقد أسعد سيمون هذه الجماهير بقيادة منتخب بلاده للدور نصف النهائي لكأس الأمم الأوروبية، وتألق بشكل لافت للغاية. وقال سيمون بعد نهاية المباراة: «أنا لست البطل: لقد حققنا ذلك سويا». كنا نستحق الفوز قبل أن تتجه المباراة للوقت الإضافي، وكنا نستحق الفوز أيضا خلال الوقت الإضافي، لكن المباراة امتدت لركلات الترجيح. هذه لحظة مبهجة للغاية، وكنت متحمساً جدا ومتأثرا جدا، وكانت لدينا رغبة هائلة في حسم الأمور. لقد كان هناك شيء ما بداخلي يريد ذلك. يتعين عليك أن تمحو أخطاءك وأن تنساها، لكن يتعين عليك أن تنسى لحظات السعادة أيضا وتركز فيما ينتظرك. لقد تعلمت من هذه المباراة درسا مهما، لكن كل مباراة هي مباراة جديدة تماما!».
أوناي سيمون... حارس تألق في حماية عرين إسبانيا
لعب دور البطولة في وصول بلاده إلى المربع الذهبي في {يورو 2020}
أوناي سيمون... حارس تألق في حماية عرين إسبانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة