وزير التجارة الفرنسي: لبنان لم يلتزم الإصلاحات المطلوبة

أكد أن عقوبات ستصدر بحق مسؤولين يعرقلون تشكيل الحكومة

الوزير ريستر مع السفيرة الفرنسية في مرفأ بيروت أمس (أ.ب)
الوزير ريستر مع السفيرة الفرنسية في مرفأ بيروت أمس (أ.ب)
TT

وزير التجارة الفرنسي: لبنان لم يلتزم الإصلاحات المطلوبة

الوزير ريستر مع السفيرة الفرنسية في مرفأ بيروت أمس (أ.ب)
الوزير ريستر مع السفيرة الفرنسية في مرفأ بيروت أمس (أ.ب)

أكّد وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرنك ريستر أنّ فرنسا تحترم التزاماتها تجاه لبنان على عكس السلطة اللبنانية التي لم تلتزم الإصلاحات، مشيرا إلى أنّ هناك عقوبات ستصدر بحق المسؤولين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة، وأنّه يحمل إلى لبنان رسالة مفادها تأكيد الدعم للبنانيين، وتذكير المسؤولين بالوعود التي أطلقوها.
وأشار ريستر خلال جولة له على مرفأ بيروت أنّ بلاده تعمل في الأطر اللوجيستية، وتقوم بالدراسات اللازمة لتأمين عودة الحياة إلى المرفأ بأسرع وقت ممكن، لافتا إلى أنّ فرنسا خصصت 400 مليون يورو لمشروع منطقة الإهراءات في المرفأ، وأنها تقف إلى جانب الشعب اللبناني ولا سيما سكان بيروت والمتضررين من انفجار المرفأ وتعمل على تقديم مساعدات اقتصادية واجتماعية وتعليمية، كما أنها ومنذ اليوم الأول من الانفجار قدمت 85 مليون يورو أعطيت للبنان في العام 2020 كمساعدات في مختلف القطاعات، فضلا عن عمليات ميدانية وأموال خصصت فقط لترميم مرفأ بيروت.
والتقى ريستر الذي وصل إلى بيروت أول من أمس في زيارة استمرت يومين، رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكّد أنّ لبنان يتابع بامتنان الجهود التي يبذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمساعدته على الخروج من أزمته الراهنة.
وقال عون بعد اللقاء إنّ اللبنانيين يقدرون لفرنسا المساعدات التي تقدمها لهم كما يحفظون للرئيس ماكرون مبادراته في المؤتمرات التي عقدت وسوف تعقد من أجل دعم لبنان، ومنها المؤتمر المقرر بداية الشهر المقبل والمخصص لمساعدة الشعب اللبناني.
وأكّد عون على الحاجة لحكومة قادرة من أولى مهماتها إجراء الإصلاحات الضرورية وإزالة العراقيل، مشيرا إلى أنّ التدقيق المالي الجنائي في الحسابات المالية لمصرف لبنان، يعتبر محطة أساسية في مسار الإصلاحات، ولا سيما أن هذا التدقيق كان من المطالب الأولى التي أبداها صندوق النقد الدولي، كما أن المبادرة الفرنسية تضمنت في أول بند منها إجراء تدقيق مالي في هذه الحسابات.
ومن جهتها أشارت السفارة الفرنسية في لبنان إلى أنه سيتم قريبا تنظيم اجتماع جديد لحشد المساعدات الدولية للبنانيين، وأنّ الوزير الفرنسي جدد خلال لقائه عون التأكيد على الحاجة الماسة إلى قيام المسؤولين اللبنانيين بتشكيل حكومة ذات مصداقية وفعالة، تعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة بما يخدم مصلحة لبنان، وبما يتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني.
كما لفتت السفارة إلى أنّ ريستر أكّد استعداد فرنسا للعمل مع شركائها الإقليميين والدوليين، لا سيما بعد الاتفاق المبدئي لمجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في 12 يوليو (تموز) بشأن إنشاء نظام للعقوبات، للضغط على المسؤولين عن التعطيل السياسي، ولتحقيق الخروج من الأزمة، وأنّ المساعدات الاقتصادية والمالية الدولية للبنان لا تزال مشروطة بإطلاق إصلاحات ذات مصداقية.
من جهة أخرى، تعتزم شركة فرنسية خاصة إعادة تدوير أطنان من الحبوب المتروكة في إهراءات مرفأ بيروت منذ انفجار الرابع من أغسطس (آب) الماضي الذي تسبّب بتصدّع أجزاء من الصوامع.
ومن المفترض أن تبدأ شركة «ريسيغروب» بعد حصولها على تمويل من الحكومة الفرنسية بقيمة 1,3 مليون يورو التدوير خلال أسبوع بالتعاون مع شركة مونديس اللبنانية، في وقت ما زالت السلطات اللبنانية عاجزة عن التعامل مع مخلّفات الانفجار وتداعياته داخل المرفأ وخارجه.
وقال المؤسس المشارك للشركة الفرنسية كريستوف دوبوف إنّ من المتوقّع إيجاد كمية حبوب تتراوح بين عشرين وثلاثين ألف طن، وإنه يمكن معالجتها خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر.
وأوضح دوبوف أنّ نصف كمية الحبوب الموجودة والتي اختلطت مع الركام والمعادن ستخضع لعملية فرز عبر غربال صناعي وُضع قرب الإهراءات، مشيرا إلى أنّ الشركة ستحوّل الحبوب إلى سماد يمكن استخدامه مجدداً في الزراعة أو كتربة أو أرضية يمكن السير عليها في الحدائق أو كمواد عازلة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.