محادثات روسية ـ تركية لحل مشكلة المياه شمال شرقي سوريا

رجل يحمل أطفالاً في عربة بريف الحسكة شمال شرقي سوريا يونيو الماضي (أ.ف.ب)
رجل يحمل أطفالاً في عربة بريف الحسكة شمال شرقي سوريا يونيو الماضي (أ.ف.ب)
TT

محادثات روسية ـ تركية لحل مشكلة المياه شمال شرقي سوريا

رجل يحمل أطفالاً في عربة بريف الحسكة شمال شرقي سوريا يونيو الماضي (أ.ف.ب)
رجل يحمل أطفالاً في عربة بريف الحسكة شمال شرقي سوريا يونيو الماضي (أ.ف.ب)

عقد ضباط من الجيش الروسي ومسؤولون أتراك اجتماعاً صباح أمس في مبنى محطة آبار العلوك بريف بلدة رأس العين الشرقي، وبحثوا النقاط العالقة لتطبيق تفاهم بين الجانبين يفضي إلى ضخ مياه الشرب إلى مناطق الإدارة الذاتية، وحصول المناطق الخاضعة لنفوذ الجيش التركي على خدمة الكهرباء.
وقال مصدر رفيع مطلع على سير المباحثات إن الجانب التركي طلب من الوفد الروسي أن تكون حصة مناطق عملية «نبع السلام» الخاضعة للجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية 50 ميغاواط من الكهرباء، مقابل تشغيل كل الآبار الجوفية التي يبلغ عددها 14 بئراً و6 مضخات مائية.
وأكد المصدر أن مسؤولي الإدارة الذاتية كانوا قد نقلوا للوفد الروسي المفاوض أن وارد التيار الكهربائي لمحافظة الحسكة ومناطق الجزيرة كاملة لا يتعدى 20 ميغاواط؛ «وبذلك يكون الشرط التركي تعجيزياً يحول دون التوصل إلى اتفاق لتحييد المنشآت الإنسانية الحيوية عن الصراعات والتجاذبات العسكرية».
إلى ذلك، سير الجيش الأميركي و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» دورية مشتركة في مدينة القامشلي الواقعة شمال شرقي سوريا، جالت في مركز المدينة بعد توقف استمر أشهراً، في وقت تعرضت فيه القوات الأميركية في ريف محافظة دير الزور لسلسة هجمات صاروخية عبر طائرات مسيرة، واتهم مسؤول عسكري في «قوات سوريا الديمقراطية» خلايا موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي بتنفيذ هذه العمليات.
وانطلقت دورية أميركية من قاعدتها العسكرية في منطقة الرميلان النفطية كانت مؤلفة من 4 مدرعات عسكرية، وتوجهت إلى حي جمعايا الذي يقع عند مدخل القامشلي الشرقي، بتغطية جوية من حوامات هليكوبتر حلقت بعلو منخفض على الشريط الحدودي السوري - التركي، وقبل وصولها إلى مركز القامشلي؛ أطلقت الحوامات المرافقة للدورية قنابل تحذيرية فوق المدينة في جزء من آلية التنسيق المشترك بين الجيشين الأميركي والروسي من خلال قناة الاتصال بين واشنطن وموسكو من جهة، وإشارة لتنبيه القوات التركية المتمركزة بالطرف المقابل للحدود لإعلان مكان وجودهم وتحركاتها من جهة ثانية.
ومنذ بداية العام الحالي توقف الجيش الأميركي عن تسيير دوريات عسكرية في هذه المدينة المنقسمة عسكرياً، بعد تصاعد حدة التصادم مع الجيش الروسي والمناوشات العسكرية التي افتعلتها ميليشيات «قوات الدفاع الوطني» الموالية لدمشق، حيث اعترض جنود روس نظراءهم الأميركيين في 20 يونيو (حزيران) الماضي على الطريق الدولية السريعة «M4» عند مدخل بلدة تل تمر في طريق عودتهم إلى القامشلي، ومنعتهم من دخول البلدة بعد نشرها المدرعات في عرض الطريق؛ الأمر الذي أدى إلى انسحاب الدورية الأميركية التي كانت ترافقها سيارة عسكرية تابعة لقوات «قسد».
وقام أهالي قرية تل المها بريف القامشلي باعتراض دورية أميركية في 15 من الشهر الماضي، وهذه القرية خاضعة لسيطرة «ميليشيات الدفاع الوطني» الموالية للأسد، كما رشقت مجموعة من أهالي قرية فرفرة الخاضعة لسيطرة «الدفاع الوطني»، دورية أميركية مشتركة مع «قسد» بالحجارة ومنعوها من دخول القرية وطلبوا المؤازرة من القوات النظامية وعناصر «الدفاع الوطني».
وتتخذ الشرطة العسكرية الروسية مدينة القامشلي نقطة رئيسية لانطلاق قواتها في تسيير الدوريات العسكرية بريفي المنطقة الشرقي والجنوبي وصولاً إلى المناطق الحدودية مع تركيا والعراق، وشيدت فيها قاعدة جوية بالقرب من مطار القامشلي المدني، بينما تتمركز القوات الأميركية في منطقة رميلان النفطية التي تبعد عنها نحو 55 كيلومتراً من جهة الشرق، وتسير دوريات لتفقد حقول النفط والمناطق الحدودية مع العراق لملاحقة خلايا نائمة موالية لتنظيم «داعش» المتطرف، غير أن حالات الصدام بين جنود الجيشين تكررت، وشهدت مناوشات كلامية وصلت إلى حد العراك بالأيدي في بعض الحالات.
إلى ذلك، القوات الأميركية المنتشرة بريف دير الزور الشرقي تعرضت لسلسلة هجمات صاروخية استهدفت موقع حقل «العمر» النفطي الذي يعدّ أكبر قواعد التحالف بسوريا، وحقل «كونيكو» للغاز المجاور، ورجح فرهاد شامي مدير المركز الإعلامي لقوات «قسد» وقوف خلايا نائمة تعمل لصالح عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي وراء تنفيذ الهجوم على قاعدتي «العمر» و«كونيكو». وقال في حديثه: «التحقيقات الأولية تشير إلى أن القصف كان عشوائياً ومن منطقة ليست بعيدة»، وعلى أثره بدأت القوات بدعم من قوات التحالف بتنفيذ حملة أمنية واسعة مشطت المناطق المجاورة، وقال شامي: «مشطنا منطقة العزبة المجاورة التابعة لناحية خشام شمال شرقي دير الزور بحثاً عن مشتبه فيهم متورطين بالوقوف وراء الهجوم».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».